بغية الباحثين:
تهللت اسارير الباحثين الاكاديميين والباحثين عن المعرفة والحقيقة في اواخر السبعينات عندما اعلنت بريطانيا تخفيض الفترة الزمنية التي تمنحها عادة لفتح السرية عن الاغلبية الساحقة من الوثائق والتقارير الحكومية من نصف قرن الى 30 عاما!!...فكيف الان وهي تختصر الانتظار الى بضعة شهور!... انها بالفعل معجزة التكنولوجيا الحديثة التي اختصرت المكان والزمان الى ادنى حد!.
كانت ومازالت تلك الوثائق والمستندات تمثل في رأي الجميع ثروة معرفية ضخمة لفترة زمنية سابقة وعليها تبنى حياة امم وشعوب بأكملها في وقت لاحق، جرت خلالها احداث ووقائع بقيت اسرارها مجهولة للغالبية الساحقة نظرا لكون الحكومات والتابعين لها تتعامل عادة فيما بينها بلغة هي بعيدة جدا عن اللغة التي تتعامل بها مع شعوبها!...هذه اللغة هي التي وصمت السياسة والمتعاملين معها تقليديا بالعار والانغماس بالوحل القذر! هي لغة النفاق بصورته المطلقة.
فيما يتعلق بالفترة الماضية، قد يكون هنالك ضعف عام من اغلبية الشعوب من عدم الاهتمام بكشف الحقائق ولو من جانب قلة من الحكومات ومنها البريطانية بالطبع لكون اغلب المشاركين في صنع تلك الاحداث قد رحلوا من الحياة او فقدوا مناصبهم وبالتالي لم تعد لهم اهمية تذكر...وهذا غير صحيح بالطبع لان جميع شعوب الارض تعيش حاضرها استنادا الى ماضيها ولو جزئيا وبالتالي لو غيرت تلك الحقائق الكثير من الافكار والاراء المبنية خطأ والتي يعتقد بها الكثيرون فأن اسس الرأي والتفكير قد تتغير ومن الواجب على الجميع ان يتبعوا الحقائق الجديدة حتى ولو لم يعيشوا تلك اللحظات المصيرية من تاريخهم...فالبناء على اسس خاطئة سوف يعود بالخطر على ذرية قاطني البيت حتى لو مر على البناء فترة طويلة...اما في الجانب الفكري فأن الخطورة اكثر شدة وحساسية فعليها تبنى عقائد ومبادئ وقيم ونظم حياتية سوف يسير عليها عدد كبير من البشر دون ان يعوا حقيقة الى انها وراثة لأخطاء توارثوها بدون وعي او ادراك...وعليه فأن كل انسان محاسب امام ذاته او مجتمعه او خالقه اذا وقف موقف اللامبالي بأي حجة كانت امام الحقائق الجديدة التي تطرح عليه حتى لو كانت لفترة زمنية بعيدة جدا!.
ويكيليكس العربي:
وامام الثورة التكنولوجية الحديثة التي اعادت رسم خارطة حياتنا مجددا ومن ضمنها سلوكياتنا واسس الوعي الذي يسير عقولنا ونفوسنا،فأن تلك الثورة قد دخلت بلا شك عالم الاعلام من اوسع ابوابه وبكافة وسائله وكلما مر الزمن فأن قيود الاستبداد والفساد المتحكمان فيه تنكسر تباعا!.
بعد ان كان الجميع ينتظرون في بداية كل عام نشر اغلب الوثائق التي يمر عليها 30 عاما او اكثر في بعض البلدان! فأن الغالبية من دول العالم مازالت تفرض القيود على ذلك لكونه مؤثرا على سلطتها الراهنة...ولكن مع ثورة ويكيليكس التي كسرت القيود والاغلال من خلال نخبة اتبعت مبادئها وقيمها الفكرية والانسانية،فأن تلك الفترة الزمنية قد اختصرت الى ادنى مستوى بحيث اصابت تلك الثورة الحاكمين وهم في قوة بطشهم وغطرستهم وهمجيتهم وبينت للجميع المستوى الحقيقي الوضيع لهم!.
اغرب ما في تلك الثورة ان غالبية شعوب العالم العربي بالمقارنة مع شعوب العالم الاخرى ،هي منقسمة الى قسمين في رؤيتها لها وكلاهما يدل على المستوى الثقافي او الاجتماعي المتوارث:
الاولى هي التي لا يهتز لها جفن او ضمير او تتأثر بكل حقيقة جديدة وتقف امامها موقف اللامبالي او الضائع المنشغل عنها بتوافه الحياة!.
الثانية هي التي مازالت تشكك بالنوايا للقائمين على تلك التسريبات وعقولهم مازالت تبحث ضمن دائرة المؤامرة المغلقة او التشكيك بصدق النوايا،في دلالة واضحة على مقدار الانغلاق العقلي والعيش ضمن تأثير النظم الحاكمة والتقاليد البالية حتى ولو كانوا ضدها!...
اذا اهملنا الفئة الاولى التي تعيش على هامش الحياة وفاقدة لابسط مقومات الحياة الحرة الكريمة!...فأن الفئة الثانية التي لا تبحث في مضمون تلك النصوص المسربة ولا بحجم تأثيرها ومخاطرها...الغريب انها تبحث في مباحث هزلية ومحزنة تفقد للمعرفة حقيقتها وجوهرها الداعي الى تحرير الانسان وتطويره!.
مازالت الفئة الثانية تسير في دائرة الشك والاتهام للقائمين بتلك الثورة بدلا من الخوض في نتائج تلك النصوص المسربة التي تفضح المذكورين فيها!.
اذا كنا نضع انفسنا ضمن احدى تلك الفئتين،فذلك عار ابدي او هزيمة وليسميها من يشاء ولو بالتخفيف من وطأتها وعلى اوطاننا السلام من خلال نكبتها بنا!!...
اما اذا وضعنا تحت اعيننا القيمة الحقيقية لتلك النصوص التي كان من المقدر ان ننتظر لعقود من الزمن كي تصل الينا،فأننا وضعنا انفسنا في الطريق الصحيح نحو تصحيح مسارات حياتنا المادية والفكرية.
لم تضع الثورة الاعلامية الجديدة اي حجة بيد المعاندين!بل سلبت منهم كل مقومات المقاومة والجدل!...فالترجمة العربية او بغيرها من اللغات قد انتشرت في كل مكان واصبحت في متناول الجميع!.
من هنا ظهر موقع ويكيليكس العربي الذي يترجم الوثائق الخاصة بالعالم العربي من الموقع الاصلي!...ورابطه التالي:
ولكن كل املنا ان تخرج لنا مواقع ويكيليكس عربية التأسيس والقائمين عليها والمسربين،وهي تمنح للعاملين ضمن مواقعهم فرصة ذهبية لتطهير نفوسهم من العمل مع اجهزة واشخاص يسلبون حقهم الرئيسي في الحياة الحرة الكريمة ويحولونهم الى عبيد فاقدي الوطنية والانسانية وهمهم المال والعيش ضمن دائرة مغلقة معتمة لا يصلها ضوء الشمس والتمتع برؤيتها!...
قد يضرب ويكيليكس ونسخه المتعددة او المترجمة!...ولكن الحقيقة سوف تظهر مجددا بصور مستحدثة ومادام هنالك احرار يرفعون رايتها ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق