المبحث الثاني:
انحدار التضامن السفلي:
القواعد السفلى من المجتمعات التي من المفروض ان تكون اكثر من الانظمة المتصارعة في اتحادها مع الفئات المشابهة لها الموجودة في دول اخرى،نرى العكس في تراجعها الى مستوى كبير ينذر بظاهرة لا مبالاة غريبة!...فالجامع بين الطبقات المسحوقة في العالم الثالث على سبيل المثال اكبر من الجامع بين الطبقات الفوقية الحاكمة التي هي في حالة صراع مستمر لاينتهي فيما بينها ولكنها عند الشدائد تهرع الى مساعدة الخصم بكل السبل والامكانيات المتاحة! وبخاصة في الجوانب العسكرية والمالية ... الجامع المشترك بين الطبقات المسحوقة يستند على المشترك في حالة السحق والنفي والعيش في الهامش مع الاعتقاد بالمثل الانسانية المثلى والتطلع للعيش بسلام وكرامة ورفاهية عادلة مع الشعوب الاخرى ...وهي مثل لاشك في قيمتها المثالية العالية، بينما الجامع في حالة الطبقات الفوقية هي انتهازية لاقيمة لها وتستند على اسس هزيلة لاتدوم بعكس الحالة الاولى،فهو يستند الى حالة الرغبة في الاستحواذ والشك والعداء والخوف المستمر من فقدان الامتيازات الهائلة التي تنعم لها مع الاستخدام المصلحي لكل من يديم عليها تلك الحالة بما في ذلك مبادئ الاديان والنظريات الفكرية المثالية... لاشك ان قوة الاساس في الحالة الاولى هي اقوى وامتن من الحالة الثانية ولكن في حالة التضامن المشترك والرغبة في التفاني والايثار فأن الحالة الثانية هي اقوى واصلب من الاولى ! ظاهرة غريبة حقا...قد يقول قائل ان الطبقات العليا هي متنفذة وبالتالي تستطيع المشاركة وتحت غطاء قانوني يعرف الجميع هزليته! بينما الفئات الشعبية المسحوقة يصعب عليها مساعدة الطبقات والفئات المشابهة لها في شعوب البلدان الاخرى بما في ذلك المساعدات البسيطة التي يصعب تمريرها من جراء التشدد في الاجراءات الامنية! وبذلك يتم الاكتفاء بالمشاركة الوجدانية التي رغم نبلها فأنها لا تنفع الا قليلا في تحسن وضعية الاخر...الجواب على ذلك ان الماضي رغم ضعف الوسائل المتاحة وقدمها فأنه اكثر جمعا في النضال المشترك بين المحرومين في العالم واذا تطورت امكانية الانظمة في قمعها للاخر فأن قابلية اللامنتمين ايضا تطورت الا اذا حصل تطور في اللامبالاة الشعبية التي تصل حد اليأس من مساعدة الاخر ولو وجدانيا!...انها حالة من شيوع الخدر الفكري!...
اما كيف ان التضامن قد انحدر فذلك ما نلاحظه في عدم المشاركة الحقيقية في النضال المشترك والذي كان يصل الى حد التفاني والايثار وخاصة في المشاركة الجسدية في النزاعات الثورية في العقود الاخيرة،فقد حمل لنا التاريخ مثالا رائعا لتلك المشاركات كما نرى في الحرب الاهلية الاسبانية(1936-1939)والتي تصارع الجمهوريون والطبقات اليسارية والفقيرة ضد الملكيون والعسكر وحلفائهم اليمينيون والتي سقط فيها اكثر من مليون ضحية!...ذلك الصراع الذي حمل مثل انسانية رفيعة لم يقف عن الحدود الوطنية الاسبانية بل تعدى ذلك الى مشاركة العالم بجناحيه اليميني واليساري وبكافة الوسائل المتاحة وتعدى الى المشاركة العسكرية والتطوع من شتى شعوب الارض والتي ادت الى سقوط ضحايا من الاتجاهين في تلك الحرب المجنونة التي لم تنتهي الا بسقوط اليسار والجمهوريون وانتصار الفاشية بدعم النظم الفاشية لها وبأمكانيات كبيرة لا يمكن مجارتها كما يجري الان في عالم اليوم!...
وايضا في مثال الثورة الكوبية والتي اشترك فيها المناضل العالمي ارنستو جيفارا الطبيب الارجنتيني (ت1967) الذي لم يجد له من محفز اعظم من المبادئ والقيم الانسانية على القتال ومشاركة الاخرين حتى سقط شهيدا في ارض بوليفيا الغريبة عنه!... وهنالك مناضل عالمي شبيه له وهو فرانز فانون(ت1961)الطبيب صاحب كتاب معذبو الارض الشهير،وهو من جزر الانتيل الغربية الذي قاتل الى جانب الثورة الجزائرية حتى توفي متاثرا بمرض خبيث دون ان يرى النصر قد تحقق للعدالة قبل ان يسلب من جديد من قبل العسكر!...
وهناك امثلة اخرى مثل الحرب الكورية(1950-1953)والتي اشترك العالمين الشيوعي والرأسمالي فيها بمتطوعين وانتهت الى لاشيء برغم دمويتها!...
اما في الشرق الاوسط فقد كانت القضية الفلسطينية خير محفز للمناضلين في سبيل العدالة على القتال بالنفس والمشاركة فيها ،فكانت مشاركة اصحاب تلك المثل العليا من اوروبا واليابان وايران في فترة السبعينيات بالذات!وهي الفترة التي انتشرت بها اساليب الكفاح المسلح العالمي في اوروبا الغربية وامريكا اللاتينية...
بل كانت المشاركات تصل الى حد مقاومة العدو الوطني الذي يكون معتديا بسبب خضوعه لنظام مستبد سلب قراره الوطني،وبالتالي تكون المبادئ والقيم الانسانية والانتماء الديني حافزا اقوى وامتن من الرابطة الوطنية اذا حصل تشوه له او صودرت ارادتها الحرة!،وهذا يمكن ملاحظته في مشاركة عدد كبير من العراقيين المهجرين في ايران في صد آلة صدام العسكرية الهجومية،وقدموا عدد كبير من الضحايا في سبيل المبدأ...
وفي مثال لينين اثناء الحرب العالمية الاولى عندما قبل مساعدة الالمان الذين يحاربون بلاده روسيا في سبيل اسقاط النظام القيصري...
وكذلك مشاركة فرنسيين في النضال الجزائري ضد استعمار بلادهم وامثلة كثيرة اخرى...بينما حصل العكس في مشاركة الكثير من المرتزقة في محاربة شعوبهم في جانب المستعمرين لهم ويمكن ملاحظة في امثلة عديدة مثل مشاركة الهنود ضمن الجيوش البريطانية او المغاربة ضمن الجيوش الفرنسية!...
اما منذ انتشار قيم العولمة منذ انتهاء الحرب الباردة فقد ضعفت تلك المشاركات المباشرة التي كان من المفروض ان تسود وتنتشر اكثر! بينما في المقابل فأن التحالف الحكومي في محاربة المعارضين قد قويت شوكته الى درجة اصبح من شبه المستحيل الانتصار !بينما انحدر المستوى الى الجانب الانساني الوجداني المثالي!...ويمكن ملاحظة نزاعي دار فور والحوثيون كمثالين بارزين على ذلك،فرغم الجرائم البشعة التي ارتكبت في دارفور فأن المشاركة الانسانية قد ضعفت الى درجة عدم اللامبالاة من كافة الشعوب المجاورة بينما نجد ان المشاركة الانسانية قد وصلت اعلى مداها في العالم الغربي!...نعم قد يقول قائل ان ذلك وفق اجندة خاصة بها!...الا ان ذلك القول هو في منتهى الهزالة! فهل ارواح مئات الالاف من الضحايا تستدعي الصمت بدلا من ان يكون هنالك صوتا حرا في تلك الدول ينادي بضرورة التدخل في انقاذ هؤلاء البشر ولو لاسباب انسانية بينما خضعت الشعوب المجاورة والتي تشترك في الدين واللغة والثقافة والتراث المشترك في حالة فريدة من التجاهل واحيانا احتقار الضحايا او الوقوف مع الجلادين والتصدي لكل محاولة تقديمهم للمحاكمات الجزائية!...
المثال الثاني في اليمن وهو فريد من نوعه بسبب تدخل الدول الاقليمية وبوقاحة لامثيل لها في الصراع سواء بصورة مباشرة من قبل السعودية!او الغير مباشرة من قبل الانظمة العربية الاخرى،وكأن الحرب الاجرامية للنظام اليمني غير كافية!حتى يستدعي استخدام اقسى الاسلحة والامكانيات المتاحة في تدمير الثورة الحوثية المستمرة بأمكانياتها البسيطة...وبينما انعدمت المشاركة المباشرة من قبل الفئات المشابهة في العالم لمساعدة هؤلاء فأن ذلك تعدى الى انعدام المشاركة الوجدانية بل ووصل الى حدود مثالية من الانحدار الفكري والاخلاقي عندما ساير الكثيرين بوعي او بدون وعي انظمة الاستبداد حربها الاعلامية لهم!...وهي حالة غريبة يتبين بعضا منها في حالة اللامبالاة الى تفضيل الانتماء المذهبي على الانتماء الانساني والفكري المشترك!بينما في المقابل نجد الحالة المعاكسة في المشاركة الشعبية لتنظيم القاعدة في حربه العالمية ضد الغرب والتي خرجت من واقعها المعلن الى الواقع الحقيقي الذي لاغبار عليه في قتل المخالفين دينيا ومذهبيا وفكريا من الطبقات المسحوقة من الشعوب المسلمة وبطريقة اقرب للوحشية الهمجية التي لاتراعي احدا !...وهذا معناه ان المثل الانسانية الجامعة قد وصلت مستوى متدني في العالم العربي بينما ارتفعت المشاركة التي تستند على اسس متعصبة وفق الدين والمذهب الى مراتب عليا واصبحت مقياسا واقعيا لا يمكن نكرانه الا من خلال تجاهل الحقائق على الارض...ورغم اننا نجد في حالة حزب الله في لبنان شذوذا عن ذلك في محاربته لاسرائيل وفق اسس دينية ووطنية مشتركة فأنه لم يسلم من الطبقات الفوقية والفئات السفلى من المجتمعات العربية الاخرى من هجوم اعلامي يصل الى حدود فقدان اللياقة الاخلاقية ونبل الفروسية في المعاداة وهو نتيجة حتمية في ظل صعود العامل المذهبي كوسيلة من وسائل التخدير المدعومة حكوميا كسلعة ضرورية للعيش!...
رغم ان ظاهرة رفع السلاح والمشاركة فيه قد ضعفت كثيرا بسبب قلة الصراعات في العقود الاخيرة والتي يكون للعوامل الفكرية اساس كبير فيها،الا ان ذلك بقي مستمرا في حالة المشاركة السلمية من جانب الكثير من الطبقات الشعبية في العالم الغربي وخاصة في حالة الدعم الاعلامي والمالي والمساعدات الخيرية بينما انحصر ذلك في العالم الاسلامي ضمن انشطة الحكومات التي تسير وفق انجدتها الخاصة بالطبع بعد ان تدهورت المشاركة الشعبية في الحكم الى ادنى المستويات واصبحت اللامبالاة منتشرة ولو في نطاق المشاركات الانسانية للشعوب المضطهدة الاخرى،وقد يبرر ذلك بأن المضطهد لا يرى الا نفسه في حالاة التعرض للالم!... لكن ذلك من المفروض ان يكون خير محفز ومحرك للعقل ومنشط له في الاستمرار في حالة المقاومة الانسانية الجامعة ومناصرة قضايا المظلومين في العالم...
انحدار التضامن السفلي:
القواعد السفلى من المجتمعات التي من المفروض ان تكون اكثر من الانظمة المتصارعة في اتحادها مع الفئات المشابهة لها الموجودة في دول اخرى،نرى العكس في تراجعها الى مستوى كبير ينذر بظاهرة لا مبالاة غريبة!...فالجامع بين الطبقات المسحوقة في العالم الثالث على سبيل المثال اكبر من الجامع بين الطبقات الفوقية الحاكمة التي هي في حالة صراع مستمر لاينتهي فيما بينها ولكنها عند الشدائد تهرع الى مساعدة الخصم بكل السبل والامكانيات المتاحة! وبخاصة في الجوانب العسكرية والمالية ... الجامع المشترك بين الطبقات المسحوقة يستند على المشترك في حالة السحق والنفي والعيش في الهامش مع الاعتقاد بالمثل الانسانية المثلى والتطلع للعيش بسلام وكرامة ورفاهية عادلة مع الشعوب الاخرى ...وهي مثل لاشك في قيمتها المثالية العالية، بينما الجامع في حالة الطبقات الفوقية هي انتهازية لاقيمة لها وتستند على اسس هزيلة لاتدوم بعكس الحالة الاولى،فهو يستند الى حالة الرغبة في الاستحواذ والشك والعداء والخوف المستمر من فقدان الامتيازات الهائلة التي تنعم لها مع الاستخدام المصلحي لكل من يديم عليها تلك الحالة بما في ذلك مبادئ الاديان والنظريات الفكرية المثالية... لاشك ان قوة الاساس في الحالة الاولى هي اقوى وامتن من الحالة الثانية ولكن في حالة التضامن المشترك والرغبة في التفاني والايثار فأن الحالة الثانية هي اقوى واصلب من الاولى ! ظاهرة غريبة حقا...قد يقول قائل ان الطبقات العليا هي متنفذة وبالتالي تستطيع المشاركة وتحت غطاء قانوني يعرف الجميع هزليته! بينما الفئات الشعبية المسحوقة يصعب عليها مساعدة الطبقات والفئات المشابهة لها في شعوب البلدان الاخرى بما في ذلك المساعدات البسيطة التي يصعب تمريرها من جراء التشدد في الاجراءات الامنية! وبذلك يتم الاكتفاء بالمشاركة الوجدانية التي رغم نبلها فأنها لا تنفع الا قليلا في تحسن وضعية الاخر...الجواب على ذلك ان الماضي رغم ضعف الوسائل المتاحة وقدمها فأنه اكثر جمعا في النضال المشترك بين المحرومين في العالم واذا تطورت امكانية الانظمة في قمعها للاخر فأن قابلية اللامنتمين ايضا تطورت الا اذا حصل تطور في اللامبالاة الشعبية التي تصل حد اليأس من مساعدة الاخر ولو وجدانيا!...انها حالة من شيوع الخدر الفكري!...
اما كيف ان التضامن قد انحدر فذلك ما نلاحظه في عدم المشاركة الحقيقية في النضال المشترك والذي كان يصل الى حد التفاني والايثار وخاصة في المشاركة الجسدية في النزاعات الثورية في العقود الاخيرة،فقد حمل لنا التاريخ مثالا رائعا لتلك المشاركات كما نرى في الحرب الاهلية الاسبانية(1936-1939)والتي تصارع الجمهوريون والطبقات اليسارية والفقيرة ضد الملكيون والعسكر وحلفائهم اليمينيون والتي سقط فيها اكثر من مليون ضحية!...ذلك الصراع الذي حمل مثل انسانية رفيعة لم يقف عن الحدود الوطنية الاسبانية بل تعدى ذلك الى مشاركة العالم بجناحيه اليميني واليساري وبكافة الوسائل المتاحة وتعدى الى المشاركة العسكرية والتطوع من شتى شعوب الارض والتي ادت الى سقوط ضحايا من الاتجاهين في تلك الحرب المجنونة التي لم تنتهي الا بسقوط اليسار والجمهوريون وانتصار الفاشية بدعم النظم الفاشية لها وبأمكانيات كبيرة لا يمكن مجارتها كما يجري الان في عالم اليوم!...
وايضا في مثال الثورة الكوبية والتي اشترك فيها المناضل العالمي ارنستو جيفارا الطبيب الارجنتيني (ت1967) الذي لم يجد له من محفز اعظم من المبادئ والقيم الانسانية على القتال ومشاركة الاخرين حتى سقط شهيدا في ارض بوليفيا الغريبة عنه!... وهنالك مناضل عالمي شبيه له وهو فرانز فانون(ت1961)الطبيب صاحب كتاب معذبو الارض الشهير،وهو من جزر الانتيل الغربية الذي قاتل الى جانب الثورة الجزائرية حتى توفي متاثرا بمرض خبيث دون ان يرى النصر قد تحقق للعدالة قبل ان يسلب من جديد من قبل العسكر!...
وهناك امثلة اخرى مثل الحرب الكورية(1950-1953)والتي اشترك العالمين الشيوعي والرأسمالي فيها بمتطوعين وانتهت الى لاشيء برغم دمويتها!...
اما في الشرق الاوسط فقد كانت القضية الفلسطينية خير محفز للمناضلين في سبيل العدالة على القتال بالنفس والمشاركة فيها ،فكانت مشاركة اصحاب تلك المثل العليا من اوروبا واليابان وايران في فترة السبعينيات بالذات!وهي الفترة التي انتشرت بها اساليب الكفاح المسلح العالمي في اوروبا الغربية وامريكا اللاتينية...
بل كانت المشاركات تصل الى حد مقاومة العدو الوطني الذي يكون معتديا بسبب خضوعه لنظام مستبد سلب قراره الوطني،وبالتالي تكون المبادئ والقيم الانسانية والانتماء الديني حافزا اقوى وامتن من الرابطة الوطنية اذا حصل تشوه له او صودرت ارادتها الحرة!،وهذا يمكن ملاحظته في مشاركة عدد كبير من العراقيين المهجرين في ايران في صد آلة صدام العسكرية الهجومية،وقدموا عدد كبير من الضحايا في سبيل المبدأ...
وفي مثال لينين اثناء الحرب العالمية الاولى عندما قبل مساعدة الالمان الذين يحاربون بلاده روسيا في سبيل اسقاط النظام القيصري...
وكذلك مشاركة فرنسيين في النضال الجزائري ضد استعمار بلادهم وامثلة كثيرة اخرى...بينما حصل العكس في مشاركة الكثير من المرتزقة في محاربة شعوبهم في جانب المستعمرين لهم ويمكن ملاحظة في امثلة عديدة مثل مشاركة الهنود ضمن الجيوش البريطانية او المغاربة ضمن الجيوش الفرنسية!...
اما منذ انتشار قيم العولمة منذ انتهاء الحرب الباردة فقد ضعفت تلك المشاركات المباشرة التي كان من المفروض ان تسود وتنتشر اكثر! بينما في المقابل فأن التحالف الحكومي في محاربة المعارضين قد قويت شوكته الى درجة اصبح من شبه المستحيل الانتصار !بينما انحدر المستوى الى الجانب الانساني الوجداني المثالي!...ويمكن ملاحظة نزاعي دار فور والحوثيون كمثالين بارزين على ذلك،فرغم الجرائم البشعة التي ارتكبت في دارفور فأن المشاركة الانسانية قد ضعفت الى درجة عدم اللامبالاة من كافة الشعوب المجاورة بينما نجد ان المشاركة الانسانية قد وصلت اعلى مداها في العالم الغربي!...نعم قد يقول قائل ان ذلك وفق اجندة خاصة بها!...الا ان ذلك القول هو في منتهى الهزالة! فهل ارواح مئات الالاف من الضحايا تستدعي الصمت بدلا من ان يكون هنالك صوتا حرا في تلك الدول ينادي بضرورة التدخل في انقاذ هؤلاء البشر ولو لاسباب انسانية بينما خضعت الشعوب المجاورة والتي تشترك في الدين واللغة والثقافة والتراث المشترك في حالة فريدة من التجاهل واحيانا احتقار الضحايا او الوقوف مع الجلادين والتصدي لكل محاولة تقديمهم للمحاكمات الجزائية!...
المثال الثاني في اليمن وهو فريد من نوعه بسبب تدخل الدول الاقليمية وبوقاحة لامثيل لها في الصراع سواء بصورة مباشرة من قبل السعودية!او الغير مباشرة من قبل الانظمة العربية الاخرى،وكأن الحرب الاجرامية للنظام اليمني غير كافية!حتى يستدعي استخدام اقسى الاسلحة والامكانيات المتاحة في تدمير الثورة الحوثية المستمرة بأمكانياتها البسيطة...وبينما انعدمت المشاركة المباشرة من قبل الفئات المشابهة في العالم لمساعدة هؤلاء فأن ذلك تعدى الى انعدام المشاركة الوجدانية بل ووصل الى حدود مثالية من الانحدار الفكري والاخلاقي عندما ساير الكثيرين بوعي او بدون وعي انظمة الاستبداد حربها الاعلامية لهم!...وهي حالة غريبة يتبين بعضا منها في حالة اللامبالاة الى تفضيل الانتماء المذهبي على الانتماء الانساني والفكري المشترك!بينما في المقابل نجد الحالة المعاكسة في المشاركة الشعبية لتنظيم القاعدة في حربه العالمية ضد الغرب والتي خرجت من واقعها المعلن الى الواقع الحقيقي الذي لاغبار عليه في قتل المخالفين دينيا ومذهبيا وفكريا من الطبقات المسحوقة من الشعوب المسلمة وبطريقة اقرب للوحشية الهمجية التي لاتراعي احدا !...وهذا معناه ان المثل الانسانية الجامعة قد وصلت مستوى متدني في العالم العربي بينما ارتفعت المشاركة التي تستند على اسس متعصبة وفق الدين والمذهب الى مراتب عليا واصبحت مقياسا واقعيا لا يمكن نكرانه الا من خلال تجاهل الحقائق على الارض...ورغم اننا نجد في حالة حزب الله في لبنان شذوذا عن ذلك في محاربته لاسرائيل وفق اسس دينية ووطنية مشتركة فأنه لم يسلم من الطبقات الفوقية والفئات السفلى من المجتمعات العربية الاخرى من هجوم اعلامي يصل الى حدود فقدان اللياقة الاخلاقية ونبل الفروسية في المعاداة وهو نتيجة حتمية في ظل صعود العامل المذهبي كوسيلة من وسائل التخدير المدعومة حكوميا كسلعة ضرورية للعيش!...
رغم ان ظاهرة رفع السلاح والمشاركة فيه قد ضعفت كثيرا بسبب قلة الصراعات في العقود الاخيرة والتي يكون للعوامل الفكرية اساس كبير فيها،الا ان ذلك بقي مستمرا في حالة المشاركة السلمية من جانب الكثير من الطبقات الشعبية في العالم الغربي وخاصة في حالة الدعم الاعلامي والمالي والمساعدات الخيرية بينما انحصر ذلك في العالم الاسلامي ضمن انشطة الحكومات التي تسير وفق انجدتها الخاصة بالطبع بعد ان تدهورت المشاركة الشعبية في الحكم الى ادنى المستويات واصبحت اللامبالاة منتشرة ولو في نطاق المشاركات الانسانية للشعوب المضطهدة الاخرى،وقد يبرر ذلك بأن المضطهد لا يرى الا نفسه في حالاة التعرض للالم!... لكن ذلك من المفروض ان يكون خير محفز ومحرك للعقل ومنشط له في الاستمرار في حالة المقاومة الانسانية الجامعة ومناصرة قضايا المظلومين في العالم...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق