التاريخ التركي الحديث احتوى على الكثير من التغييرات الفوقية التي قامت بها الطبقات المنتمية تحت لوائها وخاصة المؤسسة العسكرية...
حالات التغيير الفوقي التركية:
حاولت الكثير من المجموعات الدينية والعرقية والسياسية وخاصة اليسار تغيير تلك التشوهات الظاهرة في الحكم والشخصية التركية بعد الحكم الكمالي الذي استغل تحريره البلاد فعمل على قولبة المجتمع بقالبه الفكري الخاص به بقوة القمع والارهاب،الا ان تلك المحاولات من جانب القوى المناهضة رغم نعومتها احيانا جوبهت بقمع وحشي جعل الجميع امام حالتين:اما حمل السلاح والمقاومة العنيفة كما حدث للاكراد واليساريين،وهم بالطبع اقلية! او في حالة الاغلبية التي انقسمت بين مقاومة سلمية او تقبل للامر الواقع كما حدث لشعوب الكتلة الشيوعية القريبة من تركيا،منتظرين الفرصة المناسبة للتغيير سواء داخليا او خارجيا خوفا من السيف المسلط وارهابه الفكري!...
اول المحاولات الحقيقية للتغيير جاءت من مجموعة تنتسب اساسا للحزب الحاكم بعد رحيل اتاتورك،انشقت عنه عام 1945 لتكون حزبا جديدا اشترك في الانتخابات العامة التي حصلت في البلاد عام 1946 بعد بدء الانفراج السياسي الا انهم لم يحصلوا سوى على عدد محدود من المقاعد ،وكانت المجموعة بزعامة عدنان مندريس وجلال بايار،وكانت تحمل فكرا ومنهجا متحررا عن الفكر العلماني المتشدد في تركيا ورغم انهم ليسوا من اسلامي الفكر الا انهم كانوا يميلون الى الانفتاح والتغيير والسماح بالحريات العامة مع التواصل في سياسة التحالف مع الغرب للحافظ على البلاد من التمدد اليساري الذي اجتاح العالم ابان تلك الحقبة الزمنية.
في عام 1950 فاز حزبهم الجديد(الحزب الديمقراطي) بالاغلبية الساحقة في الانتخابات واصبح جلال بايار رئيسا للجمهورية واصبح عدنان مندريس رئيسا للوزراء،وعندها بدؤا العمل بأنتهاج سياسة تختلف عن التطرف القومي العلماني، وهي اساسا غير مهددة للحكم العلماني بل هي داعمة للحكم الديمقراطي من خلال السماح بأبسط الامور التعبدية من قبيل قراءة القرآن والآذان باللغة العربية والتخفيف من القيود على التدريس الديني وغيره،مع التركيز على التنمية الاقتصادية الى غيره من الاجراءات الضرورية للتحديث،وقد استمروا في حكم البلاد لثلاث فترات انتخابية حتى قام الانقلاب الدموي الاول عام 1960 بواسطة المؤسسة العسكرية الكمالية وبتحريض وتأييد من اتباعهم المدنيين في المجتمع والدولة! في نكران واضح لابسط مقومات الديمقراطية في ضرورة الحفاظ على الدستور والحكم المدني المنتخب شعبيا والذين هم غير اسلاميين اساسا! ،وبذلك فقد العلمانيون المسيطرون على تركيا كل احترام وتقدير بعد ان وضعوا على المحك الحقيقي في ضرورة التحكيم الشعبي،واثبتوا للجميع انهم استبدايون لايختلفون عن الكثير من الحركات القومية المتطرفة المعادية للتحضر الحقيقي برغم الادعاء بلبس لباسه!..
كان ذلك الاجراء التعسفي الفوقي الاول في تركيا الجمهورية،وكانت العودة الى الاجراءات القمعية الوحشية هي المؤشر الحقيقي لهمجية الحاكمين الجدد من الجنرالات،وكانت اولى اجراءاتهم هي اعدام رئيس الوزراء عدنان مندريس وزملائه وسجن رئيس الجمهورية في محاكمات صورية سريعة فاقدة للشرعية مع صمت مطبق وتجاهل من قبل العالم الخارجي وخاصة الغرب الموالي!...
ورغم عودة الحكم المدني بعد بضع سنوات الا ان الانقلاب الثاني كان قد حدث عام 1971 وهو موجه بالاساس ضد اليساريين واغلبيتهم من الماركسيين والذين يريدون تغيير الحكم اليميني الى حكم اشتراكي يختلف بالطبع عن نهج الجيش!...
ولم يستمر طويلا حتى عاد الحكم المدني وعادت معه الصراعات المسلحة بين مختلف اجنحة الفكر السياسي في تركيا وخاصة بين القوميين الكماليين واليساريين بصورة رئيسية اما الاسلاميين فكانوا ضعفاء النفوذ بسبب الاجراءات القمعية الطويلة التي طبقت ضدهم،وقد تحول الصراع من سياسي الى دموي حتى وجد العسكر وهم حراس الحكم القومي الكمالي تلك هي فرصة ذهبية للقفز على الحكم من جديد فقاموا بانقلابهم الثالث عام 1980 والذي استمر لغاية عام 1983 وهو تاريخ عودة الحكم المدني ولكن بشروطهم وتحت سيطرتهم من خلال فرض دستور وقوانين لصالحهم ،مما جعل الحكم الحقيقي للبلاد باق بيد المؤسسة العسكرية التركية التي فرضت وصايتها على الشعب التركي من خلال تدخلاتها المستمرة في السياسة وكان من ابرزها اسقاط حكومة الاسلامي نجم الدين اربكان وعودة المدنيين الكماليين بدعم من الجيش،حتى سقوطهم المخزي في الانتخابات العامة عام 2002 والتي اوصلت البلاد الى حافة الانهيار بفضل الفساد المستشري بين صفوف القوميين العلمانيين بالاضافة الى نهجهم الديكتاتوري في الحكم والذي جعل الاغلبية تبتعد عنهم كثيرا بأتجاه الاحزاب الاسلامية المعتدلة واليسارية الاخرى...
حكم البلاد الاسلاميون الجدد منذ عام 2002 بزعامة اردوغان وغول ،وهم معتدلون وحذرون جدا في منهجهم العملي تجنبا لغضب المؤسسة العسكرية! ،وقاموا باجراءات جذرية مختلفة في حكمهم وخاصة في منح المزيد من الحقوق المدنية والدينية واتباع سياسيات اقتصادية جديدة اثمرت تقدما باهرا للبلاد والتي جعلها في خلال 3 سنوات فقط تتمكن من مضاعفة الدخل القومي!وكذلك في اتباع سياسة جديدة تجاه الجيران المسلمين تتمثل في اقامة افضل العلاقات وعلى كافة الاصعدة واخضاع تحالفها المطلق مع الغرب الى مصالحها الاستراتيجية مع العالم الاسلامي،وقد حققت تلك السياسات نفوذا هائلا لتركيا في العالم الاسلامي مع نجاح منقطع النظير في تمتين العلاقات،وكان من اهم ما تميز به قادة الحكم الجديد عن سابقيهم من الكماليين هو النزاهة والابتعاد عن كل مظاهر الفساد مما جعل الناخبون من مختلف الشرائح مستمرون في دعمهم...
لم تحقق الانقلابات العسكرية للعلمانيين الكماليين اي تغيير حقيقي في البلاد،بل دائما تكون كابحا رئيسيا لعجلة التطور،وقد اشتهروا في فسادهم المالي وتخبطهم في السياسات المختلفة وخاصة في الاقتصاد مع الاستمرار في نهج معاداة المحيط الاسلامي الذي هو الحاضنة الحقيقية لتركيا وليست اوروبا التي لها تراث معادي وطويل مع الاتراك،كذلك اشتهروا بقمعهم لمختلف القوميات وخاصة الاكراد والعرب والارمن وغيرهم،مع حرمانهم من ابسط حقوقه المدنية!...وكانت نتائج اعمالهم هي خلاصة الفكر الهزلي الذي يعتقدونه والذي يمتاز بالعنصرية والترفع على الاخرين وخاصة الشعوب التي حكمها الاتراك!...
من خلال التغيير السلمي الديمقراطي في تركيا،حققت البلاد تقدما في كافة الاصعدة وجعلت منها نموذجا جديدا رغم ان المؤسسة العسكرية والتي تمتاز بضخامة عدد افرادها وقسوتها ونفوذها،تشكل خطرا دائما على الديمقراطية في تركيا،مما يعني انه بدون عمل اي اجراءات لتغيير تلك المعادلة وتحجيم قوتهم الى المستوى الطبيعي في اوروبا ، فأنه يصبح الاستقرار الطويل الامد املا بعيد المنال ... بل مصيره مجهولا!...
حالات التغيير الفوقي التركية:
حاولت الكثير من المجموعات الدينية والعرقية والسياسية وخاصة اليسار تغيير تلك التشوهات الظاهرة في الحكم والشخصية التركية بعد الحكم الكمالي الذي استغل تحريره البلاد فعمل على قولبة المجتمع بقالبه الفكري الخاص به بقوة القمع والارهاب،الا ان تلك المحاولات من جانب القوى المناهضة رغم نعومتها احيانا جوبهت بقمع وحشي جعل الجميع امام حالتين:اما حمل السلاح والمقاومة العنيفة كما حدث للاكراد واليساريين،وهم بالطبع اقلية! او في حالة الاغلبية التي انقسمت بين مقاومة سلمية او تقبل للامر الواقع كما حدث لشعوب الكتلة الشيوعية القريبة من تركيا،منتظرين الفرصة المناسبة للتغيير سواء داخليا او خارجيا خوفا من السيف المسلط وارهابه الفكري!...
اول المحاولات الحقيقية للتغيير جاءت من مجموعة تنتسب اساسا للحزب الحاكم بعد رحيل اتاتورك،انشقت عنه عام 1945 لتكون حزبا جديدا اشترك في الانتخابات العامة التي حصلت في البلاد عام 1946 بعد بدء الانفراج السياسي الا انهم لم يحصلوا سوى على عدد محدود من المقاعد ،وكانت المجموعة بزعامة عدنان مندريس وجلال بايار،وكانت تحمل فكرا ومنهجا متحررا عن الفكر العلماني المتشدد في تركيا ورغم انهم ليسوا من اسلامي الفكر الا انهم كانوا يميلون الى الانفتاح والتغيير والسماح بالحريات العامة مع التواصل في سياسة التحالف مع الغرب للحافظ على البلاد من التمدد اليساري الذي اجتاح العالم ابان تلك الحقبة الزمنية.
في عام 1950 فاز حزبهم الجديد(الحزب الديمقراطي) بالاغلبية الساحقة في الانتخابات واصبح جلال بايار رئيسا للجمهورية واصبح عدنان مندريس رئيسا للوزراء،وعندها بدؤا العمل بأنتهاج سياسة تختلف عن التطرف القومي العلماني، وهي اساسا غير مهددة للحكم العلماني بل هي داعمة للحكم الديمقراطي من خلال السماح بأبسط الامور التعبدية من قبيل قراءة القرآن والآذان باللغة العربية والتخفيف من القيود على التدريس الديني وغيره،مع التركيز على التنمية الاقتصادية الى غيره من الاجراءات الضرورية للتحديث،وقد استمروا في حكم البلاد لثلاث فترات انتخابية حتى قام الانقلاب الدموي الاول عام 1960 بواسطة المؤسسة العسكرية الكمالية وبتحريض وتأييد من اتباعهم المدنيين في المجتمع والدولة! في نكران واضح لابسط مقومات الديمقراطية في ضرورة الحفاظ على الدستور والحكم المدني المنتخب شعبيا والذين هم غير اسلاميين اساسا! ،وبذلك فقد العلمانيون المسيطرون على تركيا كل احترام وتقدير بعد ان وضعوا على المحك الحقيقي في ضرورة التحكيم الشعبي،واثبتوا للجميع انهم استبدايون لايختلفون عن الكثير من الحركات القومية المتطرفة المعادية للتحضر الحقيقي برغم الادعاء بلبس لباسه!..
كان ذلك الاجراء التعسفي الفوقي الاول في تركيا الجمهورية،وكانت العودة الى الاجراءات القمعية الوحشية هي المؤشر الحقيقي لهمجية الحاكمين الجدد من الجنرالات،وكانت اولى اجراءاتهم هي اعدام رئيس الوزراء عدنان مندريس وزملائه وسجن رئيس الجمهورية في محاكمات صورية سريعة فاقدة للشرعية مع صمت مطبق وتجاهل من قبل العالم الخارجي وخاصة الغرب الموالي!...
ورغم عودة الحكم المدني بعد بضع سنوات الا ان الانقلاب الثاني كان قد حدث عام 1971 وهو موجه بالاساس ضد اليساريين واغلبيتهم من الماركسيين والذين يريدون تغيير الحكم اليميني الى حكم اشتراكي يختلف بالطبع عن نهج الجيش!...
ولم يستمر طويلا حتى عاد الحكم المدني وعادت معه الصراعات المسلحة بين مختلف اجنحة الفكر السياسي في تركيا وخاصة بين القوميين الكماليين واليساريين بصورة رئيسية اما الاسلاميين فكانوا ضعفاء النفوذ بسبب الاجراءات القمعية الطويلة التي طبقت ضدهم،وقد تحول الصراع من سياسي الى دموي حتى وجد العسكر وهم حراس الحكم القومي الكمالي تلك هي فرصة ذهبية للقفز على الحكم من جديد فقاموا بانقلابهم الثالث عام 1980 والذي استمر لغاية عام 1983 وهو تاريخ عودة الحكم المدني ولكن بشروطهم وتحت سيطرتهم من خلال فرض دستور وقوانين لصالحهم ،مما جعل الحكم الحقيقي للبلاد باق بيد المؤسسة العسكرية التركية التي فرضت وصايتها على الشعب التركي من خلال تدخلاتها المستمرة في السياسة وكان من ابرزها اسقاط حكومة الاسلامي نجم الدين اربكان وعودة المدنيين الكماليين بدعم من الجيش،حتى سقوطهم المخزي في الانتخابات العامة عام 2002 والتي اوصلت البلاد الى حافة الانهيار بفضل الفساد المستشري بين صفوف القوميين العلمانيين بالاضافة الى نهجهم الديكتاتوري في الحكم والذي جعل الاغلبية تبتعد عنهم كثيرا بأتجاه الاحزاب الاسلامية المعتدلة واليسارية الاخرى...
حكم البلاد الاسلاميون الجدد منذ عام 2002 بزعامة اردوغان وغول ،وهم معتدلون وحذرون جدا في منهجهم العملي تجنبا لغضب المؤسسة العسكرية! ،وقاموا باجراءات جذرية مختلفة في حكمهم وخاصة في منح المزيد من الحقوق المدنية والدينية واتباع سياسيات اقتصادية جديدة اثمرت تقدما باهرا للبلاد والتي جعلها في خلال 3 سنوات فقط تتمكن من مضاعفة الدخل القومي!وكذلك في اتباع سياسة جديدة تجاه الجيران المسلمين تتمثل في اقامة افضل العلاقات وعلى كافة الاصعدة واخضاع تحالفها المطلق مع الغرب الى مصالحها الاستراتيجية مع العالم الاسلامي،وقد حققت تلك السياسات نفوذا هائلا لتركيا في العالم الاسلامي مع نجاح منقطع النظير في تمتين العلاقات،وكان من اهم ما تميز به قادة الحكم الجديد عن سابقيهم من الكماليين هو النزاهة والابتعاد عن كل مظاهر الفساد مما جعل الناخبون من مختلف الشرائح مستمرون في دعمهم...
لم تحقق الانقلابات العسكرية للعلمانيين الكماليين اي تغيير حقيقي في البلاد،بل دائما تكون كابحا رئيسيا لعجلة التطور،وقد اشتهروا في فسادهم المالي وتخبطهم في السياسات المختلفة وخاصة في الاقتصاد مع الاستمرار في نهج معاداة المحيط الاسلامي الذي هو الحاضنة الحقيقية لتركيا وليست اوروبا التي لها تراث معادي وطويل مع الاتراك،كذلك اشتهروا بقمعهم لمختلف القوميات وخاصة الاكراد والعرب والارمن وغيرهم،مع حرمانهم من ابسط حقوقه المدنية!...وكانت نتائج اعمالهم هي خلاصة الفكر الهزلي الذي يعتقدونه والذي يمتاز بالعنصرية والترفع على الاخرين وخاصة الشعوب التي حكمها الاتراك!...
من خلال التغيير السلمي الديمقراطي في تركيا،حققت البلاد تقدما في كافة الاصعدة وجعلت منها نموذجا جديدا رغم ان المؤسسة العسكرية والتي تمتاز بضخامة عدد افرادها وقسوتها ونفوذها،تشكل خطرا دائما على الديمقراطية في تركيا،مما يعني انه بدون عمل اي اجراءات لتغيير تلك المعادلة وتحجيم قوتهم الى المستوى الطبيعي في اوروبا ، فأنه يصبح الاستقرار الطويل الامد املا بعيد المنال ... بل مصيره مجهولا!...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق