ج- تركيا:
وهي احدى البلاد الهامة في الشرق الاوسط ،وهي وريثة ماتبقى من الامبراطورية العثمانية التي كانت تشكل مع البلاد العربية لقرون عديدة دولة واحدة تحت حكم سلاطين بني عثمان الذين يحكمون بأسم الخلافة الاسلامية، وكانت عاصمتها اسطنبول ( القسطنطينية سابقا)،وهي جزء من العالم التركي الذي يمتد من شرق الصين ومنغوليا الى اسيا الوسطى مرورا بشمالي ايران والعراق حتى البلقان،ويضم شعوب عديدة تنطق بالتركية بلهجاتها المختلفة وتنتمي الى جمهوريات مختلفة ترتبط برابطة اللغة والاصل...
يتكون شعب تركيا(75 مليون) من خليط غير متجانس من شعوب عديدة تعيش في تركيا الحالية، في حالة مشابهة للبلاد المجاورة مثل ايران والعراق وسوريا وغيرها،ولكن يشكل العنصر التركي اغلبية(70%) مع سيطرته الواضحة على الحكم والمجتمع،والاكراد(22%) والعرب(5%) والالبان (2%) وغيرهم من الشعوب المجاورة لتركيا،والاغلبية الساحقة يتبعون الديانة الاسلامية(98%)، وفق مختلف المذاهب،مع ملاحظة أن الاحصاءات السكانية وبصورة عامة في البلاد الاسلامية لاتعطي معلومات تفصيلة وبدقة حول الانتساب العرقي والمذهبي لاسباب عديدة!...
بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الاولى عام 1918،سلخت منها كل البلاد المرتبطة بها وخاصة في العالم العربي والتي تقلصت ايضا خلال قرون سابقة بعد ان كانت اقوى الامبراطوريات على الارض!،الى ان دب المرض في اوصالها نتيجة الاستبداد والتخلف والتقوقع في داخلهما دون منح فرص للتغيير في عالم يتطور بأستمرار خاصة وانها تجاور القارة الاوروبية التي تحررت من قيود الاستبداد والتخلف والجهل،واصبحت اممها تتسابق في الميادين كافة ومنها ميدان السيطرة العسكرية على مختلف بقاع الارض،مما جعل الاصطدام مع الدولة العثمانية امرا لا مفرا منه بعد ان كانت تحاصر فيينا احدى اهم الحواضر في اوروبا في القرن السابع عشر،تحولت الدولة العثمانية الى ما يطلق عليه لاحقا بأسم الرجل المريض الذي يحاول الاستمرار في الحياة وهو مريض ولكن بدون ادوية ناجعة! فأخذت اقاليمها تسلخ عنها تباعا فكان فقدانها النهائي لامبراطوريتها الشاسعة التي لم يبقى منها بعد الحرب الاولى سوى ما يطلق عليه الان:تركيا!...وبذلك فقدت شمال افريقيا والخليج وشبه الجزيرة العربية وبلاد الشام والعراق والقوقاز وبلاد البلقان وشرق اوروبا! على مراحل عديدة...
نتيجة للاستبداد القاسي الممزوج بتخلف حضاري،لم تحاول الشعوب المنضوية تحت راية الخلافة العثمانية الدفاع عنها(ماعدا الشيعة في العراق الذين حاربوا الى جانبها ضد الغزو البريطاني رغم الاضطهاد الشديد الذي تعرضوا له لمدة اربعة قرون بسبب تلبية نداء الجهاد من علمائهم!) وهي اي الدولة العثمانية،كانت تمثل الوريث الشرعي للخلافة الاسلامية وفق المنظور السني لها وكانت تعتنق المذهب الحنفي لكونه يجيز الخلافة لغير القريشي! عكس المذاهب السنية الثلاث الاخرى مع بقية المذاهب الاسلامية الاخرى،ورغم ان العنصر التركي كان المتحكم بأمور البلاد الا ان الاستعلاء على بقية العناصر الاخرى لم يظهر بصورة واضحة الا من خلال انتشار الافكار القومية التركية المتأثرة بأوروبا والتي ادت بدورها الى انتشار الافكار القومية المضادة للشعوب الاخرى المحكومة!بعد منتصف القرن التاسع عشر الميلادي،ولكن العناصر المنضوية تحت المؤسسة العسكرية ظلت متنوعة العناصر وحاربت الى جانبها الى النهاية،رغم ان بعضهم في فترة الاسر حول ولائه وبصورة غريبة لصالح المعسكر المنتصر في الحرب،بل بعضهم شارك في الثورات العربية في الحجاز وبلاد الشام،ولذلك بقيت نظرة العربي الخائن ماثلة في الفكر التركي وشائعة في الرأي العام رغم انها اخذت تضعف بمرور الزمن!... وفي المقابل بقيت النظرة الشائعة في الفكر العربي والتصور الشعبي حول الترك والدولة العثمانية انها دولة استعمارية غريبة عن العرب ومستبدة ومتخلفة لا تمت للخلافة الاسلامية بصلة،وايضا تلك النظرة بدأت منذ فترة قصيرة بالضعف دون ان تصل الى التلاشي،وقد يعود السبب الرئيسي الى تحسن العلاقات مع تركيا مع تولي الاسلاميين المعتدلين للسلطة منذ عام 2002.
بعد هزيمتها المنكرة في الحرب، دخلت جيوش الحلفاء اراضي الدولة العثمانية واصبحت البلاد ممزقة ولم يكن للسلطان وحكومته اي سيطرة على البلاد التي تقلصت وتشكل الاناضول القسم الاكبر منها،وكانت تلك الفرصة الذهبية لليونانيين اعداء الاتراك التقليديين للانتقام والاستحواذ على البلاد من جديد بعد ان ازالوا العثمانيين الدولة البيزنطية وعاصمتها القسطنطينية التي تحول اسمها الى اسلامبول ثم تحور الى الاسم الحالي اسطنبول!...ولم يكن بأستطاعة الدولة وبقايا اجهزتها التنفيذية الحفاظ على الامن في البلاد ومقاومة جيوش الحلفاء الغازية والتي احتلت معظم ارجاء البلاد،حتى ظهر الضابط المشهور مصطفى كمال(1881-1938) الملقب بأتاتورك اي ابو الاتراك ،وهو احد الضباط المشهورين بذكائهم وشجاعتهم في الحرب الاولى والذي قاد جيوش السلطنة المتهالكة الى عدة انتصارات في عدة اماكن وخاصة في شبه جزيرة غاليبولي عام1915 وغيرها من الجبهات الاخرى...تحرك هذا الضابط بمعية مجموعة من الضباط والجنود وقاد تمردا عسكريا عام 1919 واخذ يشن الحروب على جيوش الحلفاء الغازية ،واستطاع ان يجمع عدد كبير من بقايا الجيوش العثمانية تحت قيادته التي امتازت بالشجاعة والجرأة والتخطيط، فحقق الانتصارات المتتالية بحيث استطاع في بضع سنوات ان يطرد جميع القوات الاجنبية التي هزمت في جميع المعارك والتي آثرت ترك البلاد بعد تلك الهزائم المنكرة حتى عقدت اتفاقية لوزان مع الحلفاء عام 1923 التي انهت الحروب واسست لعلاقة متينة معه بعد الانسحاب الكامل!...وكان اهم الخاسرين في تلك الحرب هم اليونانيين الذين فقدوا كل بقايا عنصرهم الذي يعيش في البلاد منذ قرون عديدة،فطرد على اثرها اكثر من مليون ونصف يوناني والتي ردت اليونان بالمقابل بطرد نصف مليون تركي مقيمين في اراضيها(هذه الحروب دائما تترك بصماتها على الابرياء من المدنيين الذين لا ذنب لهم سوى انتسابهم الاسمي للعنصر الفائز او المهزوم!) وكذلك الاقليات الاخرى مثل الارمن والاكراد وغيرهم...
بعد النصر الكبير الذي حقق الاستقلال للبلاد،لم يكتفي الضابط اتاتورك الذي اصبح رئيسا للوزراء،فقام بطرد الخليفة العثماني الضعيف وبقية افراد اسرته وقام بألغاء السلطنة العثمانية عام 1923،ثم تطور الامر بعد عام الى الغاء الخلافة الاسلامية بشكل رسمي،وتحولت البلاد الى الحكم الجمهوري...
كان اتاتورك والزمرة التي معه معادية بشكل سافر لكل ما يتعلق بالدولة العثمانية ،وبغباء وحقد كبيرين تطور الامر الى عداء دموي وارهابي وفكري للاسلام في ربط خاطئ بين الدين والخلافة العثمانية!بل وكل ما يتعلق بالدين من دقائق، وبذل اقصى الجهود لفصل الاتراك عن جذورهم الدينية والشرقية بطريقة قد يبررها ابناء ذلك الزمان في تصورهم الا ان ذلك الان وبعد مرور عقود طويلة من الزمن والتجارب الكثيرة والنتائج الصادرة منها،اثبتت ان ذلك ليس خطأ كبيرا فقط وانما جريمة اخلاقية وانسانية ودليل على ضعف ثقافي وفكري مع تخلف واضح في عقلية القائمين بها خاصة وانهم من العسكر الذين يكون تفكيرهم مختص بالامور الدفاعية والامنية اكثر مما هو في الامور الفكرية والتنظيمية ،ولذلك اثبتت التجارب العديدة فشلهم اي العسكر في ادارة شعوبهم في وقت السلم بعكس النجاح البارز في وقت الحرب الذي هو جزء اساسي من وظيفتهم وطبيعة تربيتهم ودراساتهم وتفكيرهم المتعلق بها!...
لقد تصور اركان النظام الكمالي في تركيا ان العلمانية هي السبيل الوحيد لتطوير تركيا واللحاق بالغرب المتفوق،وكان تفكيرهم حول العلمانية شاذا وتطبيقهم مشوها واكثر شذوذا ! وزاد ذلك من الامر سوءا خاصة في ظل استخدامهم لاقبح الوسائل واكثرها اجراما مما جعل نظامهم ارهابيا دمويا بكل معنى الكلمة برغم التضليل الاعلامي الطويل الذي مارسته الدولة التركية ومؤسستها العسكرية التي هي الحاكم الفعلي في البلاد منذ استيلاء ابنها البار مصطفى كمال اتاتورك على السلطة،بحيث اصبح هم تلك المؤسسة الهامة ان تطبق اراء وافكار ذلك الرجل واتباعه رغم وضوح فشلها وجهلها بالحقائق الفكرية والتنظيمية للتطور بدلا من التركيز على المهمة الرئيسية وهي حماية البلاد والامن القومي ،ولذلك بقيت تركيا بلدا متخلفا بكل معنى الكلمة رغم الامور الشكلية من التحرر الديني والاخلاقي الذي عملته بالقوة والارهاب بدعوى انه السبيل الوحيد للتطور! مما شجع على انتشار الفساد بكل ابعاده في صفوف السلطة واتباعها يساعدهم في ذلك القوة الاعلامية وآلة الدولة الاقتصادية والتي جعلت الجميع منذ بداية رحلة حياتهم الطويلة منذ الصغر وحتى انتهائها يسيرون بدرب العبادة المضحكة والمبكية في آن واحد لهذا الفكر الهزيل الذي يدعى الفكر الكمالي!! الذي لايختلف عن الفكر القومي بمختلف مدارسه المختلفة من غربية او عربية بأسسه الفكرية الضعيفة وفقرها التنظيري الى تطبيقاتها الدموية والتدميرية!!...
وهي احدى البلاد الهامة في الشرق الاوسط ،وهي وريثة ماتبقى من الامبراطورية العثمانية التي كانت تشكل مع البلاد العربية لقرون عديدة دولة واحدة تحت حكم سلاطين بني عثمان الذين يحكمون بأسم الخلافة الاسلامية، وكانت عاصمتها اسطنبول ( القسطنطينية سابقا)،وهي جزء من العالم التركي الذي يمتد من شرق الصين ومنغوليا الى اسيا الوسطى مرورا بشمالي ايران والعراق حتى البلقان،ويضم شعوب عديدة تنطق بالتركية بلهجاتها المختلفة وتنتمي الى جمهوريات مختلفة ترتبط برابطة اللغة والاصل...
يتكون شعب تركيا(75 مليون) من خليط غير متجانس من شعوب عديدة تعيش في تركيا الحالية، في حالة مشابهة للبلاد المجاورة مثل ايران والعراق وسوريا وغيرها،ولكن يشكل العنصر التركي اغلبية(70%) مع سيطرته الواضحة على الحكم والمجتمع،والاكراد(22%) والعرب(5%) والالبان (2%) وغيرهم من الشعوب المجاورة لتركيا،والاغلبية الساحقة يتبعون الديانة الاسلامية(98%)، وفق مختلف المذاهب،مع ملاحظة أن الاحصاءات السكانية وبصورة عامة في البلاد الاسلامية لاتعطي معلومات تفصيلة وبدقة حول الانتساب العرقي والمذهبي لاسباب عديدة!...
بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الاولى عام 1918،سلخت منها كل البلاد المرتبطة بها وخاصة في العالم العربي والتي تقلصت ايضا خلال قرون سابقة بعد ان كانت اقوى الامبراطوريات على الارض!،الى ان دب المرض في اوصالها نتيجة الاستبداد والتخلف والتقوقع في داخلهما دون منح فرص للتغيير في عالم يتطور بأستمرار خاصة وانها تجاور القارة الاوروبية التي تحررت من قيود الاستبداد والتخلف والجهل،واصبحت اممها تتسابق في الميادين كافة ومنها ميدان السيطرة العسكرية على مختلف بقاع الارض،مما جعل الاصطدام مع الدولة العثمانية امرا لا مفرا منه بعد ان كانت تحاصر فيينا احدى اهم الحواضر في اوروبا في القرن السابع عشر،تحولت الدولة العثمانية الى ما يطلق عليه لاحقا بأسم الرجل المريض الذي يحاول الاستمرار في الحياة وهو مريض ولكن بدون ادوية ناجعة! فأخذت اقاليمها تسلخ عنها تباعا فكان فقدانها النهائي لامبراطوريتها الشاسعة التي لم يبقى منها بعد الحرب الاولى سوى ما يطلق عليه الان:تركيا!...وبذلك فقدت شمال افريقيا والخليج وشبه الجزيرة العربية وبلاد الشام والعراق والقوقاز وبلاد البلقان وشرق اوروبا! على مراحل عديدة...
نتيجة للاستبداد القاسي الممزوج بتخلف حضاري،لم تحاول الشعوب المنضوية تحت راية الخلافة العثمانية الدفاع عنها(ماعدا الشيعة في العراق الذين حاربوا الى جانبها ضد الغزو البريطاني رغم الاضطهاد الشديد الذي تعرضوا له لمدة اربعة قرون بسبب تلبية نداء الجهاد من علمائهم!) وهي اي الدولة العثمانية،كانت تمثل الوريث الشرعي للخلافة الاسلامية وفق المنظور السني لها وكانت تعتنق المذهب الحنفي لكونه يجيز الخلافة لغير القريشي! عكس المذاهب السنية الثلاث الاخرى مع بقية المذاهب الاسلامية الاخرى،ورغم ان العنصر التركي كان المتحكم بأمور البلاد الا ان الاستعلاء على بقية العناصر الاخرى لم يظهر بصورة واضحة الا من خلال انتشار الافكار القومية التركية المتأثرة بأوروبا والتي ادت بدورها الى انتشار الافكار القومية المضادة للشعوب الاخرى المحكومة!بعد منتصف القرن التاسع عشر الميلادي،ولكن العناصر المنضوية تحت المؤسسة العسكرية ظلت متنوعة العناصر وحاربت الى جانبها الى النهاية،رغم ان بعضهم في فترة الاسر حول ولائه وبصورة غريبة لصالح المعسكر المنتصر في الحرب،بل بعضهم شارك في الثورات العربية في الحجاز وبلاد الشام،ولذلك بقيت نظرة العربي الخائن ماثلة في الفكر التركي وشائعة في الرأي العام رغم انها اخذت تضعف بمرور الزمن!... وفي المقابل بقيت النظرة الشائعة في الفكر العربي والتصور الشعبي حول الترك والدولة العثمانية انها دولة استعمارية غريبة عن العرب ومستبدة ومتخلفة لا تمت للخلافة الاسلامية بصلة،وايضا تلك النظرة بدأت منذ فترة قصيرة بالضعف دون ان تصل الى التلاشي،وقد يعود السبب الرئيسي الى تحسن العلاقات مع تركيا مع تولي الاسلاميين المعتدلين للسلطة منذ عام 2002.
بعد هزيمتها المنكرة في الحرب، دخلت جيوش الحلفاء اراضي الدولة العثمانية واصبحت البلاد ممزقة ولم يكن للسلطان وحكومته اي سيطرة على البلاد التي تقلصت وتشكل الاناضول القسم الاكبر منها،وكانت تلك الفرصة الذهبية لليونانيين اعداء الاتراك التقليديين للانتقام والاستحواذ على البلاد من جديد بعد ان ازالوا العثمانيين الدولة البيزنطية وعاصمتها القسطنطينية التي تحول اسمها الى اسلامبول ثم تحور الى الاسم الحالي اسطنبول!...ولم يكن بأستطاعة الدولة وبقايا اجهزتها التنفيذية الحفاظ على الامن في البلاد ومقاومة جيوش الحلفاء الغازية والتي احتلت معظم ارجاء البلاد،حتى ظهر الضابط المشهور مصطفى كمال(1881-1938) الملقب بأتاتورك اي ابو الاتراك ،وهو احد الضباط المشهورين بذكائهم وشجاعتهم في الحرب الاولى والذي قاد جيوش السلطنة المتهالكة الى عدة انتصارات في عدة اماكن وخاصة في شبه جزيرة غاليبولي عام1915 وغيرها من الجبهات الاخرى...تحرك هذا الضابط بمعية مجموعة من الضباط والجنود وقاد تمردا عسكريا عام 1919 واخذ يشن الحروب على جيوش الحلفاء الغازية ،واستطاع ان يجمع عدد كبير من بقايا الجيوش العثمانية تحت قيادته التي امتازت بالشجاعة والجرأة والتخطيط، فحقق الانتصارات المتتالية بحيث استطاع في بضع سنوات ان يطرد جميع القوات الاجنبية التي هزمت في جميع المعارك والتي آثرت ترك البلاد بعد تلك الهزائم المنكرة حتى عقدت اتفاقية لوزان مع الحلفاء عام 1923 التي انهت الحروب واسست لعلاقة متينة معه بعد الانسحاب الكامل!...وكان اهم الخاسرين في تلك الحرب هم اليونانيين الذين فقدوا كل بقايا عنصرهم الذي يعيش في البلاد منذ قرون عديدة،فطرد على اثرها اكثر من مليون ونصف يوناني والتي ردت اليونان بالمقابل بطرد نصف مليون تركي مقيمين في اراضيها(هذه الحروب دائما تترك بصماتها على الابرياء من المدنيين الذين لا ذنب لهم سوى انتسابهم الاسمي للعنصر الفائز او المهزوم!) وكذلك الاقليات الاخرى مثل الارمن والاكراد وغيرهم...
بعد النصر الكبير الذي حقق الاستقلال للبلاد،لم يكتفي الضابط اتاتورك الذي اصبح رئيسا للوزراء،فقام بطرد الخليفة العثماني الضعيف وبقية افراد اسرته وقام بألغاء السلطنة العثمانية عام 1923،ثم تطور الامر بعد عام الى الغاء الخلافة الاسلامية بشكل رسمي،وتحولت البلاد الى الحكم الجمهوري...
كان اتاتورك والزمرة التي معه معادية بشكل سافر لكل ما يتعلق بالدولة العثمانية ،وبغباء وحقد كبيرين تطور الامر الى عداء دموي وارهابي وفكري للاسلام في ربط خاطئ بين الدين والخلافة العثمانية!بل وكل ما يتعلق بالدين من دقائق، وبذل اقصى الجهود لفصل الاتراك عن جذورهم الدينية والشرقية بطريقة قد يبررها ابناء ذلك الزمان في تصورهم الا ان ذلك الان وبعد مرور عقود طويلة من الزمن والتجارب الكثيرة والنتائج الصادرة منها،اثبتت ان ذلك ليس خطأ كبيرا فقط وانما جريمة اخلاقية وانسانية ودليل على ضعف ثقافي وفكري مع تخلف واضح في عقلية القائمين بها خاصة وانهم من العسكر الذين يكون تفكيرهم مختص بالامور الدفاعية والامنية اكثر مما هو في الامور الفكرية والتنظيمية ،ولذلك اثبتت التجارب العديدة فشلهم اي العسكر في ادارة شعوبهم في وقت السلم بعكس النجاح البارز في وقت الحرب الذي هو جزء اساسي من وظيفتهم وطبيعة تربيتهم ودراساتهم وتفكيرهم المتعلق بها!...
لقد تصور اركان النظام الكمالي في تركيا ان العلمانية هي السبيل الوحيد لتطوير تركيا واللحاق بالغرب المتفوق،وكان تفكيرهم حول العلمانية شاذا وتطبيقهم مشوها واكثر شذوذا ! وزاد ذلك من الامر سوءا خاصة في ظل استخدامهم لاقبح الوسائل واكثرها اجراما مما جعل نظامهم ارهابيا دمويا بكل معنى الكلمة برغم التضليل الاعلامي الطويل الذي مارسته الدولة التركية ومؤسستها العسكرية التي هي الحاكم الفعلي في البلاد منذ استيلاء ابنها البار مصطفى كمال اتاتورك على السلطة،بحيث اصبح هم تلك المؤسسة الهامة ان تطبق اراء وافكار ذلك الرجل واتباعه رغم وضوح فشلها وجهلها بالحقائق الفكرية والتنظيمية للتطور بدلا من التركيز على المهمة الرئيسية وهي حماية البلاد والامن القومي ،ولذلك بقيت تركيا بلدا متخلفا بكل معنى الكلمة رغم الامور الشكلية من التحرر الديني والاخلاقي الذي عملته بالقوة والارهاب بدعوى انه السبيل الوحيد للتطور! مما شجع على انتشار الفساد بكل ابعاده في صفوف السلطة واتباعها يساعدهم في ذلك القوة الاعلامية وآلة الدولة الاقتصادية والتي جعلت الجميع منذ بداية رحلة حياتهم الطويلة منذ الصغر وحتى انتهائها يسيرون بدرب العبادة المضحكة والمبكية في آن واحد لهذا الفكر الهزيل الذي يدعى الفكر الكمالي!! الذي لايختلف عن الفكر القومي بمختلف مدارسه المختلفة من غربية او عربية بأسسه الفكرية الضعيفة وفقرها التنظيري الى تطبيقاتها الدموية والتدميرية!!...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق