احتضنته المرأة التي ربته بلهفة كبيرة وقبلته باشتياق بينما لم يستطع هو إخفاء دموعه التي تساقطت مثل قطرات المطر بعد أعوام طويلة من الفراق. «تيمور الأنفال»، كما يطلق عليه، كان الناجي الوحيد من ضمن عشرات من الأكراد الذين جيء بهم من كردستان لدفنهم في السماوة في مقبرة جماعية في أواخر ثمانينات القرن الماضي إبان النظام الصدامي المقبور لدى تنفيذ عمليات الأنفال.
وعثرت عليه عائلة منذ أكثر من 22 عاما في تلك المدينة الجنوبية وربته كواحد من أبنائها وهو طفل صغير. وعاد تيمور اليوم من الولايات المتحدة إلى السماوة للقاء تلك المرأة التي يعتبرها كوالدته ولكي يشكر أهالي قرية العيشم التي قضى شبابه بين أراضيها وتعلم اللغة العربية فيها.
ولدى وصوله إلى المدينة ذهب إلى لقاء والدته الراقدة في المستشفى قائلا لها «اليوم جئت من أجل أن أزور والدتي الحقيقية التي أنقذتني من الموت وعاشت سنوات عديدة في قلق من حكومة صدام حسين». ولدى رؤيته لوالدته في المستشفى، احتضنها تيمور بكل اشتياق وقبل يدها ناسيا أن هنالك أشخاصا من القرية وأطباء ومسؤولين يرافقونه، وهمس في أذنها قائلا «أمي أنت أصبحت كبيرة في السن»، فتبسمت قليلا متسائلة «ولماذا لم تتزوج أنت لحد الآن؟».
وسرد تيمور حكايته قائلا «كان عمري 10 سنوات عندما سجنت مع عائلتي في سجن طوب زاوار في كركوك وكان حراس السجن يعتدون على النساء بكلام غير لائق، وبقينا 30 يوما في هذا السجن وفي اليوم 31 وبالتحديد في الساعة السادسة صباحا خرجنا من السجن وركبنا سيارات طويلة تشبه سيارات الثلاجات المتنقلة وكان الهواء قليلا ولا يوجد ماء أو طعام مما تسبب في موت فتاتين».
وتابع تيمور «في الساعة السادسة عصرا وصلنا إلى طريق صحراوي فتوقفت السيارات ونزلنا في المنطقة وكان الوقت بعد غروب الشمس، ومن خلال أضواء السيارات شاهدنا حفرا مربعة وبعد عشر دقائق قام الجنود برمي المساجين في الحفر».
وأضاف قائلا والألم يملأ وجهه «بعدها خيم الصمت على المكان فنظرت إلى السماء التي تزينها النجوم فتذكرت قريتي وأصدقائي وقد كان أبي وأمي قريبين مني لكن سرعان ما فتح الجنود نيران أسلحة الكلاشينكوف علينا فأصبت بطلقة في كتفي الأيسر»، وأضاف أنه «بعد برهة توقف الجنود عن إطلاق النار فتوسلت إلى أحدهم بأن يتركونا لأننا أبرياء لم نفعل شيئا ومسكت بيده وبرجليه لكنه قام بضربي وإرجاعي إلى الحفرة وعندئذ استأنف الجنود عملية إطلاق النار وبكثافة لكنني والحمد الله لم أمت».
وتابع يقول «عند عودة الجنود إلى السيارات وجدت بقربي فتاة جميلة وقلت لها اذهبي معي فقالت لي بأنها لا تستطيع ترك أبيها وأمها»، وتابع قائلا «اعذروني كنت صغيرا ولم أستطع إنقاذها فخرجت من الحفرة وزحفت بحذر حتى وجدت حفرة صغيرة فدفنت نفسي وسط التراب عندما سمعت أصوات إطلاقات نارية أخرى وأظنهم كانوا يقتلون أي سجين باق على قيد الحياة».
واسترسل قائلا «خرجت من الحفرة وزحفت لمسافات طويلة خوفا من أن يشاهدوني ولا أعلم إلى أين أتجه، فشاهدت من بعيد شيئا أسود اللون فاقتربت منه وعندها ظهرت 4 أو 5 كلاب مخيفة، لكن سبحان الله فور اقترابها مني وهي تزمجر توقفت فجأة، لقد كان موقفا مخيفا جدا فجاء فتى مناديا والدته التي قامت باحتضاني وألبستني دشداشة عربية بعد حرق ملابسي».
وقال تيمور وهو يتنهد بارتياح «قامت والدتي منذ الصباح الباكر بنقلي من بيتهم إلى إحدى القرى القريبة من المدينة وبقيت هناك لكني لم أكن أتكلم اللغة العربية فكنت أستخدم الإشارات خصوصا إذا زارنا شخص غريب فقد قالت والدتي لأهل القرية بأنني أخرس».
وقال تيمور «بقيت سنتين و8 أشهر في القرية بعدها أخبرت والدتي بأنني أعرف مكان أعمامي في منطقة كلر، والصدفة خدمتني آنذاك بوجود جندي من أقرباء والدتي لديه صديق كردي ساعدني بالوصول إلى أعمامي وبقيت معهم لمدة شهر لكني عدت مرة أخرى إلى القرية وبقيت فيها حتى الغزو العراقي للكويت وعندها خرجت من العراق».
وأوضح تيمور أنا «مدين لأهالي السماوة وإلى والدتي خصوصا التي ضحت من أجلي وعوضتني حنان أمي التي قتلوها مع والدي أمام عيني». أما حكنة دويج أو أم تيمور، كما تحب أن يطلق عليها، فقد روت أحداث تلك الليلة التي عثرت فيها على تيمور قائلة أإنه «في الساعة الثانية عشرة من الليل سمعنا بكاء طفل قرب البيت فناديت ابني خالد الذي خرج فوجد طفلا مجروحا وقد غطت الدماء وجهه وملابسه».
وأضافت قائلة «كان تيمور مرتديا ملابس كردية فخفت من هذه الملابس وقمت بحرقها خوفا من أزلام النظام السابق وعند الصباح أخذت تيمور وذهبت إلى قرية العيشم القريبة من المدينة وقررت العيش فيها». وأشارت «اليوم جاء تيمور وأنا فرحة جدا بلقائه والآن ارتاح بالي وأشعر بالاطمئنان على تيمور فهو بخير ويعيش حياة سعيدة»، وأضافت «أنا أخاف الموت جدا وكانت لي أمنية واحدة وقد تحققت اليوم وأنا أقول للموت أهلا بك لا تخيفني بعد اليوم».
أما خالد الذي عثر على تيمور في تلك الليلة والكلاب تدور بقربه قال «أتعامل مع تيمور كأخ منذ أن عثرت عليه وقد كنت أحرص عليه خصوصا عندما يلعب مع أطفال القرية وكنت دائما أذكره بأن يكون أخرس حتى لا يتعرفوا عليه». وأضاف «أما اليوم فإن لقائي بتيمور يختلف عن اليوم الذي التقيته وسط الخوف والذعر من النظام السابق».
وعثرت عليه عائلة منذ أكثر من 22 عاما في تلك المدينة الجنوبية وربته كواحد من أبنائها وهو طفل صغير. وعاد تيمور اليوم من الولايات المتحدة إلى السماوة للقاء تلك المرأة التي يعتبرها كوالدته ولكي يشكر أهالي قرية العيشم التي قضى شبابه بين أراضيها وتعلم اللغة العربية فيها.
ولدى وصوله إلى المدينة ذهب إلى لقاء والدته الراقدة في المستشفى قائلا لها «اليوم جئت من أجل أن أزور والدتي الحقيقية التي أنقذتني من الموت وعاشت سنوات عديدة في قلق من حكومة صدام حسين». ولدى رؤيته لوالدته في المستشفى، احتضنها تيمور بكل اشتياق وقبل يدها ناسيا أن هنالك أشخاصا من القرية وأطباء ومسؤولين يرافقونه، وهمس في أذنها قائلا «أمي أنت أصبحت كبيرة في السن»، فتبسمت قليلا متسائلة «ولماذا لم تتزوج أنت لحد الآن؟».
وسرد تيمور حكايته قائلا «كان عمري 10 سنوات عندما سجنت مع عائلتي في سجن طوب زاوار في كركوك وكان حراس السجن يعتدون على النساء بكلام غير لائق، وبقينا 30 يوما في هذا السجن وفي اليوم 31 وبالتحديد في الساعة السادسة صباحا خرجنا من السجن وركبنا سيارات طويلة تشبه سيارات الثلاجات المتنقلة وكان الهواء قليلا ولا يوجد ماء أو طعام مما تسبب في موت فتاتين».
وتابع تيمور «في الساعة السادسة عصرا وصلنا إلى طريق صحراوي فتوقفت السيارات ونزلنا في المنطقة وكان الوقت بعد غروب الشمس، ومن خلال أضواء السيارات شاهدنا حفرا مربعة وبعد عشر دقائق قام الجنود برمي المساجين في الحفر».
وأضاف قائلا والألم يملأ وجهه «بعدها خيم الصمت على المكان فنظرت إلى السماء التي تزينها النجوم فتذكرت قريتي وأصدقائي وقد كان أبي وأمي قريبين مني لكن سرعان ما فتح الجنود نيران أسلحة الكلاشينكوف علينا فأصبت بطلقة في كتفي الأيسر»، وأضاف أنه «بعد برهة توقف الجنود عن إطلاق النار فتوسلت إلى أحدهم بأن يتركونا لأننا أبرياء لم نفعل شيئا ومسكت بيده وبرجليه لكنه قام بضربي وإرجاعي إلى الحفرة وعندئذ استأنف الجنود عملية إطلاق النار وبكثافة لكنني والحمد الله لم أمت».
وتابع يقول «عند عودة الجنود إلى السيارات وجدت بقربي فتاة جميلة وقلت لها اذهبي معي فقالت لي بأنها لا تستطيع ترك أبيها وأمها»، وتابع قائلا «اعذروني كنت صغيرا ولم أستطع إنقاذها فخرجت من الحفرة وزحفت بحذر حتى وجدت حفرة صغيرة فدفنت نفسي وسط التراب عندما سمعت أصوات إطلاقات نارية أخرى وأظنهم كانوا يقتلون أي سجين باق على قيد الحياة».
واسترسل قائلا «خرجت من الحفرة وزحفت لمسافات طويلة خوفا من أن يشاهدوني ولا أعلم إلى أين أتجه، فشاهدت من بعيد شيئا أسود اللون فاقتربت منه وعندها ظهرت 4 أو 5 كلاب مخيفة، لكن سبحان الله فور اقترابها مني وهي تزمجر توقفت فجأة، لقد كان موقفا مخيفا جدا فجاء فتى مناديا والدته التي قامت باحتضاني وألبستني دشداشة عربية بعد حرق ملابسي».
وقال تيمور وهو يتنهد بارتياح «قامت والدتي منذ الصباح الباكر بنقلي من بيتهم إلى إحدى القرى القريبة من المدينة وبقيت هناك لكني لم أكن أتكلم اللغة العربية فكنت أستخدم الإشارات خصوصا إذا زارنا شخص غريب فقد قالت والدتي لأهل القرية بأنني أخرس».
وقال تيمور «بقيت سنتين و8 أشهر في القرية بعدها أخبرت والدتي بأنني أعرف مكان أعمامي في منطقة كلر، والصدفة خدمتني آنذاك بوجود جندي من أقرباء والدتي لديه صديق كردي ساعدني بالوصول إلى أعمامي وبقيت معهم لمدة شهر لكني عدت مرة أخرى إلى القرية وبقيت فيها حتى الغزو العراقي للكويت وعندها خرجت من العراق».
وأوضح تيمور أنا «مدين لأهالي السماوة وإلى والدتي خصوصا التي ضحت من أجلي وعوضتني حنان أمي التي قتلوها مع والدي أمام عيني». أما حكنة دويج أو أم تيمور، كما تحب أن يطلق عليها، فقد روت أحداث تلك الليلة التي عثرت فيها على تيمور قائلة أإنه «في الساعة الثانية عشرة من الليل سمعنا بكاء طفل قرب البيت فناديت ابني خالد الذي خرج فوجد طفلا مجروحا وقد غطت الدماء وجهه وملابسه».
وأضافت قائلة «كان تيمور مرتديا ملابس كردية فخفت من هذه الملابس وقمت بحرقها خوفا من أزلام النظام السابق وعند الصباح أخذت تيمور وذهبت إلى قرية العيشم القريبة من المدينة وقررت العيش فيها». وأشارت «اليوم جاء تيمور وأنا فرحة جدا بلقائه والآن ارتاح بالي وأشعر بالاطمئنان على تيمور فهو بخير ويعيش حياة سعيدة»، وأضافت «أنا أخاف الموت جدا وكانت لي أمنية واحدة وقد تحققت اليوم وأنا أقول للموت أهلا بك لا تخيفني بعد اليوم».
أما خالد الذي عثر على تيمور في تلك الليلة والكلاب تدور بقربه قال «أتعامل مع تيمور كأخ منذ أن عثرت عليه وقد كنت أحرص عليه خصوصا عندما يلعب مع أطفال القرية وكنت دائما أذكره بأن يكون أخرس حتى لا يتعرفوا عليه». وأضاف «أما اليوم فإن لقائي بتيمور يختلف عن اليوم الذي التقيته وسط الخوف والذعر من النظام السابق».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق