6 -العراق :
بلد عربي ومسلم يعيش بداخله اكثر من 30 مليون نسمة(2008) في مساحة جغرافية تقع في قلب الشرق الاوسط تشكلت وفق التقسيم البريطاني-الفرنسي لفترة مابعد الحرب العالمية الاولى للتركة العثمانية وهي تختلف عن الامبراطوريات السابقة التي حكمته خلال حقب التاريخ المختلفة،وهو بذلك لايختلف عن البلاد التي تشكلت وفق التقسيم الاستعماري الغربي من حيث استمرارية المشاكل الحدودية وسيطرة فئات حاكمة معينة وتبعية بدرجات مختلفة للنفوذ الغربي في مناطق اخرى من العالم.
يختلف في تكوينه البشري وتنوعه عن الكثير من البلاد العربية الاخرى،ولكن التنوع فيه هو مقارب للتنوع الموجود في سوريا وايران وتركيا واكثر تعقيدا مما هو موجود في لبنان.
من خلال وقوعه في قلب الشرق الاوسط،استوطنت فيه مختلف الاعراق ولكن بعد الفتح الاسلامي،غلب عليه العنصر العربي الذي هو مصدره شبه الجزيرة العربية،وبعد ان اصبح مركز الخلافة العباسية المترامية الاطراف،لم تبقى مجموعة قومية اوعرقية في بلادها المترامية الاطراف الا وكان لها وجودا في العراق لكونه الاقليم الرئيسي الحاكم ،تواجد البقايا يستمر او يضعف حسب الظروف السياسية المختلفة ولذلك فأن نسبة المكونات القومية والدينية والمذهبية تتغير بأستمرار وحسب ظروف البلاد المختلفة وخلال حقب التاريخ المختلفة نتيجة لتوفر امكانيات الاستيطان البشري فيه وخاصة توافر الارض الخصبة والمياه الغزيرة وتنوع اجوائه،والان وحسب تصنيف المتواجدين في داخل البلاد يمكن وضع احصاء نسبي دقيق لمكوناته المختلفة وبهامش ضيق من الخطأ وكالاتي:
العرب 70%...الاكراد 18%...التركمان6%...الكلدان والاشوريون والاقليات المسيحية الصغيرة الاخرى كالارمن والسريان والروم واللاتين 3%...الفرس 2%...الشبك والصابئة واليزيدية واليهود وغيرهم 1%.....
وهنالك نسب مخالفة ناتجة من انتساب بعض افراد القوميات الصغيرة او المغضوب عليهم الى قوميات اخرى وخاصة اثناء حالات عدم الاستقرار السياسي.
وقد يوجد في بعض الاحصائيات نسبة العرب فوق النسبة اعلاه وفي الحقيقة هي ناتجة بالاساس من ان كل مكونات الشعب العراقي تستطيع تكلم العربية بطلاقة لاتتوفر للكثير من العرب انفسهم في خارج العراق وهو ناتج من الامتزاج مع العنصر العربي،ولكن في الحقيقة ينتسب هؤلاء لطوائف غير عربية كما هو حاصل لعلامة اللغة العربية الاول مصطفى جواد(1904-1969)وهو تركماني والعلامة الشهير الاب انستاس ماري الكرملي(1866-1947)وهوسرياني.
اما التقسيم الديني فهو على الشكل التالي...
المسلمون 96%...المسيحيون 3%...الاقليات الاخرى 1%....
والتقسيم الديني يتغير بأستمرار لان حالات التوالد الطبيعي لدى المسلمين تفوق لدى بقية الاقليات الاخرى والتي يفضل بعض افرادها الهجرة للخارج وكانت نسبة المسلمين اقل قبل قرن على سبيل المثال.
اما التقسيم المذهبي فهو على الشكل التالي ولكن لكل القوميات الموجودة بمعنى ان كل مذهب يضم اطياف عرقية مختلفة فمثلا الشيعة يتكونون حسب اهمية النسبة العددية من عرب واكراد وتركمان وفرس وشبك واقليات صغيرة من افغانستان والخليج والقارة الهندية وبقية الاعراق وهذا ينطبق على البقية...كما هو مدرج
الشيعة 63%...السنة 33%...والمسيحيون :ارثوذوكس وكاثوليك وبروتستانت..
وهو ايضا يخضع للتغيير بفضل التقلبات السياسية من خلال التهجير والابادة او حالات التغيير المذهبي وخاصة للقبائل العربية خلال القرون الثلاثة الماضية.
وفيما عدا ذلك يوجد في خارج العراق حوالي 5 ملايين هاجروا او هجروا لاسباب سياسية ودينية ومذهبية وعرقية ومنذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1920،وبدء التهجير باليهود العراقيين بعد قيام دولة اسرائيل عام 1948 وكانوا يشكلون حينها اقلية كبيرة متنفذة يزيد عددهم عن 150 الف او حوالي 3.5%من تعداد السكان حينذاك،ولكن جرى تسفيرهم بالقوة مثل بقية الدول العربية الاخرى في اجراءات همجية ولا انسانية تنم عن غباء سياسي واضح!...ثم تلا ذلك هجرة المسيحيون لاسباب مختلفة واغلبها من عدم الاستقرار السياسي،ثم الشيعة وبمختلف مكوناتهم العرقية ومنذ انقلاب البعث الاول عام 1963،وعلى شكل موجات صغيرة ثم تحولت الى بشرية هائلة بعد الانقلاب الثاني عام 1968بدأت صغيرة عام 1969ثم كبرى في عام 1971،ثم في موجة ثانية عامي 1974-1975 وشملت الاكراد ايضا ثم الموجة الكبرى عامي 1979-1980 وبعد عام 1991 بدأت الهجرة الكبرى لكل الاطياف ولكن اغلبيتها بقيت من الشيعة ثم الاقليات الاخرى الصغيرة بفارق كبير،ثم بعد عام 2003 والتي بدأ السنة العرب بالخروج من العراق نتيجة فقدان الحكم والخوف من الانتقام،ولكن التقسيم الديني والمذهبي والقومي،يختلف في خارج العراق عن داخله،فالنسبة الاكبر للشيعة ثم المسيحيون بعد ان كان الاكراد في الدرجة الثانية والذين انخفضت نسبتهم بعد استقرار مناطقهم منذ عام 1991....التقسيم السابق لاطياف الشعب العراقي يعطينا فكرة واضحة عن التاريخ السياسي للعراق وعن المتغيرات ونتائجها التي حصلت فيه خلال العقود الماضية،وهذا يسهل من استيعاب المعلومات الناتجة من التغييرات الفوقية التي حصلت للانظمة المتعاقبة منذ تأسيس اول سلطة في البلاد عام 1920 وهو التاريخ الذي نبدأ فيه في دراسة التغييرات الفوقية فيه بمعزل عن الحقب التاريخية السابقة لغاية عام 2003 وهو العام الذي انتهى فيه الحكم الاستبدادي بتغيير جذري ليس له علاقة بالتغيير الفوقي رغم انه من قوى خارجية غازية.
تأسيس الحكم الوطني(حكم الاقلية):
بداية تأسيس الحكم وفق الصيغة التي حكمت العراق بين عامي 1920-2003 هي ليست من نتاج محلي خالص بل من مصدرخارجي وبالتحديد من حكومة التاج البريطاني وهذه الصيغة هي المعروفة بحكم الاقلية والتي تمثل طريقة استعمارية بارعة للبقاء في البلاد التي ينتهي فيها حكمها المباشر، فحكم الاقلية دائما يكون معرضا للخطر ومحتاجا للدعم الخارجي في مواجهة الاغلبية وهذا النوع من الحكم يكون متعارضا مع الديمقراطية بجميع اشكالها لكون ان الخيار الشعبي الحر سوف يؤدي في نهايته الى اسقاط حكم الاقلية بالوسائل السلمية ولذلك نرى انعدام التلائم والتعايش بين جميع نماذج الحكم النخبوي مع الديمقراطية الليبرالية بل وفي وجود تداخل وتتطابق مع كل اشكال الحكم الاستبدادي وخطورة هذا النوع انه يبقي البلاد في حالة من عدم الاستقرار السياسي والذي ينجم عنه بالتأكيد حدوث تدهور على كافة الاصعدة بحيث تهمل التنمية بمعناها الحقيقي ويتم التركيز على الانفاق العسكري والامني نتيجة للخوف المستمر من فقدان السلطة المطلقة والخضوع لحكم الاغلبية والذي توجد له في ذاكرة الاقلية شواهد تاريخية حقيقية وبعضها زائف على فقدان كل الامتيازات او حتى انعدام فرص التكافؤ بين جميع المكونات وبذلك تبقى حالة الشذوذ قائمة الى ان يتم حدوث تغيير جذري يعيد المعادلة الطبيعية السلمية،ولكن تبقى هنالك فوارق كبيرة بين انواع ذلك النوع من الحكم فبقاء حالة التواصل مع الاغلبية ومنحها على الاقل فرص الحياة الكريمة والمحافظة على اشباع حاجاتها الغريزية وبصورة متوازنة هي الوسيلة المثلى للبقاء اطول فترة في الحكم وماعداها في حالة التطرف الاستبدادي الذي يصل حد الابادة الجماعية وامتهان الكرامة البشرية كما حدث في الاتحاد السوفييتي السابق والعراق فأن النهاية الحتمية المتوقعة هي الانهيار بأسرع وقت وبدون توقع مع استغلال ادنى حالات الفلتان الامني ووجود الثغرات في النخبة الحاكمة التي لن تتراجع عن جرائمها مهما طال الزمن بل تزداد طغيانا ودموية!لكون سلوك هذا الطريق غير السوي هو مثل الدخول في مستنقع آسن يصعب الخروج منه!وفي النهاية فأن حكم الاقلية محكوم عليه بالفناء عاجلا ام آجلا مهما كانت الرعاية الخارجية له ومهما ازداد عدد المتملقون والسفهاء من قبل الاغلبية،.
لذلك فأن حكم الاقلية كان صناعة خارجية مع تهاون الاغلبية في العراق في قبول اليسير من الحكم والتعامل بمرونة اكبر مع القوة الاستعمارية العظمى في العالم آنذاك وهي الامبراطورية البريطانية بل الرفض المطلق وهو جاء بعد قيام ثورة العشرين التي قام بها الشيعة في جنوب العراق في 30\6\1920 والتي استمرت لمدة اربعة اشهر بقيادة علماء الدين الشيعة،وهي كانت صدمة ثانية للبريطانيين ليست من ناحية الخسائر المادية والبشرية فحسب،وانما جاءت من قبل اغلبية كان من المفروض ان لاتعارض الانتداب البريطاني الذي حررها من استبداد عثماني مقيت لفترة تزيد عن اربعة قرون!،تعرض خلالها الشيعة الى اضطهاد كبير خاصة فترات الصراع مع الامبراطوريات التي حكمت ايران والتي يتبع شعبها نفس مذهب الاغلبية في العراق،ووصل الاضطهاد الى حد منعهم من العمل في كل مؤسسات الدولة بحيث لم يوجد ضابط شيعي واحد عند سقوط الدولة العثمانية بينما كان هنالك الكثير من الضباط الاكراد الذين يخالفون الاتراك في النهج السياسي! وحرمانهم امتد الى منعهم من فرص التعليم وتنمية مناطقهم التي بقيت متخلفة عن باقي الولايات العثمانية الاخرى،وهذا القول لاينطبق فقط على شيعة العراق بل وعلى كل الشيعة في المناطق الاخرى من الدولة العثمانية ولكن البارز دائما في الدراسات التاريخية والسياسية الحديث عن شيعة العراق باعتبار هم الاغلبية فيه مع وجود الزعامات الدينية في المدن المقدسة والتي يتبعها بقية الشيعة في العالم اجمع،وتلك الصدمة هي الثانية بعد الاولى خلال الحرب العالمية الاولى والتي تصدى الشيعة للغزو البريطاني ووقفوا بشجاعة ونكران للذات مع الدولة العثمانية التي تمقتهم!والتي خذلها العرب السنة سواء في العراق او في الحجاز وبلاد الشام رغم ان الدولة العثمانية عاملتهم كبقية رعاياها ولكن اثر الحكم الاستبدادي والذي تميز بتفضيل العنصر التركي بعد انقلاب الاتحاد والترقي عام 1908 ضد السلطان عبد الحميد الثاني ساعد في تهييج العداء القومي والعرقي للسلطنة العثمانية وخاصة من جانب العرب الذين قاموا بثورات في الحجاز وبلاد الشام ساعد في سرعة انهيارها خلال الحرب العالمية الاولى.
بلد عربي ومسلم يعيش بداخله اكثر من 30 مليون نسمة(2008) في مساحة جغرافية تقع في قلب الشرق الاوسط تشكلت وفق التقسيم البريطاني-الفرنسي لفترة مابعد الحرب العالمية الاولى للتركة العثمانية وهي تختلف عن الامبراطوريات السابقة التي حكمته خلال حقب التاريخ المختلفة،وهو بذلك لايختلف عن البلاد التي تشكلت وفق التقسيم الاستعماري الغربي من حيث استمرارية المشاكل الحدودية وسيطرة فئات حاكمة معينة وتبعية بدرجات مختلفة للنفوذ الغربي في مناطق اخرى من العالم.
يختلف في تكوينه البشري وتنوعه عن الكثير من البلاد العربية الاخرى،ولكن التنوع فيه هو مقارب للتنوع الموجود في سوريا وايران وتركيا واكثر تعقيدا مما هو موجود في لبنان.
من خلال وقوعه في قلب الشرق الاوسط،استوطنت فيه مختلف الاعراق ولكن بعد الفتح الاسلامي،غلب عليه العنصر العربي الذي هو مصدره شبه الجزيرة العربية،وبعد ان اصبح مركز الخلافة العباسية المترامية الاطراف،لم تبقى مجموعة قومية اوعرقية في بلادها المترامية الاطراف الا وكان لها وجودا في العراق لكونه الاقليم الرئيسي الحاكم ،تواجد البقايا يستمر او يضعف حسب الظروف السياسية المختلفة ولذلك فأن نسبة المكونات القومية والدينية والمذهبية تتغير بأستمرار وحسب ظروف البلاد المختلفة وخلال حقب التاريخ المختلفة نتيجة لتوفر امكانيات الاستيطان البشري فيه وخاصة توافر الارض الخصبة والمياه الغزيرة وتنوع اجوائه،والان وحسب تصنيف المتواجدين في داخل البلاد يمكن وضع احصاء نسبي دقيق لمكوناته المختلفة وبهامش ضيق من الخطأ وكالاتي:
العرب 70%...الاكراد 18%...التركمان6%...الكلدان والاشوريون والاقليات المسيحية الصغيرة الاخرى كالارمن والسريان والروم واللاتين 3%...الفرس 2%...الشبك والصابئة واليزيدية واليهود وغيرهم 1%.....
وهنالك نسب مخالفة ناتجة من انتساب بعض افراد القوميات الصغيرة او المغضوب عليهم الى قوميات اخرى وخاصة اثناء حالات عدم الاستقرار السياسي.
وقد يوجد في بعض الاحصائيات نسبة العرب فوق النسبة اعلاه وفي الحقيقة هي ناتجة بالاساس من ان كل مكونات الشعب العراقي تستطيع تكلم العربية بطلاقة لاتتوفر للكثير من العرب انفسهم في خارج العراق وهو ناتج من الامتزاج مع العنصر العربي،ولكن في الحقيقة ينتسب هؤلاء لطوائف غير عربية كما هو حاصل لعلامة اللغة العربية الاول مصطفى جواد(1904-1969)وهو تركماني والعلامة الشهير الاب انستاس ماري الكرملي(1866-1947)وهوسرياني.
اما التقسيم الديني فهو على الشكل التالي...
المسلمون 96%...المسيحيون 3%...الاقليات الاخرى 1%....
والتقسيم الديني يتغير بأستمرار لان حالات التوالد الطبيعي لدى المسلمين تفوق لدى بقية الاقليات الاخرى والتي يفضل بعض افرادها الهجرة للخارج وكانت نسبة المسلمين اقل قبل قرن على سبيل المثال.
اما التقسيم المذهبي فهو على الشكل التالي ولكن لكل القوميات الموجودة بمعنى ان كل مذهب يضم اطياف عرقية مختلفة فمثلا الشيعة يتكونون حسب اهمية النسبة العددية من عرب واكراد وتركمان وفرس وشبك واقليات صغيرة من افغانستان والخليج والقارة الهندية وبقية الاعراق وهذا ينطبق على البقية...كما هو مدرج
الشيعة 63%...السنة 33%...والمسيحيون :ارثوذوكس وكاثوليك وبروتستانت..
وهو ايضا يخضع للتغيير بفضل التقلبات السياسية من خلال التهجير والابادة او حالات التغيير المذهبي وخاصة للقبائل العربية خلال القرون الثلاثة الماضية.
وفيما عدا ذلك يوجد في خارج العراق حوالي 5 ملايين هاجروا او هجروا لاسباب سياسية ودينية ومذهبية وعرقية ومنذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1920،وبدء التهجير باليهود العراقيين بعد قيام دولة اسرائيل عام 1948 وكانوا يشكلون حينها اقلية كبيرة متنفذة يزيد عددهم عن 150 الف او حوالي 3.5%من تعداد السكان حينذاك،ولكن جرى تسفيرهم بالقوة مثل بقية الدول العربية الاخرى في اجراءات همجية ولا انسانية تنم عن غباء سياسي واضح!...ثم تلا ذلك هجرة المسيحيون لاسباب مختلفة واغلبها من عدم الاستقرار السياسي،ثم الشيعة وبمختلف مكوناتهم العرقية ومنذ انقلاب البعث الاول عام 1963،وعلى شكل موجات صغيرة ثم تحولت الى بشرية هائلة بعد الانقلاب الثاني عام 1968بدأت صغيرة عام 1969ثم كبرى في عام 1971،ثم في موجة ثانية عامي 1974-1975 وشملت الاكراد ايضا ثم الموجة الكبرى عامي 1979-1980 وبعد عام 1991 بدأت الهجرة الكبرى لكل الاطياف ولكن اغلبيتها بقيت من الشيعة ثم الاقليات الاخرى الصغيرة بفارق كبير،ثم بعد عام 2003 والتي بدأ السنة العرب بالخروج من العراق نتيجة فقدان الحكم والخوف من الانتقام،ولكن التقسيم الديني والمذهبي والقومي،يختلف في خارج العراق عن داخله،فالنسبة الاكبر للشيعة ثم المسيحيون بعد ان كان الاكراد في الدرجة الثانية والذين انخفضت نسبتهم بعد استقرار مناطقهم منذ عام 1991....التقسيم السابق لاطياف الشعب العراقي يعطينا فكرة واضحة عن التاريخ السياسي للعراق وعن المتغيرات ونتائجها التي حصلت فيه خلال العقود الماضية،وهذا يسهل من استيعاب المعلومات الناتجة من التغييرات الفوقية التي حصلت للانظمة المتعاقبة منذ تأسيس اول سلطة في البلاد عام 1920 وهو التاريخ الذي نبدأ فيه في دراسة التغييرات الفوقية فيه بمعزل عن الحقب التاريخية السابقة لغاية عام 2003 وهو العام الذي انتهى فيه الحكم الاستبدادي بتغيير جذري ليس له علاقة بالتغيير الفوقي رغم انه من قوى خارجية غازية.
تأسيس الحكم الوطني(حكم الاقلية):
بداية تأسيس الحكم وفق الصيغة التي حكمت العراق بين عامي 1920-2003 هي ليست من نتاج محلي خالص بل من مصدرخارجي وبالتحديد من حكومة التاج البريطاني وهذه الصيغة هي المعروفة بحكم الاقلية والتي تمثل طريقة استعمارية بارعة للبقاء في البلاد التي ينتهي فيها حكمها المباشر، فحكم الاقلية دائما يكون معرضا للخطر ومحتاجا للدعم الخارجي في مواجهة الاغلبية وهذا النوع من الحكم يكون متعارضا مع الديمقراطية بجميع اشكالها لكون ان الخيار الشعبي الحر سوف يؤدي في نهايته الى اسقاط حكم الاقلية بالوسائل السلمية ولذلك نرى انعدام التلائم والتعايش بين جميع نماذج الحكم النخبوي مع الديمقراطية الليبرالية بل وفي وجود تداخل وتتطابق مع كل اشكال الحكم الاستبدادي وخطورة هذا النوع انه يبقي البلاد في حالة من عدم الاستقرار السياسي والذي ينجم عنه بالتأكيد حدوث تدهور على كافة الاصعدة بحيث تهمل التنمية بمعناها الحقيقي ويتم التركيز على الانفاق العسكري والامني نتيجة للخوف المستمر من فقدان السلطة المطلقة والخضوع لحكم الاغلبية والذي توجد له في ذاكرة الاقلية شواهد تاريخية حقيقية وبعضها زائف على فقدان كل الامتيازات او حتى انعدام فرص التكافؤ بين جميع المكونات وبذلك تبقى حالة الشذوذ قائمة الى ان يتم حدوث تغيير جذري يعيد المعادلة الطبيعية السلمية،ولكن تبقى هنالك فوارق كبيرة بين انواع ذلك النوع من الحكم فبقاء حالة التواصل مع الاغلبية ومنحها على الاقل فرص الحياة الكريمة والمحافظة على اشباع حاجاتها الغريزية وبصورة متوازنة هي الوسيلة المثلى للبقاء اطول فترة في الحكم وماعداها في حالة التطرف الاستبدادي الذي يصل حد الابادة الجماعية وامتهان الكرامة البشرية كما حدث في الاتحاد السوفييتي السابق والعراق فأن النهاية الحتمية المتوقعة هي الانهيار بأسرع وقت وبدون توقع مع استغلال ادنى حالات الفلتان الامني ووجود الثغرات في النخبة الحاكمة التي لن تتراجع عن جرائمها مهما طال الزمن بل تزداد طغيانا ودموية!لكون سلوك هذا الطريق غير السوي هو مثل الدخول في مستنقع آسن يصعب الخروج منه!وفي النهاية فأن حكم الاقلية محكوم عليه بالفناء عاجلا ام آجلا مهما كانت الرعاية الخارجية له ومهما ازداد عدد المتملقون والسفهاء من قبل الاغلبية،.
لذلك فأن حكم الاقلية كان صناعة خارجية مع تهاون الاغلبية في العراق في قبول اليسير من الحكم والتعامل بمرونة اكبر مع القوة الاستعمارية العظمى في العالم آنذاك وهي الامبراطورية البريطانية بل الرفض المطلق وهو جاء بعد قيام ثورة العشرين التي قام بها الشيعة في جنوب العراق في 30\6\1920 والتي استمرت لمدة اربعة اشهر بقيادة علماء الدين الشيعة،وهي كانت صدمة ثانية للبريطانيين ليست من ناحية الخسائر المادية والبشرية فحسب،وانما جاءت من قبل اغلبية كان من المفروض ان لاتعارض الانتداب البريطاني الذي حررها من استبداد عثماني مقيت لفترة تزيد عن اربعة قرون!،تعرض خلالها الشيعة الى اضطهاد كبير خاصة فترات الصراع مع الامبراطوريات التي حكمت ايران والتي يتبع شعبها نفس مذهب الاغلبية في العراق،ووصل الاضطهاد الى حد منعهم من العمل في كل مؤسسات الدولة بحيث لم يوجد ضابط شيعي واحد عند سقوط الدولة العثمانية بينما كان هنالك الكثير من الضباط الاكراد الذين يخالفون الاتراك في النهج السياسي! وحرمانهم امتد الى منعهم من فرص التعليم وتنمية مناطقهم التي بقيت متخلفة عن باقي الولايات العثمانية الاخرى،وهذا القول لاينطبق فقط على شيعة العراق بل وعلى كل الشيعة في المناطق الاخرى من الدولة العثمانية ولكن البارز دائما في الدراسات التاريخية والسياسية الحديث عن شيعة العراق باعتبار هم الاغلبية فيه مع وجود الزعامات الدينية في المدن المقدسة والتي يتبعها بقية الشيعة في العالم اجمع،وتلك الصدمة هي الثانية بعد الاولى خلال الحرب العالمية الاولى والتي تصدى الشيعة للغزو البريطاني ووقفوا بشجاعة ونكران للذات مع الدولة العثمانية التي تمقتهم!والتي خذلها العرب السنة سواء في العراق او في الحجاز وبلاد الشام رغم ان الدولة العثمانية عاملتهم كبقية رعاياها ولكن اثر الحكم الاستبدادي والذي تميز بتفضيل العنصر التركي بعد انقلاب الاتحاد والترقي عام 1908 ضد السلطان عبد الحميد الثاني ساعد في تهييج العداء القومي والعرقي للسلطنة العثمانية وخاصة من جانب العرب الذين قاموا بثورات في الحجاز وبلاد الشام ساعد في سرعة انهيارها خلال الحرب العالمية الاولى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق