وجاء ادخال البلاد في مغامرات عسكرية،نتيجة طبيعية للحكم الفردي الذي يخضع لرغبات حاكم يرغب في خلق امبراطورية يتزعمها،ولولا القدرات السكانية المحدودة لليبيا لادخل البلاد في مغامرات عديدة مثل صدام،ومن ضمن المغامرات العسكرية،حالة الاصطدام العسكري مع مصر التي تتفوق عليه بشكل واضح ولاشك فيه عام 1977 والتي سقط فيها بضع مئات من القتلى،ثم اتجه الى تشاد الجارة الجنوبية الفقيرة،وحاول انتزاع المنطقة الحدودية المتنازع عليها والمسماة خط اوزو،والتي نشبت حرب بين البلدين بين عامي 1980- 1987 والتي انتهت بأنتصار تشاد وهو البلد الفقير الضعيف!،وكانت الخسائر الليبية مروعة من حيث فقدان الاف القتلى والاسرى وكميات هائلة من الاسلحة المستولى عليها بالاضافة الى مليارات الدولارات،ثم في النهاية قبل النظام بالاحتكام الى محكمة العدل الدولية التي حكمت لصالح تشاد عام 1994!،وبالتالي فشلت اكبر مغامرة عسكرية للقذافي خارج البلاد وكان يأمل منها السيطرة على تشاد ثم ضمها الى ليبيا،فجاءت النتائج عكس توقعاته ولم ينفعه الانفاق العسكري الضخم في ردع جار ضعيف ممزق!.
اما الاجهزة الامنية فقد كانت بالدرجة الاولى موجهة ضد معارضيه في الداخل،ولحماية نظامه من الخارج،وهي من القوة والقسوة بحيث استطاعت حفظ نظامه خلال تلك الفترة الطويلة من التمزق والسقوط،وهي متماسكة نظرا لمراقبة القيادة لها ومواجهتها لعدو ضعيف وبصورة دائمة لايقوى حتى ان يطالب بتحديد صلاحياتها واعني به الشعب الليبي.
لم يكن نطاق عمل الاجهزة الامنية الليبية محصورا في الداخل الليبي بل تعداه الى خارج البلاد،من خلال تصفية المعارضين التي وصلت الى حد تسليح السفارات الليبية حتى تمارس المهام المناطة بها،ووصلت الذروة في اطلاق النار على المظاهرات من داخل السفارات في البلدان الغربية،وخاصة في بريطانيا عام 1984 وقتل خلالها شرطية بريطانية مما ادى الى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين لفترة طويلة،ولكن تبقى اشهر صفات النظام القمعية هي في طريقته الشهيرة في خطف المعارضين وخاصة من البلاد العربية المجاورة المتحالفة معه في تلك الجرائم البشعة،ثم نقلهم بعد ذلك الى داخل ليبيا حيث المجهول الابدي!واشهر مثال على ذلك هو خطف المعارض الشهير منصور الكيخيا عام 1993 من داخل مصر وبعلم رأس النظام حسني مبارك!.
وخطف المعارضين توسع ليشمل المخالفين في الرأي من البلاد الاخرى،والتي لا سلطة ليبية على مواطنيها،وتبقى الحادثة الاشهر على ادانة هذا النظام الفاشي،هو خطف الامام موسى الصدر وزميليه الذين زاروا ليبيا بدعوة من رأس النظام نفسه بمناسبة ذكرى الانقلاب عام 1978 ! مما يعني انه حتى لم يحترم الضيافة للغرباء والذين يلبون دعوة زيارة البلاد،ولغاية الان لا احد يعلم مصير الامام وصاحبيه،سواء قتلهم بطرقه الوحشية المعروفة او مازالوا هم في السجون،وهي القضية الجنائية البارزة في ادانة القذافي على جرائمه البشعة.
خضعت السياسة الليبية الى توجهات القذافي المتقلبة منذ تسلمه السلطة عام 1969،وكان في البداية ناصري الهوى ولذلك كان يدعم عبد الناصر الذي رحل بعد العام الاول للانقلاب في عام 1970،مما ادى الى مجيء السادات الذي يختلف عن عبد الناصر في نهجه،مما ادى الى العداء الشديد مع القذافي وصل الى حد المناوشات الدموية الحدودية عام 1977.
ومن ابرز صفات القذافي هي رغبته العارمة في عمل وحدة اندماجية مع اي بلد عربي وطبعا بطريقة الوحدة الاستبدادية غير المدروسة والتي تكون بين رؤوس الانظمة دون ان يكون هنالك حظ للمشاركة الشعبية وممارساتها الديمقراطية والليبرالية،مما يعني فشلها المؤكد والحتمي في النهاية لان كل وحدة خارج نطاق الشعوب وتقبلها النفسي لها حتى يكون قبولها يستند على اسس متينة لا تهزها التغييرات في الحكم لدى مسؤولي القيادات الحاكمة،هي فاشلة بالتأكيد وفي حكم المنتحرة ولو بعد حين،ولذلك جاءت جميع محاولات القذافي للوحدة فاشلة وبطريقة مضحكة ايضا،فالوحدة الاولى كانت عام 1971 مع مصر وسوريا في ثلاثي فاشل لم يصمد طويلا،تبعه عام 1974 وحدة اسلامية مع نظام علماني يقوده بورقيبة يحارب الاسلام السياسي في تونس!وكانت النتيجة ان الوحدة لم تصمد سوى يوم واحد!.
والوحدة الاخرى مع بلد مجاور وممزق في افريقيا عام 1981 والتي عارضها الغرب لان تشاد كانت في حرب اهلية داخلية يدعم فريق منه ضد الفريق الاخر الموالي للقذافي،مما ادى الى سحب مشروعه بسرعة خوفا من الغرب!.
الوحدة الرابعة كانت مشروع دول الاتحاد المغاربي عام 1989 والذي كان يتوقع له الفشل الذريع بسبب الخلافات الحادة بين بلدانه وخاصة بين المغرب والجزائر،ثم جاء رد فعل دوله البارد تجاه دعم ليبيا اثناء فترة حصاره بعد ازمة لوكربي لتضغط على اطلاق رصاصة النهاية الحقيقية له.
اما المشروع الاخير وهو خرافي بأمتياز هو الوحدة الافريقية،وهو الاتجاه الاخير له بعد تجاهل العالم العربي له ولمشاريعه المختلفة،فتوجه منذ عام 1999 الى افريقيا في محاولة لخلق نظام اتحادي على غرار الاتحاد الاوروبي ولكن تحت قيادته الحكيمة!،ولكن نظرا لاختلاف الدول الافريقية وصراعاتها الداخلية والخارجية وسيطرة الاستبداد والفساد والتخلف على معظم دوله،لا احد يتوقع نجاح ذلك المشروع الخيالي حتى لو بعد قرن من الزمان فكيف الان والقذافي ينفق من الاموال الضخمة لانجاحه،وهو دليل ليس فقط على سذاجته وتخلفه وتهوره،بل على انعدام المسؤولية وضحالة التفكير.
يمكن ملاحظة سياسة النظام المتقلبة من خلال تحالفه مع دول اليسار العربي وهي سوريا والجزائر واليمن في فترة السبعينات،ثم محاولة تقربه من الثورة الايرانية بعد نجاحها المدوي في عام 1979 للاستفادة من وجودها الثوري الكاسح في محاولة لتجديد صورة نظامه واعطائها صفة الثورية!،ولكن بقيت قضية الامام الصدر وصاحبيه المخطوفين،عائقا رئيسيا امام تقدم العلاقات التي ضعفت الى درجة تحوله عام 1987 الى اعادة علاقاته مع الشبيه في العالم العربي،اي صدام ونظامه الذي كان في حرب شرسة ضد ايران حينها.
ومن المفارقات هي تدخله المباشر في الحرب الاهلية اللبنانية خلال عقد السبعينات ضد الاحزاب اليمينية المسيحية ثم دعواته المتطرفة لتصفية الوجود المسيحي في لبنان ككل،وكان التدخل قد وصل الى حد الدعم بالمال والسلاح الذي لم ينفع سواء في انهاء الحرب او في حرب اسرائيل بعد ذلك وقد انتهى نفوذ القذافي الى ادنى مستوى منذ خطف الامام الصدر وصاحبيه عام 1978 ومنذ ذلك الحين والمسؤولون الليبيون يمتنعون عن زيارة لبنان بل ان القذافي نفسه لا يتجرأ على زيارة لبنان والقمة العربية التي عقدت عام 2002 كانت شاهدة على ذلك،كذلك استمر في تدخله في نزاعات الدول الافريقية الداخلية والتي لاتنتهي ابدا.
وخلال العقدين الاوليين للانقلاب حارب القذافي،الغرب وخاصة في المجال الاعلامي وتحالف مع الانظمة الشيوعية واليسارية في العالم ودعم الحركات السياسية اليسارية،ولكن من ايجابيات نظام القذافي هو مساندته للاقليات المسلمة في الفلبين وكمبوديا اثناء فترات الابادة والحرب ضدهما خلال فترة السبعينات،ودعم محادثات السلام مع حكومة الفلبين،كذلك ساند اقليات اخرى في بلاد يتعرض ابنائها للحصار والقمع،ولكن هذه المساعي الحميدة ضعفت منذ الحصار على ليبيا والتي قلصت نفوذها الخارجي بشكل كبير للغاية جعلها تتوقف في الدعم.
وكما هو معروف عن شذوذ القذافي في كل شيء،فقد خرج للعالم عام 1977 بنظريته الجديدة المخالفة للاتجاهين الرئيسيين الشيوعي والرأسمالي،وتضمن كتاب القذافي الاخضر خلاصة فكره والذي لم يعترف اي بلد في العالم به او حتى يقوم بتطبيقه ماعدا ليبيا الخاضعة لسيطرته والتي كانت مكانا مثاليا للتجارب عليه،وفي هذا النظام الغريب والعجيب،يدعو الى الغاء الدولة بصيغتها الجمهورية،واقامة سلطة المجالس الشعبية وتحت اسم الجماهيرية التي اصبح اسمها اطول اسم يعرف به بلد في العالم وينتهي بكلمة العظمى!،ومن مهازل النظام وفكره الشمولي انه الغى منصب رئيس الدولة مما يعني ان القذافي ليس رئيسا بعد ان تنازل عام 1979! بل حتى منصب الوزير انيطت مهامه بمجالس شعبية مفوضة،وهي بالحقيقة نفس الشكل السابق ولكن الاسم يختلف،اما انه ليس رئيسا فذلك لا يعتقد به اي انسان عاقل والا لنسي العالم اسمه منذ عام 1979 اذا كان لا يختلف عن اي مواطن آخر،ولكن تبقى حالة القذافي من المهازل العربية المستمرة منذ قرون عديدة والتي لم نشاهد اي محاولة جادة للخروج من المأزق العربي منها.
وقد تتابعت الحالات الشاذة للقذافي في الكثير من اعماله ومنها الغاءه التقويم الهجري وانشاء تقويم جديد يستند على وفاة الرسول الاعظم(ص)ثم الخروج على المسلمين في الكثير من القضايا الفقهية،بأراء شاذة لاحصر لها ومن السهولة الحصول على بعضا منها من وسائل الاعلام من قبيل زيارة القدس بدلا من مكة المكرمة،ولكن اهملتها جميع الدول الاسلامية وشعوبها المنضوية تحت لوائها لمعرفتهم المسبقة بحجم ثقافته الضحلة .
ولم ينحصر الشذوذ والخروج عن المألوف في تلك القضايا بل تعداه الى تعامله مع الشعوب الاخرى،فكلما جاءت رغبته المخالفة لبلد ما قام بطرد مئات الالوف من المقيمين الذين لا ذنب لهم في المشاكل السياسية بلحظة مزاجية تنم عن فقدان لوازع ديني وانساني واخلاقي،بل وصل الامر الى طرد الفلسطينيين في عقد التسعينيات وهم بلا وطن او حتى حكومة في محاولة للضغط على العالم وخاصة الدول الاقليمية في دعاواه التنظيرية الفارغة لحل المشاكل الدولية من خلال طرد اناس ابرياء لاهم لهم سوى العمل البسيط في سبيل البقاء على قيد الحياة.
اما الاجهزة الامنية فقد كانت بالدرجة الاولى موجهة ضد معارضيه في الداخل،ولحماية نظامه من الخارج،وهي من القوة والقسوة بحيث استطاعت حفظ نظامه خلال تلك الفترة الطويلة من التمزق والسقوط،وهي متماسكة نظرا لمراقبة القيادة لها ومواجهتها لعدو ضعيف وبصورة دائمة لايقوى حتى ان يطالب بتحديد صلاحياتها واعني به الشعب الليبي.
لم يكن نطاق عمل الاجهزة الامنية الليبية محصورا في الداخل الليبي بل تعداه الى خارج البلاد،من خلال تصفية المعارضين التي وصلت الى حد تسليح السفارات الليبية حتى تمارس المهام المناطة بها،ووصلت الذروة في اطلاق النار على المظاهرات من داخل السفارات في البلدان الغربية،وخاصة في بريطانيا عام 1984 وقتل خلالها شرطية بريطانية مما ادى الى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين لفترة طويلة،ولكن تبقى اشهر صفات النظام القمعية هي في طريقته الشهيرة في خطف المعارضين وخاصة من البلاد العربية المجاورة المتحالفة معه في تلك الجرائم البشعة،ثم نقلهم بعد ذلك الى داخل ليبيا حيث المجهول الابدي!واشهر مثال على ذلك هو خطف المعارض الشهير منصور الكيخيا عام 1993 من داخل مصر وبعلم رأس النظام حسني مبارك!.
وخطف المعارضين توسع ليشمل المخالفين في الرأي من البلاد الاخرى،والتي لا سلطة ليبية على مواطنيها،وتبقى الحادثة الاشهر على ادانة هذا النظام الفاشي،هو خطف الامام موسى الصدر وزميليه الذين زاروا ليبيا بدعوة من رأس النظام نفسه بمناسبة ذكرى الانقلاب عام 1978 ! مما يعني انه حتى لم يحترم الضيافة للغرباء والذين يلبون دعوة زيارة البلاد،ولغاية الان لا احد يعلم مصير الامام وصاحبيه،سواء قتلهم بطرقه الوحشية المعروفة او مازالوا هم في السجون،وهي القضية الجنائية البارزة في ادانة القذافي على جرائمه البشعة.
خضعت السياسة الليبية الى توجهات القذافي المتقلبة منذ تسلمه السلطة عام 1969،وكان في البداية ناصري الهوى ولذلك كان يدعم عبد الناصر الذي رحل بعد العام الاول للانقلاب في عام 1970،مما ادى الى مجيء السادات الذي يختلف عن عبد الناصر في نهجه،مما ادى الى العداء الشديد مع القذافي وصل الى حد المناوشات الدموية الحدودية عام 1977.
ومن ابرز صفات القذافي هي رغبته العارمة في عمل وحدة اندماجية مع اي بلد عربي وطبعا بطريقة الوحدة الاستبدادية غير المدروسة والتي تكون بين رؤوس الانظمة دون ان يكون هنالك حظ للمشاركة الشعبية وممارساتها الديمقراطية والليبرالية،مما يعني فشلها المؤكد والحتمي في النهاية لان كل وحدة خارج نطاق الشعوب وتقبلها النفسي لها حتى يكون قبولها يستند على اسس متينة لا تهزها التغييرات في الحكم لدى مسؤولي القيادات الحاكمة،هي فاشلة بالتأكيد وفي حكم المنتحرة ولو بعد حين،ولذلك جاءت جميع محاولات القذافي للوحدة فاشلة وبطريقة مضحكة ايضا،فالوحدة الاولى كانت عام 1971 مع مصر وسوريا في ثلاثي فاشل لم يصمد طويلا،تبعه عام 1974 وحدة اسلامية مع نظام علماني يقوده بورقيبة يحارب الاسلام السياسي في تونس!وكانت النتيجة ان الوحدة لم تصمد سوى يوم واحد!.
والوحدة الاخرى مع بلد مجاور وممزق في افريقيا عام 1981 والتي عارضها الغرب لان تشاد كانت في حرب اهلية داخلية يدعم فريق منه ضد الفريق الاخر الموالي للقذافي،مما ادى الى سحب مشروعه بسرعة خوفا من الغرب!.
الوحدة الرابعة كانت مشروع دول الاتحاد المغاربي عام 1989 والذي كان يتوقع له الفشل الذريع بسبب الخلافات الحادة بين بلدانه وخاصة بين المغرب والجزائر،ثم جاء رد فعل دوله البارد تجاه دعم ليبيا اثناء فترة حصاره بعد ازمة لوكربي لتضغط على اطلاق رصاصة النهاية الحقيقية له.
اما المشروع الاخير وهو خرافي بأمتياز هو الوحدة الافريقية،وهو الاتجاه الاخير له بعد تجاهل العالم العربي له ولمشاريعه المختلفة،فتوجه منذ عام 1999 الى افريقيا في محاولة لخلق نظام اتحادي على غرار الاتحاد الاوروبي ولكن تحت قيادته الحكيمة!،ولكن نظرا لاختلاف الدول الافريقية وصراعاتها الداخلية والخارجية وسيطرة الاستبداد والفساد والتخلف على معظم دوله،لا احد يتوقع نجاح ذلك المشروع الخيالي حتى لو بعد قرن من الزمان فكيف الان والقذافي ينفق من الاموال الضخمة لانجاحه،وهو دليل ليس فقط على سذاجته وتخلفه وتهوره،بل على انعدام المسؤولية وضحالة التفكير.
يمكن ملاحظة سياسة النظام المتقلبة من خلال تحالفه مع دول اليسار العربي وهي سوريا والجزائر واليمن في فترة السبعينات،ثم محاولة تقربه من الثورة الايرانية بعد نجاحها المدوي في عام 1979 للاستفادة من وجودها الثوري الكاسح في محاولة لتجديد صورة نظامه واعطائها صفة الثورية!،ولكن بقيت قضية الامام الصدر وصاحبيه المخطوفين،عائقا رئيسيا امام تقدم العلاقات التي ضعفت الى درجة تحوله عام 1987 الى اعادة علاقاته مع الشبيه في العالم العربي،اي صدام ونظامه الذي كان في حرب شرسة ضد ايران حينها.
ومن المفارقات هي تدخله المباشر في الحرب الاهلية اللبنانية خلال عقد السبعينات ضد الاحزاب اليمينية المسيحية ثم دعواته المتطرفة لتصفية الوجود المسيحي في لبنان ككل،وكان التدخل قد وصل الى حد الدعم بالمال والسلاح الذي لم ينفع سواء في انهاء الحرب او في حرب اسرائيل بعد ذلك وقد انتهى نفوذ القذافي الى ادنى مستوى منذ خطف الامام الصدر وصاحبيه عام 1978 ومنذ ذلك الحين والمسؤولون الليبيون يمتنعون عن زيارة لبنان بل ان القذافي نفسه لا يتجرأ على زيارة لبنان والقمة العربية التي عقدت عام 2002 كانت شاهدة على ذلك،كذلك استمر في تدخله في نزاعات الدول الافريقية الداخلية والتي لاتنتهي ابدا.
وخلال العقدين الاوليين للانقلاب حارب القذافي،الغرب وخاصة في المجال الاعلامي وتحالف مع الانظمة الشيوعية واليسارية في العالم ودعم الحركات السياسية اليسارية،ولكن من ايجابيات نظام القذافي هو مساندته للاقليات المسلمة في الفلبين وكمبوديا اثناء فترات الابادة والحرب ضدهما خلال فترة السبعينات،ودعم محادثات السلام مع حكومة الفلبين،كذلك ساند اقليات اخرى في بلاد يتعرض ابنائها للحصار والقمع،ولكن هذه المساعي الحميدة ضعفت منذ الحصار على ليبيا والتي قلصت نفوذها الخارجي بشكل كبير للغاية جعلها تتوقف في الدعم.
وكما هو معروف عن شذوذ القذافي في كل شيء،فقد خرج للعالم عام 1977 بنظريته الجديدة المخالفة للاتجاهين الرئيسيين الشيوعي والرأسمالي،وتضمن كتاب القذافي الاخضر خلاصة فكره والذي لم يعترف اي بلد في العالم به او حتى يقوم بتطبيقه ماعدا ليبيا الخاضعة لسيطرته والتي كانت مكانا مثاليا للتجارب عليه،وفي هذا النظام الغريب والعجيب،يدعو الى الغاء الدولة بصيغتها الجمهورية،واقامة سلطة المجالس الشعبية وتحت اسم الجماهيرية التي اصبح اسمها اطول اسم يعرف به بلد في العالم وينتهي بكلمة العظمى!،ومن مهازل النظام وفكره الشمولي انه الغى منصب رئيس الدولة مما يعني ان القذافي ليس رئيسا بعد ان تنازل عام 1979! بل حتى منصب الوزير انيطت مهامه بمجالس شعبية مفوضة،وهي بالحقيقة نفس الشكل السابق ولكن الاسم يختلف،اما انه ليس رئيسا فذلك لا يعتقد به اي انسان عاقل والا لنسي العالم اسمه منذ عام 1979 اذا كان لا يختلف عن اي مواطن آخر،ولكن تبقى حالة القذافي من المهازل العربية المستمرة منذ قرون عديدة والتي لم نشاهد اي محاولة جادة للخروج من المأزق العربي منها.
وقد تتابعت الحالات الشاذة للقذافي في الكثير من اعماله ومنها الغاءه التقويم الهجري وانشاء تقويم جديد يستند على وفاة الرسول الاعظم(ص)ثم الخروج على المسلمين في الكثير من القضايا الفقهية،بأراء شاذة لاحصر لها ومن السهولة الحصول على بعضا منها من وسائل الاعلام من قبيل زيارة القدس بدلا من مكة المكرمة،ولكن اهملتها جميع الدول الاسلامية وشعوبها المنضوية تحت لوائها لمعرفتهم المسبقة بحجم ثقافته الضحلة .
ولم ينحصر الشذوذ والخروج عن المألوف في تلك القضايا بل تعداه الى تعامله مع الشعوب الاخرى،فكلما جاءت رغبته المخالفة لبلد ما قام بطرد مئات الالوف من المقيمين الذين لا ذنب لهم في المشاكل السياسية بلحظة مزاجية تنم عن فقدان لوازع ديني وانساني واخلاقي،بل وصل الامر الى طرد الفلسطينيين في عقد التسعينيات وهم بلا وطن او حتى حكومة في محاولة للضغط على العالم وخاصة الدول الاقليمية في دعاواه التنظيرية الفارغة لحل المشاكل الدولية من خلال طرد اناس ابرياء لاهم لهم سوى العمل البسيط في سبيل البقاء على قيد الحياة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق