9 نيسان ...ولادة ضحية ونهاية طاغية
في الذكريات الجميلة التي تخص الفرد،ينبعث احساس رائع من داخل النفس التواقة لكل ما يعيد لها بهجتها خاصة اذا مرت بظروف زمنية تعيسة وتريد تجاوز احزانها...اما اذا خصت تلك الذكريات الجميلة مجموعة بشرية بأكملها،فالاحساس المشترك يزيد من البهجة والسعادة اضعافا بما يثري النفس الواحدة ويجعلها في حالة من الانسجام الروحي من اخريات لها صفات مشتركة معها...
ليست الذكريات المشتركة تخص مجموعة بشرية معينة قد تكون شعبا من الشعوب،بل يمكن ان تتجاوز كل الحدود المعروفة لتأخذ طابع انساني راقي يمثل المجموع الانساني بكافة مكوناته...
من اعظم المساوئ التي صاحبت المسيرة البشرية هي حالة الظلم والطغيان وتحت كافة المسميات والدعاوى الفارغة،وتكون في أسوأ حالة عندما يشترك في المظلومية عدد كبير من الناس بكافة الفئات العمرية بما فيها تلك التي ليس لها ادنى علاقة بما يقوم به الظالم وأعوانه من اعمال شيطانية وتحت مختلف الذرائع الواهية والتي قد تجد من يؤيدها من فئات اخرى مظللة من قبل الظالمين وفي حالة من فقدان الوعي والعقل لتبيان الحقائق.
لايوجد شيء في العالم اعظم من نهاية الظالمين لدى الفئات المظلومة،ففي يوم الانتقام الالهي الموعود،تفتح ابواب الحرية من جديد على مصراعيها،وتغلق ابواب السجون هذه المرة على الظالمين واعوانهم،وكما قيل يوم المظلوم على الظالم اشد واقسى.
وهنا تكون الولادة الحقيقية من جديد للمظلومين الذين حالفهم الحظ بالاستمرار في الحياة،وتكون مصاحبة لها الحرية والكرامة الانسانية التي من الشروط الرئيسية للعيش في هذا العالم والتي عادت الى كل انسان مقهور.
تفنن الطغاة على مر التاريخ في تعذيب واذلال شعوبهم او الشعوب الاخرى التي ساء حظها ان تكون قريبة منه،ولكنهم ابدا لم يحسبوا لليوم الذي يسقطون فيه سواء هذا اليوم هو السقوط الحتمي او بالموت الطبيعي الذي هو هادم اللذات ومفرق الطواغيت والجماعات.
خلال العقود الثلاث الاخيرة(1979-2009) كنموذج مثالي،رأينا كيف سقط العديد من الطغاة،وبعضهم كانت نهايته بشعة تتناسب مع قسوة اعماله،والبعض الاخر كان محظوظا في الهرب الى اماكن اخرى يتواجد فيها اخوانه الطواغيت الاخرون الذين يحسبون ان الزمن لن يكون ضدهم ايضا،والاخوة في الطغيان واهية وتافهة ولاتوجد لها ادنى مقومات البقاء ،بينما الاخوة في المظلومية من اروع وامتن الاخوة المشهودة وتستند على اسس انسانية بالدرجة الاولى ثم تتبعها الاسس الاخرى سواء كانت دينية او عرقية او قومية الخ....
لذلك فأن الفرحة في سقوط الطواغيت لا تقف عند حدود ظلم الطاغية بل تعبر الحدود السياسية المرسومة،وتصبح من اروع الامثلة على العولمة الانسانية التي تتخذ من الاخوة الانسانية عنوان ومنهج لها....
ومن صميم الاخوة الانسانية ودليل على قوتها وحيويتها،ان نفرح جميعا بنهاية كل طاغية على وجه الارض لان في ذلك خلاص لاخواننا في الانسانية الذي لايعلم مدى مظلوميتهم الا الله تعالى وهم...ومن هذا المنطلق كانت الفرحة عارمة برحيل شاه ايران المقبور بداية 1979 بعد ثورة عارمة ضده استشهد فيها عشرات الالاف من الضحايا الذين لم يجدوا من الدعم الخارجي اي شيء بل العكس وجدوا ان ابواب طواغيت آخرون تفتح لطاغيتهم الهارب من العدالة،مثل طاغيتي مصر والمغرب واللذان مازال الكثيرون يمجدون اعمالهم الخسيسة ويبررونها اذا كانت مشينة!.
وبعد شهور(تموز1979) سقطت طاغية آخر ولكن في بلد بعيد هذه المرة،في نيكاراغوا وهو من اسرة ال سوموزا المستبدة التي حطمت بطغيانها بلدها،واذكر مقولة شهيرة كتبت آنذاك على حائط في مدينة ليون في نيكاراغوا تقول:لاتبكوا على الشهداء،بل اتبعوهم الى قلب المعركة....
ومن الذين حالفنا الحظ في رؤية يوم سقوطهم المشهور،الطاغية السادات الذي صرع برصاص ظلمه في ذكرى حرب 6 تشرين في عام 1981 وكانت الفرحة عارمة في كل مكان كون هذا الطاغية قد اشتد طغيانه في الشهور الاخيرة من حكمه،وسط لامبالاة نسبة كبيرة من القاعدة الشعبية الرئيسية التي تلهث وراء لقمة عيشها التي لو لهثت وراء حريتها لوجدت حياة كريمة مصحوبة بالكرامة الانسانية والحرية العظيمة...وفي السودان المجاور لمصر سقط الديكتاتور النميري في ثورة شعبية عام 1985 وهرب على اثرها نحو مصر المجاورة التي اصبحت محطة الطغاة الهاربين من بلدانهم.
وفي عام 1986 سقط طاغيتين مكروهين من شعبيهما،وهما فرديناند ماركوس في الفلبين الذي حكم طويلا بلاده بأستبداد ممزوج بالفساد المفضوح،وكذلك في هايتي عندما سقطت اسرة دوفاليه والذي كان آخرهم جان كلود،وهي اسرة الرئيس مثل نيكارغوا والتي توارثت الحكم بالرغم من انه جمهوري،وهو نفس الطريق في العالم العربي.
وفي عام 1989 سقطت النظم الشيوعية المستبدة في اوروبا الشرقية والتي حكمها طغاة فترة طويلة،وكان اسوأهم هو ديكتاتور رومانيا شاوشيسكو الذي اعدم مع زوجته في نهاية الثورة الشعبية وهي نتيجة طبيعية لجرائمهم البشعة بحق وطنهم.
وخلال عقد التسعينات سقط طغاة آخرون من قبيل ديكتاتور ليبيريا العريف صمويل دو الذي اعدم بطريقة بشعة على ايدي معارضيه عام 1990 وطاغية زائير موبوتو عام 1997 والذي حول بلده الغني الى بلد فقير يسوده الفساد والاجرام،وكذلك سوهارتو ديكتاتور اندونيسيا الذي بدأ حكمه بقتل حوالي ثلاثة ارباع المليون معارض من اتباع الشيوعية واليسار،وكان حكمه نموذجا للطغيان والفساد،ولم يجد حرجا من الحج الى مكة عام 1991 واستقباله بصورة تليق بالزعماء الوطنيين!!.
وهناك في اوروبا سقط ميلوسوفيتش وتابعه كاراديتش من صربيا عامي 1996 وعام 2000 ثم سيقا بعد ذلك الى المحكمة الدولية ليحاكما على جرائمهما البشعة.
ولايسع المجال لذكر جميع الطغاة سواء في عصرنا الحديث او العصور الماضية،ولكن يمكن الاشارة الى ان التاريخ يحفظ انجازاتهم الاجرامية.
9 نيسان:
في 9 نيسان 2003 سقط نظام عميد الطغاة بلا منازع،صدام التكريتي الذي كان ابرز نماذج الشمولية الستالينية في العقود الاخيرة،واكثرهم وحشية وجبنا وهمجية،والذي حول بلده الثري في كل شيء الى بلد محطم تمزقه النزاعات والكراهية التي اشعل فتيلها نتائج اعمال نظامه الارهابية ومن بعد السقوط استمرت بقايا البعث المنبوذ ومجرمي القاعدة التكفيريين المنحرفين في ذات طريق الاجرام. اما السقوط الثاني له فكان في يوم 13\12\2003 عندما وجد الهارب الجبان في حفرة حقيرة نشرت صورها الفاضحة في وسائل الاعلام المختلفة حتى يتبين لكل مغفل مقدار جبنه ونذالته وقباحة شكله....
من اروع الامثلة على العدالة الالهية وحكمتها كانت في يوم سقوط نظام صدام في نفس تاريخ قتله وبوحشية نادرة لاكثر ضحاياه الشهداء نبوغا وشجاعة وعبقرية والمتمثلة في الامام الشهيد محمد باقر الصدر(1935-1980)واخته الاديبة المظلومة الشهيدة بنت الهدى(1937-1980) اللذان استشهدا على يد صدام في يوم 9\4...
فكان مقتلهما خسارة للفكر الانساني والعلم والادب ونصرا للهمجية المتخلفة،ولكن ابت العدالة الالهية الا ان تزيل حكمه في نفس التاريخ ولو بعد حين،في حكمة بارعة مؤدها ان دماء الشهداء ما هي الا معاول في كراسي الطغاة،مهما كانت درجة تجبرهم والتي وصلت مع صدام الى اقصى مداها دون ادنى درجة في الاعتبار والتذكر الى مصير الطغاة قبله،في دلالة عظيمة الرمزية في كون ان الطاغية لايعتبر بمن سبقه،فالحاضر والمستقبل لديه يمثل كل شيء ومحصور في الاستمرار اطول فترة ممكنة في الحكم.
لقد كان سقوط هذا الطاغية المجرم هو نهاية لكابوس جثم على ارض العراق منذ 9 شباط 1963 ولغاية 9 نيسان 2003 اي استمر لمدة اربعين عاما من الطغيان اللامحدود وكانت جرائم صدام من البشاعة انه قتل الاطفال وبالجملة في السجون والمقابر الجماعية في صور مرعبة لمدى الوحشية اللامحدودة لهذا المعتوه واتباعه الذين وجدوا الرعاية والعناية من الدول العربية المجاورة بعد هروبهم من العدالة في العراق وكأنهم مجموعة من العباقرة والمفكرين الباحثين عن الحرية!! ،بالاضافة الى انتهاك الاعراض وقتل النساء وكبار السن،واشاعة الفساد والكراهية في المجتمع والتعدي على جيران العراق وخاصة مواطني الدول المجاورة الابرياء الذين ساء حظهم كونهم بالقرب من هذا الطاغية.
في مثل هذا اليوم ولد العراق الجريح من جديد بعد ان ازيلت اعتى ديكتاتورية في تاريخه المعاصر،ورغم انه مازال يعاني من بقايا النظام البائد وحلفائهم وبدعم من طغاة البلاد المجاورة،الا ان الامل باق في ولادة الضحايا من جديد وتحت شمس الحرية،حتى يعاد بناء ذلك البلد الذي كان مستودع الحضارات ومنبع الرسالات ليأخذ مكانه المعروف بين الامم...
يوم سقوط الطاغية هو يوم اسود لدى الطغاة واتباعهم في كل بلاد الدنيا...ويوم نصر عظيم لكل الضحايا والمظلومين....
في الذكريات الجميلة التي تخص الفرد،ينبعث احساس رائع من داخل النفس التواقة لكل ما يعيد لها بهجتها خاصة اذا مرت بظروف زمنية تعيسة وتريد تجاوز احزانها...اما اذا خصت تلك الذكريات الجميلة مجموعة بشرية بأكملها،فالاحساس المشترك يزيد من البهجة والسعادة اضعافا بما يثري النفس الواحدة ويجعلها في حالة من الانسجام الروحي من اخريات لها صفات مشتركة معها...
ليست الذكريات المشتركة تخص مجموعة بشرية معينة قد تكون شعبا من الشعوب،بل يمكن ان تتجاوز كل الحدود المعروفة لتأخذ طابع انساني راقي يمثل المجموع الانساني بكافة مكوناته...
من اعظم المساوئ التي صاحبت المسيرة البشرية هي حالة الظلم والطغيان وتحت كافة المسميات والدعاوى الفارغة،وتكون في أسوأ حالة عندما يشترك في المظلومية عدد كبير من الناس بكافة الفئات العمرية بما فيها تلك التي ليس لها ادنى علاقة بما يقوم به الظالم وأعوانه من اعمال شيطانية وتحت مختلف الذرائع الواهية والتي قد تجد من يؤيدها من فئات اخرى مظللة من قبل الظالمين وفي حالة من فقدان الوعي والعقل لتبيان الحقائق.
لايوجد شيء في العالم اعظم من نهاية الظالمين لدى الفئات المظلومة،ففي يوم الانتقام الالهي الموعود،تفتح ابواب الحرية من جديد على مصراعيها،وتغلق ابواب السجون هذه المرة على الظالمين واعوانهم،وكما قيل يوم المظلوم على الظالم اشد واقسى.
وهنا تكون الولادة الحقيقية من جديد للمظلومين الذين حالفهم الحظ بالاستمرار في الحياة،وتكون مصاحبة لها الحرية والكرامة الانسانية التي من الشروط الرئيسية للعيش في هذا العالم والتي عادت الى كل انسان مقهور.
تفنن الطغاة على مر التاريخ في تعذيب واذلال شعوبهم او الشعوب الاخرى التي ساء حظها ان تكون قريبة منه،ولكنهم ابدا لم يحسبوا لليوم الذي يسقطون فيه سواء هذا اليوم هو السقوط الحتمي او بالموت الطبيعي الذي هو هادم اللذات ومفرق الطواغيت والجماعات.
خلال العقود الثلاث الاخيرة(1979-2009) كنموذج مثالي،رأينا كيف سقط العديد من الطغاة،وبعضهم كانت نهايته بشعة تتناسب مع قسوة اعماله،والبعض الاخر كان محظوظا في الهرب الى اماكن اخرى يتواجد فيها اخوانه الطواغيت الاخرون الذين يحسبون ان الزمن لن يكون ضدهم ايضا،والاخوة في الطغيان واهية وتافهة ولاتوجد لها ادنى مقومات البقاء ،بينما الاخوة في المظلومية من اروع وامتن الاخوة المشهودة وتستند على اسس انسانية بالدرجة الاولى ثم تتبعها الاسس الاخرى سواء كانت دينية او عرقية او قومية الخ....
لذلك فأن الفرحة في سقوط الطواغيت لا تقف عند حدود ظلم الطاغية بل تعبر الحدود السياسية المرسومة،وتصبح من اروع الامثلة على العولمة الانسانية التي تتخذ من الاخوة الانسانية عنوان ومنهج لها....
ومن صميم الاخوة الانسانية ودليل على قوتها وحيويتها،ان نفرح جميعا بنهاية كل طاغية على وجه الارض لان في ذلك خلاص لاخواننا في الانسانية الذي لايعلم مدى مظلوميتهم الا الله تعالى وهم...ومن هذا المنطلق كانت الفرحة عارمة برحيل شاه ايران المقبور بداية 1979 بعد ثورة عارمة ضده استشهد فيها عشرات الالاف من الضحايا الذين لم يجدوا من الدعم الخارجي اي شيء بل العكس وجدوا ان ابواب طواغيت آخرون تفتح لطاغيتهم الهارب من العدالة،مثل طاغيتي مصر والمغرب واللذان مازال الكثيرون يمجدون اعمالهم الخسيسة ويبررونها اذا كانت مشينة!.
وبعد شهور(تموز1979) سقطت طاغية آخر ولكن في بلد بعيد هذه المرة،في نيكاراغوا وهو من اسرة ال سوموزا المستبدة التي حطمت بطغيانها بلدها،واذكر مقولة شهيرة كتبت آنذاك على حائط في مدينة ليون في نيكاراغوا تقول:لاتبكوا على الشهداء،بل اتبعوهم الى قلب المعركة....
ومن الذين حالفنا الحظ في رؤية يوم سقوطهم المشهور،الطاغية السادات الذي صرع برصاص ظلمه في ذكرى حرب 6 تشرين في عام 1981 وكانت الفرحة عارمة في كل مكان كون هذا الطاغية قد اشتد طغيانه في الشهور الاخيرة من حكمه،وسط لامبالاة نسبة كبيرة من القاعدة الشعبية الرئيسية التي تلهث وراء لقمة عيشها التي لو لهثت وراء حريتها لوجدت حياة كريمة مصحوبة بالكرامة الانسانية والحرية العظيمة...وفي السودان المجاور لمصر سقط الديكتاتور النميري في ثورة شعبية عام 1985 وهرب على اثرها نحو مصر المجاورة التي اصبحت محطة الطغاة الهاربين من بلدانهم.
وفي عام 1986 سقط طاغيتين مكروهين من شعبيهما،وهما فرديناند ماركوس في الفلبين الذي حكم طويلا بلاده بأستبداد ممزوج بالفساد المفضوح،وكذلك في هايتي عندما سقطت اسرة دوفاليه والذي كان آخرهم جان كلود،وهي اسرة الرئيس مثل نيكارغوا والتي توارثت الحكم بالرغم من انه جمهوري،وهو نفس الطريق في العالم العربي.
وفي عام 1989 سقطت النظم الشيوعية المستبدة في اوروبا الشرقية والتي حكمها طغاة فترة طويلة،وكان اسوأهم هو ديكتاتور رومانيا شاوشيسكو الذي اعدم مع زوجته في نهاية الثورة الشعبية وهي نتيجة طبيعية لجرائمهم البشعة بحق وطنهم.
وخلال عقد التسعينات سقط طغاة آخرون من قبيل ديكتاتور ليبيريا العريف صمويل دو الذي اعدم بطريقة بشعة على ايدي معارضيه عام 1990 وطاغية زائير موبوتو عام 1997 والذي حول بلده الغني الى بلد فقير يسوده الفساد والاجرام،وكذلك سوهارتو ديكتاتور اندونيسيا الذي بدأ حكمه بقتل حوالي ثلاثة ارباع المليون معارض من اتباع الشيوعية واليسار،وكان حكمه نموذجا للطغيان والفساد،ولم يجد حرجا من الحج الى مكة عام 1991 واستقباله بصورة تليق بالزعماء الوطنيين!!.
وهناك في اوروبا سقط ميلوسوفيتش وتابعه كاراديتش من صربيا عامي 1996 وعام 2000 ثم سيقا بعد ذلك الى المحكمة الدولية ليحاكما على جرائمهما البشعة.
ولايسع المجال لذكر جميع الطغاة سواء في عصرنا الحديث او العصور الماضية،ولكن يمكن الاشارة الى ان التاريخ يحفظ انجازاتهم الاجرامية.
9 نيسان:
في 9 نيسان 2003 سقط نظام عميد الطغاة بلا منازع،صدام التكريتي الذي كان ابرز نماذج الشمولية الستالينية في العقود الاخيرة،واكثرهم وحشية وجبنا وهمجية،والذي حول بلده الثري في كل شيء الى بلد محطم تمزقه النزاعات والكراهية التي اشعل فتيلها نتائج اعمال نظامه الارهابية ومن بعد السقوط استمرت بقايا البعث المنبوذ ومجرمي القاعدة التكفيريين المنحرفين في ذات طريق الاجرام. اما السقوط الثاني له فكان في يوم 13\12\2003 عندما وجد الهارب الجبان في حفرة حقيرة نشرت صورها الفاضحة في وسائل الاعلام المختلفة حتى يتبين لكل مغفل مقدار جبنه ونذالته وقباحة شكله....
من اروع الامثلة على العدالة الالهية وحكمتها كانت في يوم سقوط نظام صدام في نفس تاريخ قتله وبوحشية نادرة لاكثر ضحاياه الشهداء نبوغا وشجاعة وعبقرية والمتمثلة في الامام الشهيد محمد باقر الصدر(1935-1980)واخته الاديبة المظلومة الشهيدة بنت الهدى(1937-1980) اللذان استشهدا على يد صدام في يوم 9\4...
فكان مقتلهما خسارة للفكر الانساني والعلم والادب ونصرا للهمجية المتخلفة،ولكن ابت العدالة الالهية الا ان تزيل حكمه في نفس التاريخ ولو بعد حين،في حكمة بارعة مؤدها ان دماء الشهداء ما هي الا معاول في كراسي الطغاة،مهما كانت درجة تجبرهم والتي وصلت مع صدام الى اقصى مداها دون ادنى درجة في الاعتبار والتذكر الى مصير الطغاة قبله،في دلالة عظيمة الرمزية في كون ان الطاغية لايعتبر بمن سبقه،فالحاضر والمستقبل لديه يمثل كل شيء ومحصور في الاستمرار اطول فترة ممكنة في الحكم.
لقد كان سقوط هذا الطاغية المجرم هو نهاية لكابوس جثم على ارض العراق منذ 9 شباط 1963 ولغاية 9 نيسان 2003 اي استمر لمدة اربعين عاما من الطغيان اللامحدود وكانت جرائم صدام من البشاعة انه قتل الاطفال وبالجملة في السجون والمقابر الجماعية في صور مرعبة لمدى الوحشية اللامحدودة لهذا المعتوه واتباعه الذين وجدوا الرعاية والعناية من الدول العربية المجاورة بعد هروبهم من العدالة في العراق وكأنهم مجموعة من العباقرة والمفكرين الباحثين عن الحرية!! ،بالاضافة الى انتهاك الاعراض وقتل النساء وكبار السن،واشاعة الفساد والكراهية في المجتمع والتعدي على جيران العراق وخاصة مواطني الدول المجاورة الابرياء الذين ساء حظهم كونهم بالقرب من هذا الطاغية.
في مثل هذا اليوم ولد العراق الجريح من جديد بعد ان ازيلت اعتى ديكتاتورية في تاريخه المعاصر،ورغم انه مازال يعاني من بقايا النظام البائد وحلفائهم وبدعم من طغاة البلاد المجاورة،الا ان الامل باق في ولادة الضحايا من جديد وتحت شمس الحرية،حتى يعاد بناء ذلك البلد الذي كان مستودع الحضارات ومنبع الرسالات ليأخذ مكانه المعروف بين الامم...
يوم سقوط الطاغية هو يوم اسود لدى الطغاة واتباعهم في كل بلاد الدنيا...ويوم نصر عظيم لكل الضحايا والمظلومين....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق