شرائح فوقية آخرى:
هنالك عدد من الشرائح المكونة للطبقة الفوقية التي تدير الدولة او لها نفوذ كبير فيها وتعمل وفق مصالحها الذاتية،ومن بينها الطبقات الثرية والتي تتكون من التجار والرأسماليين والاقطاعيين واصحاب المصالح الاقتصادية الكبرى.
هدف هؤلاء بالدرجة الاولى هو تنمية ثرواتهم الذاتية والحفاظ عليها من كل خطر يهددها،ولذلك نجدهم يبذلوا كل ما في وسعهم لخدمة تلك الاهداف من خلال التحالف مع كل افراد الطبقات العليا في الدولة والتي تبدأ بالثراء المفاجئ من خلال استغلال المنصب وصلاحياته.
طبقة الاثرياء في المجتمع ككل هي في الغالب طبقة تكونت ثرواتها بصورة غير شرعية او قانونية،بمعنى ان نسبة الذين كونوا تلك الثروات بشرعية مطلقة ناتجة عن عصامية ذاتية هي قليلة وتحاول قدر الامكان الافلات من سيطرة الدولة واعوانها الاثرياء الاخرين للحفاظ على نزاهتها.
يمتد نفوذ الطبقات الثرية المرتبطة بالدولة واعوانها الى خارج البلاد خاصة في ظل العولمة الجديدة،وبما ان لديهم نفوذ سياسي واقتصادي خارج الحدود فذلك يجعلهم اكثر استفادة من علاقتهم بالدولة خاصة في ظل العلاقات الواسعة مع اصحاب النفوذ في الداخل والخارج.
الفساد الذي يصاحب سيطرة هؤلاء على الدولة هو من الخطورة المؤثرة على تقدم الدولة،وخاصة في ظل انعدام الحريات والشفافية وسيطرة نظم مستبدة تجعل الكتمان مهمتها القصوى لمنع شعبها او الرأي العام العالمي من معرفة درجة الاجرام والفساد،الذي وصل الى درجات غير مسبوقة في التاريخ بحيث تحولت دول كثيرة كانت في السابق من الثرية او المتقدمة على غيرها، مع الحروب والنزاعات والفساد الى دولا فقيرة تستجدي الاخرين.
المشكلة الرئيسية الاخرى ان الكثير من بلدان العالم الاخرى تساعد تلك البلدان المبتلية بالفساد ولاهداف شتى ولكن لاتعلم غالبا درجة الفساد العالية الذي ينهب كل المساعدات الخارجية!.
ففي دول افريقيا التي هي مضرب الامثال بالفساد،لم تخرج من دائرة الفقر والجوع رغم المساعدات الخارجية والثروات المعدنية في اراضيها،ففي دولة مثل الكونغو(زائير سابقا)كان زعيمها الديكتاتور الراحل موبوتو الذي طرد من الحكم عام 1997 بعد اكثر من ثلاث عقود قضاها في الحكم،كانت اغلبية الاموال سواء من داخل الدولة او من المساعدات الخارجية تذهب اليه او الى اعوانه بحيث اصبحت ثروته معادلة تماما لحجم الديون الخارجية!! فقد كنت اذكر ان ديون بلاده اوائل الثمانينات كانت 4 مليار دولار وهي نفس حجم ثروته،والاثنان معا تضاعفا بعد عقد من الزمن!...ومثال آخر الامبراطور الاثيوبي هيلا سيلاسي الذي اطيح به عام 1974 وكانت ثروته حوالي 15 مليار دولار بينما كانت بلاده متخلفة يقتل ابنائها القحط والجوع والفقر!.
والفساد لم يكن حكرا على الطغاة الذين تسلقوا السلطة بطريقة غير شرعية،بل الاخرين الذين وصلوا الحكم بطريقة ديمقراطية!وخاصة في دول افريقيا ودول اوروبا الشرقية بعد انهيار الشيوعية! ومنهم رئيس الفلبين السابق على سبيل المثال لا الحصر.
اما في العالم العربي فالامثلة كثيرة ولا تحتاج الى ذكر سوى الضغط على زر الكيبورد الرقيق لتظهر المعلومات المرعبة في الانترنت!!.
الطبقة الثرية تبذل كل ما في وسعها للحفاظ على ثرواتها ولايهمها من الذي يحكم ولكن يهمها من لا يمد يده على ثرواتها او يحاسبها كيف جمعت تلك الثروة،ولذلك سهل على هؤلاء ان يمدوا جسور التواصل مع الحكام الجدد ويمدوا لهم يد المساعدة حتى يحصلوا بعد ذلك على العائد المتوقع من زيادة النفوذ او الحصول على غنائم اخرى كبيرة تعوض مافقدوه،وقد كان لنا مثال في المانيا النازية بعد تسلم هتلر الحكم عام 1933 والتي دعمته الرأسمالية الالمانية بغية الاستفادة من تطور الاقتصاد وابعاد شبح الشيوعية عن البلاد.
يبذل الكثير من الاثرياء الذين لهم نفوذ في الدولة،الجهد لتسلم مسؤوليات رسمية كبيرة،بل بعضهم يشترك في مؤامرات لعمل انقلاب مدني او عسكري بغية تسلم السلطة. والحال ان بعد تسلم هؤلاء السلطة فأن لا شيء يتغير،بل احيانا كثيرة تتدهور الاحوال الاقتصادية ويزداد نهب هؤلاء للثروة القومية وتحت غطاء سميك من الرعاية والغطاء الاعلامي.
لا يصاحب حكم الاثرياء على الاغلب العنف والقسوة،ولكن يصاحب حكمهم ازدياد حالات الفساد،وحتى لو تحسن الاقتصاد فأن التحسن سوف يكون في صالح تلك الطبقة التي تعمل على ادامة حكمها بشتى الوسائل والمادية منها على الابرز.
تحاول الدول المتقدمة في مجال الديمقراطية ان تمنع بشتى الوسائل تسلق الاثرياء لكون ان العمل في السلطة يجب ان يبتعد عن الدوائر الشخصية،ومع هذا وجد بعض الاثرياء ولكن كحالة شاذة انفسهم وبوسائل ديمقراطية في مناصب عليا،ولكن خضوعهم سوف يكون قاسيا امام المراقبة،ولذلك تجبر السلطات، المرشحين للانتخابات ان يكشفوا عن حجم ثرواتهم ومصدرها كيلا يكون عبئا على مالكه في حال تسلم السلطة وخضوعه المستمر للتحقيق والتفتيش الذي يكون على اعلى المستويات،بينما في المقابل تكون الدول النامية ومنها العالم العربي ضعيفة الاجراءات القانونية لمكافحة الفساد بل ويستخدم الحكام ذلك الفساد كورقة ضغط مستقبلية على هؤلاء الاثرياء ومن حيث لا يعلمون!..
في حال تسلم الاثرياء الحكم،من خلال انقلاب او غيره،فأن التغيير نحو الافضل وخاصة عن طريق مساعدة الفقراء وتنمية البلاد سوف يكون ضعيفا،كذلك تزداد هيمنة المال على مفاصل الدولة ويزداد نفوذ الاثرياء فيها لتصل الى درجة الانفجار الجماهيري خاصة اذا تواجد الاستبداد مع الفقر وتكون النهاية ثورة مآساوية،وهذا القول ينطبق على الحكام من اصحاب الاسر المالكة والذين يملكون الثروات الهائلة بجانب صلاحياتهم الواسعة في السلطة والتي يمارسونها بأسوأ حالة،والامثلة عديدة ولكن يمكن ذكر شاه ايران الذي كان مع اسرته واعوانه،اثرياء الى درجة الاستفزاز الجماهيري والتي تشاهد ثروة بلادها الضخمة بيد نفر قليل يبددونها في ملذات حياتهم الشخصية،مما ادى الى ثورة كبرى اطاحت حكمهم دون ان يعمل المال على اخماد الثورة او حتى تخدير الجماهير،وهو مثال شاخص للحكام العرب الذين يسرقون شعوبهم ثم يسيرون بطغيان لاحدود له لايغفر لشعوبهم حتى كونهم مصدر المال والقوة لهم.
تتحكم في الحكم على الاغلب عوائل قليلة ثرية جدا لها نفوذ كبير بالاضافة الى آخرين في طريقهم الى الثراء،وهذا موجود حتى في الدول الديمقراطية ولكن للمال سطوة بالغة في الانتخابات هناك كونها تساعد المرشح.
تحاول الطبقات الثرية الامساك بالدولة عن طريق آخرين بالنيابة عنهم ولكنهم يبقون مسيرون للاثرياء ومحتاجون دوما للمال الذي يدعم وجود الحكام،كذلك ليس من السهل على الاثرياء ترك اعمالهم او التنازل عن ارباحهم مقابل العمل في الدولة لغرض خدمة الناس ومقابل اجور قليلة ،فتلك اسطورة لايشذ عنها سوى قلائل! ولذلك يفضل عدد كبير من الاثرياء البقاء خارج السلطة من الناحية الشكلية ولكنهم في ادق مفاصل الدولة بحكم اعمالهم يتمترسون!.
مارست الكثير من القوى الاقتصادية عملها بغية تغيير انظمة تعتبرها معادية لها،ولكن عملها يكون ناقصا اذا لم تكن هنالك قوة عسكرية او حزبية مسلحة قادرة على الوفاء بألتزاماتها تجاههم،ومن ابرز الامثلة على ذلك تحالف شركات النفط والمعادن في اسقاط حكومات يسارية معادية لها كما جرى في انقلاب عام 1963 في العراق او اسقاط حكومة مصدق اليسارية في ايران عام 1953،او الانقلابات المتكررة في افريقيا وامريكا اللاتينية،وقد دفعت تلك الشركات مبالغ هائلة في سبيل دفع عملية التغيير لصالحها.
ان الامل الذي يتبناه البعض بضرورة التغيير من خلال استخدام مال الاثرياء ونفوذهم لهو سراب سوف تظهر نتائجه الخاطئة بعد تسلم الحكم ممثلين عن نفس تلك الطبقة الفوقية للمجتمع او المتحالفين معها،وسوف لا يظهر للجميع سوى تغيير الوجوه بينما الجوهر واحد،جوهر الفساد والاستبداد،وهما وجهان لعملة واحدة،وسوف تبقى الاوضاع على الاغلب ثابتة مع بقاء سطوة المال وأربابه على الدولة.
الفساد يظهر بجانب الاستبداد وهي قاعدة عامة،والفساد يجلب معه الثراء الفاحش وطبقته،وهذه الطبقة لا يوجد لديها ادنى استعداد في العودة الى وضعها الطبيعي والتنازل عن مصالحها وامتيازاتها الجديدة في استجابة وهمية لنداء الدين او الاخلاق او الوطنية! ولذلك فأن من الخطأ الكبيرالعمل على تغيير تلك المعادلة مع بقاء الاشخاص والاموال،فبينهم تحالف لا انفصام له،وسوف نجدهم اذا لم يقاتلوا لاجل مصالحهم فسوف يهربون الى خارج البلاد هربا من تحقيق العدالة الاجتماعية.وكما قيل سابقا ان رأس المال جبان،فكذلك اكمل العبارة بأن ذلك الجبن سوف ينتقل في اكثر الاحيان الى الاثرياء الذين يصبحون مثل اموالهم،فيستحقون عبارة ان صاحب المال جبان!...وبالتأكيد ان لكل قاعدة شواذ او استثناءات.
الناس العاديين في الغالب لا يتقبلون حكم الاثرياء لانه حسب وجهة نظرهم ان المال يكفي لهؤلاء وهو حكم ايضا ولكن بدون سلطة ظاهرية على الاخرين بل مبطنة.
اكثر المكروهين من طبقة الاثرياء،هم الاقطاعيين بسبب العلاقة السيئة مع العاملين لديهم والتي تتسم احيانا كثيرة بالعبودية المهينة للبشر،ورغم كون ان بعض شيوخ القبائل في العالم العربي مازالوا يتعاملون مع السياسة وهم في نفس الوقت اقطاعيين،فسوف يكون الحكم سيئا اذا تسلمه هؤلاء لان نهج العبودية يتحكم بسلوكهم وعاداتهم وتقاليدهم،وبالتالي يكون من الصعب جدا تغييرهم نحو الافضل،والشعب يحتاج الى تغيير وليس هو الذي يبدأ بتغيير سلوك حكام جدد كانوا اقطاعيين!..وبالتالي سوف تفقد البلاد فرصة ثمينة للتقدم مع وجود الاقطاعيين في الحكم،والزمن في النهاية لا يعوض ابدا،فهو خسارة للشعوب بكل تأكيد...
هنالك عدد من الشرائح المكونة للطبقة الفوقية التي تدير الدولة او لها نفوذ كبير فيها وتعمل وفق مصالحها الذاتية،ومن بينها الطبقات الثرية والتي تتكون من التجار والرأسماليين والاقطاعيين واصحاب المصالح الاقتصادية الكبرى.
هدف هؤلاء بالدرجة الاولى هو تنمية ثرواتهم الذاتية والحفاظ عليها من كل خطر يهددها،ولذلك نجدهم يبذلوا كل ما في وسعهم لخدمة تلك الاهداف من خلال التحالف مع كل افراد الطبقات العليا في الدولة والتي تبدأ بالثراء المفاجئ من خلال استغلال المنصب وصلاحياته.
طبقة الاثرياء في المجتمع ككل هي في الغالب طبقة تكونت ثرواتها بصورة غير شرعية او قانونية،بمعنى ان نسبة الذين كونوا تلك الثروات بشرعية مطلقة ناتجة عن عصامية ذاتية هي قليلة وتحاول قدر الامكان الافلات من سيطرة الدولة واعوانها الاثرياء الاخرين للحفاظ على نزاهتها.
يمتد نفوذ الطبقات الثرية المرتبطة بالدولة واعوانها الى خارج البلاد خاصة في ظل العولمة الجديدة،وبما ان لديهم نفوذ سياسي واقتصادي خارج الحدود فذلك يجعلهم اكثر استفادة من علاقتهم بالدولة خاصة في ظل العلاقات الواسعة مع اصحاب النفوذ في الداخل والخارج.
الفساد الذي يصاحب سيطرة هؤلاء على الدولة هو من الخطورة المؤثرة على تقدم الدولة،وخاصة في ظل انعدام الحريات والشفافية وسيطرة نظم مستبدة تجعل الكتمان مهمتها القصوى لمنع شعبها او الرأي العام العالمي من معرفة درجة الاجرام والفساد،الذي وصل الى درجات غير مسبوقة في التاريخ بحيث تحولت دول كثيرة كانت في السابق من الثرية او المتقدمة على غيرها، مع الحروب والنزاعات والفساد الى دولا فقيرة تستجدي الاخرين.
المشكلة الرئيسية الاخرى ان الكثير من بلدان العالم الاخرى تساعد تلك البلدان المبتلية بالفساد ولاهداف شتى ولكن لاتعلم غالبا درجة الفساد العالية الذي ينهب كل المساعدات الخارجية!.
ففي دول افريقيا التي هي مضرب الامثال بالفساد،لم تخرج من دائرة الفقر والجوع رغم المساعدات الخارجية والثروات المعدنية في اراضيها،ففي دولة مثل الكونغو(زائير سابقا)كان زعيمها الديكتاتور الراحل موبوتو الذي طرد من الحكم عام 1997 بعد اكثر من ثلاث عقود قضاها في الحكم،كانت اغلبية الاموال سواء من داخل الدولة او من المساعدات الخارجية تذهب اليه او الى اعوانه بحيث اصبحت ثروته معادلة تماما لحجم الديون الخارجية!! فقد كنت اذكر ان ديون بلاده اوائل الثمانينات كانت 4 مليار دولار وهي نفس حجم ثروته،والاثنان معا تضاعفا بعد عقد من الزمن!...ومثال آخر الامبراطور الاثيوبي هيلا سيلاسي الذي اطيح به عام 1974 وكانت ثروته حوالي 15 مليار دولار بينما كانت بلاده متخلفة يقتل ابنائها القحط والجوع والفقر!.
والفساد لم يكن حكرا على الطغاة الذين تسلقوا السلطة بطريقة غير شرعية،بل الاخرين الذين وصلوا الحكم بطريقة ديمقراطية!وخاصة في دول افريقيا ودول اوروبا الشرقية بعد انهيار الشيوعية! ومنهم رئيس الفلبين السابق على سبيل المثال لا الحصر.
اما في العالم العربي فالامثلة كثيرة ولا تحتاج الى ذكر سوى الضغط على زر الكيبورد الرقيق لتظهر المعلومات المرعبة في الانترنت!!.
الطبقة الثرية تبذل كل ما في وسعها للحفاظ على ثرواتها ولايهمها من الذي يحكم ولكن يهمها من لا يمد يده على ثرواتها او يحاسبها كيف جمعت تلك الثروة،ولذلك سهل على هؤلاء ان يمدوا جسور التواصل مع الحكام الجدد ويمدوا لهم يد المساعدة حتى يحصلوا بعد ذلك على العائد المتوقع من زيادة النفوذ او الحصول على غنائم اخرى كبيرة تعوض مافقدوه،وقد كان لنا مثال في المانيا النازية بعد تسلم هتلر الحكم عام 1933 والتي دعمته الرأسمالية الالمانية بغية الاستفادة من تطور الاقتصاد وابعاد شبح الشيوعية عن البلاد.
يبذل الكثير من الاثرياء الذين لهم نفوذ في الدولة،الجهد لتسلم مسؤوليات رسمية كبيرة،بل بعضهم يشترك في مؤامرات لعمل انقلاب مدني او عسكري بغية تسلم السلطة. والحال ان بعد تسلم هؤلاء السلطة فأن لا شيء يتغير،بل احيانا كثيرة تتدهور الاحوال الاقتصادية ويزداد نهب هؤلاء للثروة القومية وتحت غطاء سميك من الرعاية والغطاء الاعلامي.
لا يصاحب حكم الاثرياء على الاغلب العنف والقسوة،ولكن يصاحب حكمهم ازدياد حالات الفساد،وحتى لو تحسن الاقتصاد فأن التحسن سوف يكون في صالح تلك الطبقة التي تعمل على ادامة حكمها بشتى الوسائل والمادية منها على الابرز.
تحاول الدول المتقدمة في مجال الديمقراطية ان تمنع بشتى الوسائل تسلق الاثرياء لكون ان العمل في السلطة يجب ان يبتعد عن الدوائر الشخصية،ومع هذا وجد بعض الاثرياء ولكن كحالة شاذة انفسهم وبوسائل ديمقراطية في مناصب عليا،ولكن خضوعهم سوف يكون قاسيا امام المراقبة،ولذلك تجبر السلطات، المرشحين للانتخابات ان يكشفوا عن حجم ثرواتهم ومصدرها كيلا يكون عبئا على مالكه في حال تسلم السلطة وخضوعه المستمر للتحقيق والتفتيش الذي يكون على اعلى المستويات،بينما في المقابل تكون الدول النامية ومنها العالم العربي ضعيفة الاجراءات القانونية لمكافحة الفساد بل ويستخدم الحكام ذلك الفساد كورقة ضغط مستقبلية على هؤلاء الاثرياء ومن حيث لا يعلمون!..
في حال تسلم الاثرياء الحكم،من خلال انقلاب او غيره،فأن التغيير نحو الافضل وخاصة عن طريق مساعدة الفقراء وتنمية البلاد سوف يكون ضعيفا،كذلك تزداد هيمنة المال على مفاصل الدولة ويزداد نفوذ الاثرياء فيها لتصل الى درجة الانفجار الجماهيري خاصة اذا تواجد الاستبداد مع الفقر وتكون النهاية ثورة مآساوية،وهذا القول ينطبق على الحكام من اصحاب الاسر المالكة والذين يملكون الثروات الهائلة بجانب صلاحياتهم الواسعة في السلطة والتي يمارسونها بأسوأ حالة،والامثلة عديدة ولكن يمكن ذكر شاه ايران الذي كان مع اسرته واعوانه،اثرياء الى درجة الاستفزاز الجماهيري والتي تشاهد ثروة بلادها الضخمة بيد نفر قليل يبددونها في ملذات حياتهم الشخصية،مما ادى الى ثورة كبرى اطاحت حكمهم دون ان يعمل المال على اخماد الثورة او حتى تخدير الجماهير،وهو مثال شاخص للحكام العرب الذين يسرقون شعوبهم ثم يسيرون بطغيان لاحدود له لايغفر لشعوبهم حتى كونهم مصدر المال والقوة لهم.
تتحكم في الحكم على الاغلب عوائل قليلة ثرية جدا لها نفوذ كبير بالاضافة الى آخرين في طريقهم الى الثراء،وهذا موجود حتى في الدول الديمقراطية ولكن للمال سطوة بالغة في الانتخابات هناك كونها تساعد المرشح.
تحاول الطبقات الثرية الامساك بالدولة عن طريق آخرين بالنيابة عنهم ولكنهم يبقون مسيرون للاثرياء ومحتاجون دوما للمال الذي يدعم وجود الحكام،كذلك ليس من السهل على الاثرياء ترك اعمالهم او التنازل عن ارباحهم مقابل العمل في الدولة لغرض خدمة الناس ومقابل اجور قليلة ،فتلك اسطورة لايشذ عنها سوى قلائل! ولذلك يفضل عدد كبير من الاثرياء البقاء خارج السلطة من الناحية الشكلية ولكنهم في ادق مفاصل الدولة بحكم اعمالهم يتمترسون!.
مارست الكثير من القوى الاقتصادية عملها بغية تغيير انظمة تعتبرها معادية لها،ولكن عملها يكون ناقصا اذا لم تكن هنالك قوة عسكرية او حزبية مسلحة قادرة على الوفاء بألتزاماتها تجاههم،ومن ابرز الامثلة على ذلك تحالف شركات النفط والمعادن في اسقاط حكومات يسارية معادية لها كما جرى في انقلاب عام 1963 في العراق او اسقاط حكومة مصدق اليسارية في ايران عام 1953،او الانقلابات المتكررة في افريقيا وامريكا اللاتينية،وقد دفعت تلك الشركات مبالغ هائلة في سبيل دفع عملية التغيير لصالحها.
ان الامل الذي يتبناه البعض بضرورة التغيير من خلال استخدام مال الاثرياء ونفوذهم لهو سراب سوف تظهر نتائجه الخاطئة بعد تسلم الحكم ممثلين عن نفس تلك الطبقة الفوقية للمجتمع او المتحالفين معها،وسوف لا يظهر للجميع سوى تغيير الوجوه بينما الجوهر واحد،جوهر الفساد والاستبداد،وهما وجهان لعملة واحدة،وسوف تبقى الاوضاع على الاغلب ثابتة مع بقاء سطوة المال وأربابه على الدولة.
الفساد يظهر بجانب الاستبداد وهي قاعدة عامة،والفساد يجلب معه الثراء الفاحش وطبقته،وهذه الطبقة لا يوجد لديها ادنى استعداد في العودة الى وضعها الطبيعي والتنازل عن مصالحها وامتيازاتها الجديدة في استجابة وهمية لنداء الدين او الاخلاق او الوطنية! ولذلك فأن من الخطأ الكبيرالعمل على تغيير تلك المعادلة مع بقاء الاشخاص والاموال،فبينهم تحالف لا انفصام له،وسوف نجدهم اذا لم يقاتلوا لاجل مصالحهم فسوف يهربون الى خارج البلاد هربا من تحقيق العدالة الاجتماعية.وكما قيل سابقا ان رأس المال جبان،فكذلك اكمل العبارة بأن ذلك الجبن سوف ينتقل في اكثر الاحيان الى الاثرياء الذين يصبحون مثل اموالهم،فيستحقون عبارة ان صاحب المال جبان!...وبالتأكيد ان لكل قاعدة شواذ او استثناءات.
الناس العاديين في الغالب لا يتقبلون حكم الاثرياء لانه حسب وجهة نظرهم ان المال يكفي لهؤلاء وهو حكم ايضا ولكن بدون سلطة ظاهرية على الاخرين بل مبطنة.
اكثر المكروهين من طبقة الاثرياء،هم الاقطاعيين بسبب العلاقة السيئة مع العاملين لديهم والتي تتسم احيانا كثيرة بالعبودية المهينة للبشر،ورغم كون ان بعض شيوخ القبائل في العالم العربي مازالوا يتعاملون مع السياسة وهم في نفس الوقت اقطاعيين،فسوف يكون الحكم سيئا اذا تسلمه هؤلاء لان نهج العبودية يتحكم بسلوكهم وعاداتهم وتقاليدهم،وبالتالي يكون من الصعب جدا تغييرهم نحو الافضل،والشعب يحتاج الى تغيير وليس هو الذي يبدأ بتغيير سلوك حكام جدد كانوا اقطاعيين!..وبالتالي سوف تفقد البلاد فرصة ثمينة للتقدم مع وجود الاقطاعيين في الحكم،والزمن في النهاية لا يعوض ابدا،فهو خسارة للشعوب بكل تأكيد...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق