القمامة المكتبية:
اثناء القراءة نكتشف عوالم جديدة في مختلف المجالات...آراء وابداعات وافكار ورؤى يستحق الانسان ان يندمج معها روحيا ويذوب في ثنايا سطورها،وتحرك كوامن الابداع في داخل العقل،وتعطي للمنطق قوة وسطوة،وتجعل للحياة معنى اضافي يضاف الى سلسلة طويلة من المعاني السامية...
ومن ناحية اخرى...نجد ان هنالك كتب تصدر من مؤلفين او اشباه مؤلفين لا تحمل المعاني السامية في الصنف الاول ...بل تصنف في خانة جديدة اطلق عليها اسم ..
القمامة المكتبية ....بمعنى ان قيمتها تساوي محتويات القمامة وتكون في القمامة مباشرة وسوف تهمل ويعاد تكرير المادة المطبوعة عليها...وكم من كتب ألفت قبل الاف السنين ومازالت منارة للعلم والعلماء وتطبع بمختلف اللغات وبحلى جديدة وكأنها منتجة من الذهب الخالص،بل هي مادة لا تفنى ولا تستحدث...والامثلة كثيرة لاحصر لها...
اذكر بعضا منها...كتاب الجمهورية لافلاطون،كتب كونفوشيوس الاربعة،ملحمة كلكامش،تاريخ هيرودوت،فن الحرب لسون تزو،تاريخ الطبري،تهافت الفلاسفة للغزالي وتهافت التهافت لابن رشد،روح القوانين لمونتسيكو،قصة الحضارة لديورانت،الاسس المنطقية للاستقراء للصدر،وغيرها وبدون حصر...
وكم من كتب الفت وخلال فترة قصيرة رميت في القمامة لعدم الفائدة منها ولكن بدون امثلة! لان الامثلة تطلق على الصنف الاول فقط..
قد تختلف تفسير ورؤية الشخص للكتاب الصادر وبالتالي تختلف رؤيته في وضعه في خانة القمامة المكتبية...ولكن المتفق عليه في شروط وضع الكتب في خانة القمامة هي الكذب والتلفيق والتزوير وانعدام الفائدة المعرفية وشروط اخرى يحتل بعضها جزء من خانة الاخلاق العامة والضمير الانساني الحي...
ولكن هنالك كتب تحتوي على الكذب والتزوير والتلفيق ولكن تطبع في ومنذ قرون عديدة!! وللجواب على ذلك:نقول مازال التراث الاسود حاضرا وبقوة في الزمن الحاضر وسوف يبقى الى الابد ايضا مادام الاشرار موجودون في كل مكان ويحتاجون ايضا الى مؤونة فكرية تساعدهم على خدمة اغراضهم الشريرة والتي قد يجدون في ذلك مبررا لهم لمواصلة عمل اسلافهم ومادامت الافكار السيئة موجودة فبالتأكيد تحتاج الى معين فكري مستمد من التاريخ القديم ...كذلك تستمر الاصدارات القمامية الجديدة والتي نهايتها معروفة... وبذلك يجب على الجميع الفحص حتى يتبين الذهب من عدمه في كل الاصدارات...
اطلعت مؤخرا على بعض الكتب فوجدت بعضها مهم او ذات معنى،والاخر وجدته لا يساوي سوى الورق الممزق في القمامة،وبالتالي نهايته قمامة المكتبة...والاكتشاف طبعا يكون من خلال الاطلاع على الكتب المطبوعة،والتي تختلف النوايا والاهداف بطباعتها...
وجدت خلال قراءة 18 كتاب واربع مجلات في آن واحد ان ثلاث كتب هي للقمامة بجدارة ...
الكتاب الاول: المقاومة الوطنية العراقية ،تاليف حسن خليل غريب وهو لبناني الجنسية ومطبوع عام 2003 في طباعة جيدة!! عن دار نشر لبنانية...والغريب في الامر انني لاول مرة اجد عبارة مطبوعة في الصفحة الثانية بجانب معلومات النشر،وهي وان سبق ان قرأتها في مجلات عديدة كون يشترك فيها عدد كبير من الكتاب ذو افكار وآراء مختلفة ولذلك وجب التنبيه بعدم الالتزام برأي معين،اما تذكر عبارة ان المؤسسة تنشر للكاتب دون ان يكون ذلك تعبيرا عن رأيها وهو كتاب للمؤلف فمعنى ذلك ان المعلومات الواردة فيه لاتمثل سوى رأي كاتبها او مجموعة صغيرة تعيش في اوكار سوداء او مدفوع ثمن طباعة الكتاب!!.
الكتاب مؤلف بصورة مستعجلة بعد تحرير العراق عام 2003 وعند قرائته يمكن تصويره بأنه لايختلف عن كتب حزب البعث العراقي،وفيه من الاكاذيب والفضائح لا يمكن لعقل تصوره سوى في عقل الكاتب المريض الذي عبأ غالبية الكتاب ببيانات حزب البعث وعصاباته المقنعة وبيانات عملياتهم الاجرامية، والمضحك ان يتضمن خطب الديكتاتور صدام من داخل حفرته الحقيرة !!.
من الاكاذيب المضحكة والمخزية هي ذكر الكاتب في صفحة 36 ان نظام البعث كان يوزع المواد الغذائية الضرورية مجانا على كل المواطنين بلا استثناء قبل الحصار عام 1991 وهو يدفع المؤلف حسب زعمه ليعطي نموذج من عبقريته الفذة بقوله ان العراقي هو الوحيد في العالم الذي لايتعرض للجوع!!!.
كل من عاش في العراق خلال الحقبة المظلمة للبعث يعرف ان هذا الحزب الشيطاني الشرير لم يدخر وسعا لاذلال العراقيين،وخلال الفترة الطويلة من حكمه قبل الحصار كان رغم الايرادات الضخمة للنفط،يمنع توفير ابسط المواد الغذائية حتى يتعب ويشغل المواطن في الحصول عليها حتى لا يفكر في السياسة في رأيه !! وكانت كل المدن تفتقر لابسط انواع الاغذية فترات طويلة جدا،ثم جاء الحصار ليزيد الطين بلة،دون نسيان ان مناطق دعم النظام الرئيسية لم تتأثر بتلك الاجراءات...ثم يتكلم عن النهضة المزعومة في كل المجالات والتي فضحها سقوط النظام وتشرد الملايين في العالم...
يذكر المؤلف آراء البعث والظاهر انه من البعثيين المكروهين في العالم العربي جراء حكمهم الاسود في العراق وسوريا منذ عام 1963.
يتضمن الكتاب الكثير من المعلومات التي ينسبها الكاتب الى المواقع الالكترونية والصحف والمجلات الصادرة آنذاك،كما يتضمن نصف الكتاب تقريبا،بيانات لصدام وزمرة البعث البائد!!مما يعني ان اغلبية الكتاب هو حشو لمعلومات منشورة مضاف اليها صفحات تعبر عن رأي البعث ايام سطوته وبالتالي فأن قيمة الكتاب للمطلع عليه يرى انه الى القمامة مباشرة دون ان يدنس مكتبته بمثل تلك القذارات الكريهة!.
الكتاب الثاني: اسمه رنان(سقوط بغداد) ومكتوب عليه قدم له القاضي نبيل حياوي،في 656 صفحة مطبوع طباعة جيدة في لبنان بدون تاريخ!والظاهر ايضا 2003 وكذلك موجود عليه في البداية ان الاراء الواردة فيه لاتعبر بالضرورة عن الناشر!!مما يدل على ان تلك الكتب مدفوعة الثمن بنشرها...
عند تصفح الكتاب لا نجد فيه اي شيء جديد سوى اخذ المعلومات المنشورة خلال فترة التحضير لغزو العراق عام 2003 ومابعدها في الجرائد والمجلات وخاصة الشرق الاوسط اللندنية والتي يذكرها بكثرة ملحوظة!. الغريب ان بعض المعلومات قد جرى كشف زيفها بالوقائع اليومية للحرب او بعده مما يدل ان الغرض الرئيسي من نشره هو فقط تجميع معلومات بدون فحص او تدقيق او تحليل ونشره بتلك الصورة المشوهة.كتاب لايجد المرء شيء جديد سوى ذكر معلومات بعضها خاطيء والاخرى مشوهة،والكثير من الكتب التي تنشر على تلك الشاكلة يكون مصيرها القمامة المكتبية لانها على طريقة نسخ ولصق الشهيرة!...
الكتاب الثالث: شخصيات عرفتها، تأليف حسين احمد امين،في 235 صفحة ومطبوع في القاهرة عام 2007.
والكتب التي تؤلف عادة عن شخصيات يكون المؤلف قد عرفها عن قرب لها قيمتها الادبية او التاريخية،ولكن مع هذا الرجل الوضع يختلف! وسوف استعرض لمحات عن ذلك.
اذكر اول مرة قرأت اسم هذا الرجل وشاهدت صوره من خلال لقاء مع مجلة( كل العرب) صيف عام 1985 وهي مجلة تصدر في باريس كان يدعمها ماديا نظام البعث البائد في العراق بقوة،بحيث ان هذه المجلة توقفت عن النشر تماما عندما غزا النظام الكويت عام 1990 وتم فرض الحصار عليه مما اضطر الى ايقاف دعمه المادي الى الواجهات الاعلامية التي تصدر عنه خارج العراق! وهي عموما مجلة ضعيفة المستوى الثقافي ولكن ذات طباعة جيدة.
اذكر انني قرأت اللقاء ومازلت كعادتي اذكر فقرات اللقاء،ومن خلال اللقاء عرفت ان الرجل هو احد دبلوماسي النظام المصري وبوق من ابواق اعلامه في الخارج واحد مروجيه سياساته،ولكنه من خلال الحديث يشعر القارئ بأنه من النوع الذي يعامل الاخرين من ابراج عالية مستند في ظنه الى كونه انه ابن احمد امين الكاتب المصري المعروف(1886-1954)صاحب فجر الاسلام وضحاه وظهره،وكأن ابوه هذا مفكرا عظيما يمنح له الحصانة في كل شيء ويجعله مفكرا ليحكم من فوق على الاخرين ويقيمهم ،وذلك كان لقاءه موجه ضد التيارات الدينية في مصر وبشدة وهو يعلم جيدا ان تلك التيارات وغيرها تظهر كرد فعل على طغيان النظام المصري واستبداده،واذكر كلمته ان يجب التعامل بصورة غير ديمقراطية مع كل التيارات الغير ديمقراطية او عدم منحهم الديمقراطية وهو بذلك يدعو الى التعامل بقسوة وغلظة مع المعارضين،وكأن الانظمة العربية (وهو الحديث الموجه اليهم) كانت قاصرة في التعامل مع المعارضين وتمنحهم كل الحرية في الاختيار!او كأن الانظمة نفسها ديمقراطية حتى يحكم على الاخرين بأنهم غير ديمقراطيين!.
عموما اللقاء كان يعطي صورة واضحة عن افكار الرجل وخلفيته الاسرية والتي دائما يتبجح بها اوالثقافية الناتجة عنها او عن المحيط الذي عاش فيه...
والكتاب الذي الفه اعلاه هو ذكرياته عن 26 شخصية،غالبيتها مصرية ومن النخبة الثقافية على الاكثر.وطريقة سرده للذكريات عن تلك الشخصيات وتقويمها لا يختلف عن طريقته في التفكير الذي يستند على كونه ابن احمد امين وجعله المحور الاساسي في حياته او وصفه للاخرين وبالتالي يكون ابيه هو مقياس الحق والباطل!والشر والخير!والطيبة او سوء الاخلاق!...وهو مقياس تافه لا قيمة له حتى لوكان ابيه عظيم العظماء في زمانه!...وابيه الذي يتبجح به هو كاتب لتاريخ الاسلام وحضارته ولا يعرف غير ذلك باعترافه هو!...واحمد امين لاتختلف كتبه عن الكثير من الكتاب في كونها تقليدية ولاتخرج عن الاطار المذهبي المتعصب وتضمن الكثير من خزعبلات وخرافات المؤرخين القدامى ومنها عند زيارته الشهيرة للعراق في الثلاثينات عندما عوتب عن اتهاماته للشيعة وتكفيرهم واخذ الاقوال الكاذبة من خصومهم..فكانت اجابته المضحكة انه لم تكن لديه مصادر للشيعة عنده ولذلك اخذ مصادر مناوئيهم!!عذر اقبح من عمله المشين،ومن خلال ذلك يمكن الحذر من اقواله في مؤلفاته التي يتبجح بها ابنه! والذي وضعه في بداية الكتاب يمكن على اعتبار انه مفكر وفيلسوف لامثيل له!.
فأذا كانت الشخصية تختلف عن والده في شيء ما حتى لو كان بسيطا،فهو خاطئ ويذكر له كل مساوئه ويعطي صورة سلبية كاملة عنه رغم انه يضطر في بداية الحديث لذكر بعض اخلاقه وطيبته!وبذلك يمحو كل ذكر طيب للشخصية بل ويتجاوز وهو النكرة عليهم علميا وادبيا بحجح كاذبة من بينها معرفته ووالده بالمعارف كلها!...ومن الشخصيات التي ذكر مساوئها بشدة...المفكر زكي نجيب محمود الذي نفى عنه كل علم او فلسفة...ومن بين المواقف المضحكة التي يذكرها عنه هو عدم معرفته بالتواريخ الهجرية واستدلاله بالميلادية وكأن ذلك عيبا كبيرا! ويستهين بالكثير من كتبه ويقول ان شهرته جائت من خلو الساحة المصرية من المفكرين!.
او حديثه عن الفيلسوف عبد الرحمن بدوي،والذي يصوره انه مريض نفسيا وصاحب شتائم لاحصر لها،ورغم انه لم يتجرأ على نفي انه فيلسوف الا انه لم يترك مجالا سيئا للحديث عنه بسبب كرهه لوالده!.
اما بالنسبة الى طريقة ذكره لرئيس مصر الاسبق ابراهيم عبد الهادي والذي كان قريبا له،فهي مخزية ووقحة في نفس الوقت لكونه يدافع عنه ويذكر وجهة نظره في تبرير جرائمه،بينما المعروف عن هذا الطاغية كونه اول من بدأ حملة اعتقالات وتعذيب بشعة ضد اتباع تنظيم الاخوان المسلمين في مصر والتي رافقها للمرة الاولى اعتقال ذوي المعارضين وتعذيبهم وانتهاك اعراضهم امام عيونهم!بنفس طريقة اعتقال ابناء بلدة الدجيل في العراق بعد محاولة الاغتيال الفاشلة لصدام،وسبب حملة ابراهيم عليهم كونه خليفة النقراشي الذي اغتيل قبله على يد عضو من الجماعة وهي لاتبرر اطلاقا اعتقال افراد الجماعة الاخرين فكيف اعتقال ذويهم،وجرائمه من البشاعة بحيث اعتقله ضباط انقلاب 1952 الذين اطلقوا سراحه بعد عامين بعد الخلاف مع الاخوان وكذلك اصبحت جرائم ابراهيم عبد الهادي بالنسبة لجرائم الضباط شيئا بسيطا لا تقارن بضخامتها وبشاعتها وطول فترتها!!.
اما طريقة عرضه للكاتبة المشهورة صاحبة المواقف الشجاعة الحقة،صافيناز كاظم فهي تدل على مقدار الانحطاط الواصل اليه،وهو يلصق بها كل شيء يدل على سفاهتها وضحالة ثقافتها،نظرا لكرهها له ولفكره،وهي بالتاكيد تكون كذلك لان الفارق بينهما كبير! ويصور الامر معها على انها لا تفهم شيئا وهو علامة زمانه!.
ثم يذكر طه حسين والعقاد من نفس النظرة المؤسسة على علاقتهما مع والده،ثم يحاول ذكر مساوئهما بعد محاسنهما حتى يجعل القارئ يتقبل ذلك بدلا من الحديث بسوء مباشرة عنهما. ويختم حديثه عن طه حسين في حواره معه عن مسرحية حسين امين المسماة الامام والتي تتحدث عن الصراع بين علي(ع) وبين معاوية والتي يعلن بها بكل وقاحة تاييده لجانب معاوية،ثم يقول له انه مثله الاعلى! وهو نفس الموقف الذي تنكره عليه صافيناز كاظم،بالاضافة الى طه حسين.
اما العقاد فيعيب عليه حصوله على شهادة الابتدائية رغم عبقريته الادبية والتاريخية،بينما هو صاحب الشهادة التي لم تنفعه بشيء،لا تصل ثقافته او نتاجه منها الى جزء ضئيل من انتاج العقاد الضخم،ثم يعيب عليه حديثه الدائم في المنتديات او مع اصدقائه والذي يشعر منه انه قريب على الالحاد او ينكر الكثير من مبادئ الشريعة والدين ،ثم يتجاهل ذكر ان والده نفسه وهو الذي الف الكتب الطوال عن الاسلام وتاريخه بصورة خاصة وهو لم يراه ابنه يصلي او يقرأ القرآن باعتراف اخيه جلال في مذكراته عن ابيه مما اثر ذلك على سلوكية ابنائه الذين لا يمارسون الشعائر الاسلامية بل ويخالفونها في افكارهم وسلوكهم!،والحكم الان للجمهور الثقافي ايهما يعرف العقاد او حسين احمد امين!!...
ومن خلال الكتاب نرى الكم الهائل من الشخصيات التي تخالف ابيه او لا تبدي له اي مودة،بل بعضهم مثل السادات يتجهم الوجه او لايعير اهتمام لصاحب الكتاب وابيه،في دلالة واضحة للاحتقار!...او الاديب واللغوي محمد محمود شاكر وزميله الذي يذكره معه والذي يعلن ذلك صراحة كرهه لابيه! ...
وفي النهاية يذكر قصة واقعية لطفلة اسمها خضرة وهي سمراء اللون وعمرها 12 عاما جرى توظيفها كخادمة في بيت المؤلف!ويقولها صراحة رغم ان عمرها الصغير..عملت الطفلة في بيته ولكن تعلمت القراءة والكتابة ثم درست حتى وصلت مراتب عليا وفي النهاية تزوجت من طبقة اعلى منها...يعني الفضل في الاول والاخير الى الخادمة الصغيرة وارادتها الحرة القوية...ولا ادري ربط القصة بكتاب المؤلف،ولعله يريد القول ان الفضل له في ذلك،بينما الفضل له بتشغيل طفلة لاتتجاوز 12 عاما للعمل في مهنة يهان المرء عليها!!....
في الختام كتاب لا قيمة له سوى القمامة من كاتب يجاهر بآرائه المقاسة على رغباته في جعل والده المقياس الاول في تقييم الاخرين ثم قناعاته المنحرفة كثيرا عن الواقع،فالكتاب مليء بالاحاديث التي تعطي صورة كريهة للواقع الثقافي في مصر من خلال رؤية المؤلف للحياة الشخصية لهؤلاء الادباء والكتاب والمفكرين المشهورين ومن خلال تلك الرؤية نلاحظ المساوئ الانسانية بارزة وتتعارض مع الصورة الاعلامية البراقة لهؤلاء من قبيل الحسد فيما بينهم والصراع الذي يصل الى الاهانة والتنكيل والشتائم والتسفيه والتسقيط الى ابعد الحدود مما يجعل القارئ يصاب بالذهول لهزالة وانحطاط الحياة الشخصية لهؤلاء المشاهير من خلال الكتاب كذلك نلاحظ مقدار التعصب والبعد عن الموضوعية والامانة العلمية والالتزام الاخلاقي عند البعض الاخر،هذا بالاضافة الى التناقض الواضح بين سلوك بعضهم البعيد الالتزام الديني وفي نفس الوقت هم من المتخصصين في الامور الدينية وخاصة التي تتعلق بالعلوم الشرعية!! ...ورغم ذلك فالواجب الحذر الشديد من تلك النوعية من الكتب او مؤلفيها ...ومن لايؤمن على نفسه الحذر ...فالافضل الابتعاد للحفاظ على السلامة الفكرية من التشويش والتعطيل وصيانتها من الكثير من الاضرار !!....
اثناء القراءة نكتشف عوالم جديدة في مختلف المجالات...آراء وابداعات وافكار ورؤى يستحق الانسان ان يندمج معها روحيا ويذوب في ثنايا سطورها،وتحرك كوامن الابداع في داخل العقل،وتعطي للمنطق قوة وسطوة،وتجعل للحياة معنى اضافي يضاف الى سلسلة طويلة من المعاني السامية...
ومن ناحية اخرى...نجد ان هنالك كتب تصدر من مؤلفين او اشباه مؤلفين لا تحمل المعاني السامية في الصنف الاول ...بل تصنف في خانة جديدة اطلق عليها اسم ..
القمامة المكتبية ....بمعنى ان قيمتها تساوي محتويات القمامة وتكون في القمامة مباشرة وسوف تهمل ويعاد تكرير المادة المطبوعة عليها...وكم من كتب ألفت قبل الاف السنين ومازالت منارة للعلم والعلماء وتطبع بمختلف اللغات وبحلى جديدة وكأنها منتجة من الذهب الخالص،بل هي مادة لا تفنى ولا تستحدث...والامثلة كثيرة لاحصر لها...
اذكر بعضا منها...كتاب الجمهورية لافلاطون،كتب كونفوشيوس الاربعة،ملحمة كلكامش،تاريخ هيرودوت،فن الحرب لسون تزو،تاريخ الطبري،تهافت الفلاسفة للغزالي وتهافت التهافت لابن رشد،روح القوانين لمونتسيكو،قصة الحضارة لديورانت،الاسس المنطقية للاستقراء للصدر،وغيرها وبدون حصر...
وكم من كتب الفت وخلال فترة قصيرة رميت في القمامة لعدم الفائدة منها ولكن بدون امثلة! لان الامثلة تطلق على الصنف الاول فقط..
قد تختلف تفسير ورؤية الشخص للكتاب الصادر وبالتالي تختلف رؤيته في وضعه في خانة القمامة المكتبية...ولكن المتفق عليه في شروط وضع الكتب في خانة القمامة هي الكذب والتلفيق والتزوير وانعدام الفائدة المعرفية وشروط اخرى يحتل بعضها جزء من خانة الاخلاق العامة والضمير الانساني الحي...
ولكن هنالك كتب تحتوي على الكذب والتزوير والتلفيق ولكن تطبع في ومنذ قرون عديدة!! وللجواب على ذلك:نقول مازال التراث الاسود حاضرا وبقوة في الزمن الحاضر وسوف يبقى الى الابد ايضا مادام الاشرار موجودون في كل مكان ويحتاجون ايضا الى مؤونة فكرية تساعدهم على خدمة اغراضهم الشريرة والتي قد يجدون في ذلك مبررا لهم لمواصلة عمل اسلافهم ومادامت الافكار السيئة موجودة فبالتأكيد تحتاج الى معين فكري مستمد من التاريخ القديم ...كذلك تستمر الاصدارات القمامية الجديدة والتي نهايتها معروفة... وبذلك يجب على الجميع الفحص حتى يتبين الذهب من عدمه في كل الاصدارات...
اطلعت مؤخرا على بعض الكتب فوجدت بعضها مهم او ذات معنى،والاخر وجدته لا يساوي سوى الورق الممزق في القمامة،وبالتالي نهايته قمامة المكتبة...والاكتشاف طبعا يكون من خلال الاطلاع على الكتب المطبوعة،والتي تختلف النوايا والاهداف بطباعتها...
وجدت خلال قراءة 18 كتاب واربع مجلات في آن واحد ان ثلاث كتب هي للقمامة بجدارة ...
الكتاب الاول: المقاومة الوطنية العراقية ،تاليف حسن خليل غريب وهو لبناني الجنسية ومطبوع عام 2003 في طباعة جيدة!! عن دار نشر لبنانية...والغريب في الامر انني لاول مرة اجد عبارة مطبوعة في الصفحة الثانية بجانب معلومات النشر،وهي وان سبق ان قرأتها في مجلات عديدة كون يشترك فيها عدد كبير من الكتاب ذو افكار وآراء مختلفة ولذلك وجب التنبيه بعدم الالتزام برأي معين،اما تذكر عبارة ان المؤسسة تنشر للكاتب دون ان يكون ذلك تعبيرا عن رأيها وهو كتاب للمؤلف فمعنى ذلك ان المعلومات الواردة فيه لاتمثل سوى رأي كاتبها او مجموعة صغيرة تعيش في اوكار سوداء او مدفوع ثمن طباعة الكتاب!!.
الكتاب مؤلف بصورة مستعجلة بعد تحرير العراق عام 2003 وعند قرائته يمكن تصويره بأنه لايختلف عن كتب حزب البعث العراقي،وفيه من الاكاذيب والفضائح لا يمكن لعقل تصوره سوى في عقل الكاتب المريض الذي عبأ غالبية الكتاب ببيانات حزب البعث وعصاباته المقنعة وبيانات عملياتهم الاجرامية، والمضحك ان يتضمن خطب الديكتاتور صدام من داخل حفرته الحقيرة !!.
من الاكاذيب المضحكة والمخزية هي ذكر الكاتب في صفحة 36 ان نظام البعث كان يوزع المواد الغذائية الضرورية مجانا على كل المواطنين بلا استثناء قبل الحصار عام 1991 وهو يدفع المؤلف حسب زعمه ليعطي نموذج من عبقريته الفذة بقوله ان العراقي هو الوحيد في العالم الذي لايتعرض للجوع!!!.
كل من عاش في العراق خلال الحقبة المظلمة للبعث يعرف ان هذا الحزب الشيطاني الشرير لم يدخر وسعا لاذلال العراقيين،وخلال الفترة الطويلة من حكمه قبل الحصار كان رغم الايرادات الضخمة للنفط،يمنع توفير ابسط المواد الغذائية حتى يتعب ويشغل المواطن في الحصول عليها حتى لا يفكر في السياسة في رأيه !! وكانت كل المدن تفتقر لابسط انواع الاغذية فترات طويلة جدا،ثم جاء الحصار ليزيد الطين بلة،دون نسيان ان مناطق دعم النظام الرئيسية لم تتأثر بتلك الاجراءات...ثم يتكلم عن النهضة المزعومة في كل المجالات والتي فضحها سقوط النظام وتشرد الملايين في العالم...
يذكر المؤلف آراء البعث والظاهر انه من البعثيين المكروهين في العالم العربي جراء حكمهم الاسود في العراق وسوريا منذ عام 1963.
يتضمن الكتاب الكثير من المعلومات التي ينسبها الكاتب الى المواقع الالكترونية والصحف والمجلات الصادرة آنذاك،كما يتضمن نصف الكتاب تقريبا،بيانات لصدام وزمرة البعث البائد!!مما يعني ان اغلبية الكتاب هو حشو لمعلومات منشورة مضاف اليها صفحات تعبر عن رأي البعث ايام سطوته وبالتالي فأن قيمة الكتاب للمطلع عليه يرى انه الى القمامة مباشرة دون ان يدنس مكتبته بمثل تلك القذارات الكريهة!.
الكتاب الثاني: اسمه رنان(سقوط بغداد) ومكتوب عليه قدم له القاضي نبيل حياوي،في 656 صفحة مطبوع طباعة جيدة في لبنان بدون تاريخ!والظاهر ايضا 2003 وكذلك موجود عليه في البداية ان الاراء الواردة فيه لاتعبر بالضرورة عن الناشر!!مما يدل على ان تلك الكتب مدفوعة الثمن بنشرها...
عند تصفح الكتاب لا نجد فيه اي شيء جديد سوى اخذ المعلومات المنشورة خلال فترة التحضير لغزو العراق عام 2003 ومابعدها في الجرائد والمجلات وخاصة الشرق الاوسط اللندنية والتي يذكرها بكثرة ملحوظة!. الغريب ان بعض المعلومات قد جرى كشف زيفها بالوقائع اليومية للحرب او بعده مما يدل ان الغرض الرئيسي من نشره هو فقط تجميع معلومات بدون فحص او تدقيق او تحليل ونشره بتلك الصورة المشوهة.كتاب لايجد المرء شيء جديد سوى ذكر معلومات بعضها خاطيء والاخرى مشوهة،والكثير من الكتب التي تنشر على تلك الشاكلة يكون مصيرها القمامة المكتبية لانها على طريقة نسخ ولصق الشهيرة!...
الكتاب الثالث: شخصيات عرفتها، تأليف حسين احمد امين،في 235 صفحة ومطبوع في القاهرة عام 2007.
والكتب التي تؤلف عادة عن شخصيات يكون المؤلف قد عرفها عن قرب لها قيمتها الادبية او التاريخية،ولكن مع هذا الرجل الوضع يختلف! وسوف استعرض لمحات عن ذلك.
اذكر اول مرة قرأت اسم هذا الرجل وشاهدت صوره من خلال لقاء مع مجلة( كل العرب) صيف عام 1985 وهي مجلة تصدر في باريس كان يدعمها ماديا نظام البعث البائد في العراق بقوة،بحيث ان هذه المجلة توقفت عن النشر تماما عندما غزا النظام الكويت عام 1990 وتم فرض الحصار عليه مما اضطر الى ايقاف دعمه المادي الى الواجهات الاعلامية التي تصدر عنه خارج العراق! وهي عموما مجلة ضعيفة المستوى الثقافي ولكن ذات طباعة جيدة.
اذكر انني قرأت اللقاء ومازلت كعادتي اذكر فقرات اللقاء،ومن خلال اللقاء عرفت ان الرجل هو احد دبلوماسي النظام المصري وبوق من ابواق اعلامه في الخارج واحد مروجيه سياساته،ولكنه من خلال الحديث يشعر القارئ بأنه من النوع الذي يعامل الاخرين من ابراج عالية مستند في ظنه الى كونه انه ابن احمد امين الكاتب المصري المعروف(1886-1954)صاحب فجر الاسلام وضحاه وظهره،وكأن ابوه هذا مفكرا عظيما يمنح له الحصانة في كل شيء ويجعله مفكرا ليحكم من فوق على الاخرين ويقيمهم ،وذلك كان لقاءه موجه ضد التيارات الدينية في مصر وبشدة وهو يعلم جيدا ان تلك التيارات وغيرها تظهر كرد فعل على طغيان النظام المصري واستبداده،واذكر كلمته ان يجب التعامل بصورة غير ديمقراطية مع كل التيارات الغير ديمقراطية او عدم منحهم الديمقراطية وهو بذلك يدعو الى التعامل بقسوة وغلظة مع المعارضين،وكأن الانظمة العربية (وهو الحديث الموجه اليهم) كانت قاصرة في التعامل مع المعارضين وتمنحهم كل الحرية في الاختيار!او كأن الانظمة نفسها ديمقراطية حتى يحكم على الاخرين بأنهم غير ديمقراطيين!.
عموما اللقاء كان يعطي صورة واضحة عن افكار الرجل وخلفيته الاسرية والتي دائما يتبجح بها اوالثقافية الناتجة عنها او عن المحيط الذي عاش فيه...
والكتاب الذي الفه اعلاه هو ذكرياته عن 26 شخصية،غالبيتها مصرية ومن النخبة الثقافية على الاكثر.وطريقة سرده للذكريات عن تلك الشخصيات وتقويمها لا يختلف عن طريقته في التفكير الذي يستند على كونه ابن احمد امين وجعله المحور الاساسي في حياته او وصفه للاخرين وبالتالي يكون ابيه هو مقياس الحق والباطل!والشر والخير!والطيبة او سوء الاخلاق!...وهو مقياس تافه لا قيمة له حتى لوكان ابيه عظيم العظماء في زمانه!...وابيه الذي يتبجح به هو كاتب لتاريخ الاسلام وحضارته ولا يعرف غير ذلك باعترافه هو!...واحمد امين لاتختلف كتبه عن الكثير من الكتاب في كونها تقليدية ولاتخرج عن الاطار المذهبي المتعصب وتضمن الكثير من خزعبلات وخرافات المؤرخين القدامى ومنها عند زيارته الشهيرة للعراق في الثلاثينات عندما عوتب عن اتهاماته للشيعة وتكفيرهم واخذ الاقوال الكاذبة من خصومهم..فكانت اجابته المضحكة انه لم تكن لديه مصادر للشيعة عنده ولذلك اخذ مصادر مناوئيهم!!عذر اقبح من عمله المشين،ومن خلال ذلك يمكن الحذر من اقواله في مؤلفاته التي يتبجح بها ابنه! والذي وضعه في بداية الكتاب يمكن على اعتبار انه مفكر وفيلسوف لامثيل له!.
فأذا كانت الشخصية تختلف عن والده في شيء ما حتى لو كان بسيطا،فهو خاطئ ويذكر له كل مساوئه ويعطي صورة سلبية كاملة عنه رغم انه يضطر في بداية الحديث لذكر بعض اخلاقه وطيبته!وبذلك يمحو كل ذكر طيب للشخصية بل ويتجاوز وهو النكرة عليهم علميا وادبيا بحجح كاذبة من بينها معرفته ووالده بالمعارف كلها!...ومن الشخصيات التي ذكر مساوئها بشدة...المفكر زكي نجيب محمود الذي نفى عنه كل علم او فلسفة...ومن بين المواقف المضحكة التي يذكرها عنه هو عدم معرفته بالتواريخ الهجرية واستدلاله بالميلادية وكأن ذلك عيبا كبيرا! ويستهين بالكثير من كتبه ويقول ان شهرته جائت من خلو الساحة المصرية من المفكرين!.
او حديثه عن الفيلسوف عبد الرحمن بدوي،والذي يصوره انه مريض نفسيا وصاحب شتائم لاحصر لها،ورغم انه لم يتجرأ على نفي انه فيلسوف الا انه لم يترك مجالا سيئا للحديث عنه بسبب كرهه لوالده!.
اما بالنسبة الى طريقة ذكره لرئيس مصر الاسبق ابراهيم عبد الهادي والذي كان قريبا له،فهي مخزية ووقحة في نفس الوقت لكونه يدافع عنه ويذكر وجهة نظره في تبرير جرائمه،بينما المعروف عن هذا الطاغية كونه اول من بدأ حملة اعتقالات وتعذيب بشعة ضد اتباع تنظيم الاخوان المسلمين في مصر والتي رافقها للمرة الاولى اعتقال ذوي المعارضين وتعذيبهم وانتهاك اعراضهم امام عيونهم!بنفس طريقة اعتقال ابناء بلدة الدجيل في العراق بعد محاولة الاغتيال الفاشلة لصدام،وسبب حملة ابراهيم عليهم كونه خليفة النقراشي الذي اغتيل قبله على يد عضو من الجماعة وهي لاتبرر اطلاقا اعتقال افراد الجماعة الاخرين فكيف اعتقال ذويهم،وجرائمه من البشاعة بحيث اعتقله ضباط انقلاب 1952 الذين اطلقوا سراحه بعد عامين بعد الخلاف مع الاخوان وكذلك اصبحت جرائم ابراهيم عبد الهادي بالنسبة لجرائم الضباط شيئا بسيطا لا تقارن بضخامتها وبشاعتها وطول فترتها!!.
اما طريقة عرضه للكاتبة المشهورة صاحبة المواقف الشجاعة الحقة،صافيناز كاظم فهي تدل على مقدار الانحطاط الواصل اليه،وهو يلصق بها كل شيء يدل على سفاهتها وضحالة ثقافتها،نظرا لكرهها له ولفكره،وهي بالتاكيد تكون كذلك لان الفارق بينهما كبير! ويصور الامر معها على انها لا تفهم شيئا وهو علامة زمانه!.
ثم يذكر طه حسين والعقاد من نفس النظرة المؤسسة على علاقتهما مع والده،ثم يحاول ذكر مساوئهما بعد محاسنهما حتى يجعل القارئ يتقبل ذلك بدلا من الحديث بسوء مباشرة عنهما. ويختم حديثه عن طه حسين في حواره معه عن مسرحية حسين امين المسماة الامام والتي تتحدث عن الصراع بين علي(ع) وبين معاوية والتي يعلن بها بكل وقاحة تاييده لجانب معاوية،ثم يقول له انه مثله الاعلى! وهو نفس الموقف الذي تنكره عليه صافيناز كاظم،بالاضافة الى طه حسين.
اما العقاد فيعيب عليه حصوله على شهادة الابتدائية رغم عبقريته الادبية والتاريخية،بينما هو صاحب الشهادة التي لم تنفعه بشيء،لا تصل ثقافته او نتاجه منها الى جزء ضئيل من انتاج العقاد الضخم،ثم يعيب عليه حديثه الدائم في المنتديات او مع اصدقائه والذي يشعر منه انه قريب على الالحاد او ينكر الكثير من مبادئ الشريعة والدين ،ثم يتجاهل ذكر ان والده نفسه وهو الذي الف الكتب الطوال عن الاسلام وتاريخه بصورة خاصة وهو لم يراه ابنه يصلي او يقرأ القرآن باعتراف اخيه جلال في مذكراته عن ابيه مما اثر ذلك على سلوكية ابنائه الذين لا يمارسون الشعائر الاسلامية بل ويخالفونها في افكارهم وسلوكهم!،والحكم الان للجمهور الثقافي ايهما يعرف العقاد او حسين احمد امين!!...
ومن خلال الكتاب نرى الكم الهائل من الشخصيات التي تخالف ابيه او لا تبدي له اي مودة،بل بعضهم مثل السادات يتجهم الوجه او لايعير اهتمام لصاحب الكتاب وابيه،في دلالة واضحة للاحتقار!...او الاديب واللغوي محمد محمود شاكر وزميله الذي يذكره معه والذي يعلن ذلك صراحة كرهه لابيه! ...
وفي النهاية يذكر قصة واقعية لطفلة اسمها خضرة وهي سمراء اللون وعمرها 12 عاما جرى توظيفها كخادمة في بيت المؤلف!ويقولها صراحة رغم ان عمرها الصغير..عملت الطفلة في بيته ولكن تعلمت القراءة والكتابة ثم درست حتى وصلت مراتب عليا وفي النهاية تزوجت من طبقة اعلى منها...يعني الفضل في الاول والاخير الى الخادمة الصغيرة وارادتها الحرة القوية...ولا ادري ربط القصة بكتاب المؤلف،ولعله يريد القول ان الفضل له في ذلك،بينما الفضل له بتشغيل طفلة لاتتجاوز 12 عاما للعمل في مهنة يهان المرء عليها!!....
في الختام كتاب لا قيمة له سوى القمامة من كاتب يجاهر بآرائه المقاسة على رغباته في جعل والده المقياس الاول في تقييم الاخرين ثم قناعاته المنحرفة كثيرا عن الواقع،فالكتاب مليء بالاحاديث التي تعطي صورة كريهة للواقع الثقافي في مصر من خلال رؤية المؤلف للحياة الشخصية لهؤلاء الادباء والكتاب والمفكرين المشهورين ومن خلال تلك الرؤية نلاحظ المساوئ الانسانية بارزة وتتعارض مع الصورة الاعلامية البراقة لهؤلاء من قبيل الحسد فيما بينهم والصراع الذي يصل الى الاهانة والتنكيل والشتائم والتسفيه والتسقيط الى ابعد الحدود مما يجعل القارئ يصاب بالذهول لهزالة وانحطاط الحياة الشخصية لهؤلاء المشاهير من خلال الكتاب كذلك نلاحظ مقدار التعصب والبعد عن الموضوعية والامانة العلمية والالتزام الاخلاقي عند البعض الاخر،هذا بالاضافة الى التناقض الواضح بين سلوك بعضهم البعيد الالتزام الديني وفي نفس الوقت هم من المتخصصين في الامور الدينية وخاصة التي تتعلق بالعلوم الشرعية!! ...ورغم ذلك فالواجب الحذر الشديد من تلك النوعية من الكتب او مؤلفيها ...ومن لايؤمن على نفسه الحذر ...فالافضل الابتعاد للحفاظ على السلامة الفكرية من التشويش والتعطيل وصيانتها من الكثير من الاضرار !!....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق