في سياحة الكتب 2:
العرض التالي هي لكتب تمت قرائتها،ولكن هي من الكتب العادية التي تكون فائدتها ضئيلة جدا،وقد يعود السبب في ان بعضها تجميع معلوماتي مختصر والاخر بمثابة مذكرات لضابط ثم وزير لاحقا لكنها لاتضيف للتاريخ سوى القليل من الفائدة التي يمكن ذكرها في الفترات اللاحقة....او كتب نجد فائدة في قرائتها وهي اللاحقة في هذه السلسة ...
الكتاب الاول:حسن نصر الله-حرب نهاية اسرائيل...تأليف خالد ابو بكر.
الكتاب مصري التأليف والطباعة...عام2006 في 159ص..والنوعية طبع عادي...
لايتضمن الكتاب شيء جديد،بل هي تجميع لمعلومات منشورة سابقا ولكن المؤلف من باب التأييد لحزب الله اثناء حرب تموز 2006 ،ألف الكتاب بسرعة وهو تعبير عن وجهة نظره في الحزب والمقاومة والحرب التي اثارت الكثير من الجدل . لايتضمن الكتاب تحليلات او آراء او معلومات يمكن ان تثير القارئ او تجعله يتفاعل مع ما يتضمنه متن الكتاب.
حرب تموز 2006 والتي كانت لغرض اطلاق سراح بعض المعتقلين اللبنانيين من سجون اسرائيل جائت بعكس التوقعات المرجوة...فبالنسبة للجانب الاسرائيلي فالغالبية العظمى من شعبهم وقف الى جانب حكومته وجيشه في تلك الحرب...وفي المقابل انقسم اللبنانيين والعرب والمسلمين بشدة حولها!وقد يكون التأييد الشعبي كبيرا ولكن من باب معارضة اسرائيل وضرورة التصدي اليها.وكان واضحا ان الحكومة اللبنانية التي يهيمن عليها فريق 14 آذار المعارض لسوريا هي معارضة لتلك الحرب والطريقة التي بدأت بها وحتى الجيش اللبناني الذي كان واجبه الدفاع عن البلاد،كان موقفه مخزيا من حيث وقوفه على الحياد،بل كان استسلام بعض افراده لقوات الغزو مدعاة استنكار وكشف مريع لمدى الخلل الواضح في المؤسسات اللبنانية والتي تتكون من النظام برمته والقوات المسلحة وحزب الله.
كانت الحرب تدميرية بالدرجة الاولى وبغض النظر عن الصمود والتصدي الشجاعين للهجوم الاسرائيلي الا ان نتائجها كانت هزيمة بلا شك للبنان ومقاومته،فقد جرى تدمير هائل للبنية التحتية وجرى التركيز في الحرب على اماكن تواجد الطائفة الشيعية دون سواها والتي دفعت الثمن باهظا سواء من حيث التصدي او الخسائر او الوقوف ضدها وعدم تاييدها من قبل نسبة كبيرة من الشعب اللبناني والعرب،وكان لتأثير العامل المذهبي سبب واضح في صدور الكثير من المواقف المعادية للحزب ومقاومته...
دخول الجيش الاسرائيلي الى مناطق واسعة من الجنوب ثم فرض الامر الواقع بعد الانسحاب من حيث منع وصول افراد المقاومة الى الحدود ناهيك عن الفارق الكبير الكبير في الخسائر البشرية(20 الى 1) ثم محاصرة لبنان وحدوده ومنع وصول السلاح للحزب،كانت كلها ضربات قوية له لم يتم حسبانها في الهجوم على حرس الحدود الاسرائيلي،وبالتالي تلك الحرب اعادت استراتيجية الحزب وتفكيره الى ماقبل انتصار عام 2000م واصبح لاحقا صعبا عليه التفكير في الهجوم على اسرائيل والتركيز على مبدأ التصدي والدفاع فقط .
كل الحروب مع اسرائيل كانت انتصارا لها ماعدا حربين كانت انتصارا معنويا فقط للعرب وهي حربي 1973 والانسحاب من جنوب لبنان عامي 1985 و2000 ولكن ليستا هزيمة لاسرائيل،وكانت الخسائر العربية في تلك الحروب المادية والبشرية تفوق بكثير خسائر اسرائيل.
التفكير العقلاني بمقاومة اسرائيل وعدم اخضاع الصراع معها للعامل العاطفي والتفكير العشوائي هو السبيل الوحيد للتصدي لها ...كل حروب اسرائيل تخضع بعد انتهائها الى المناقشات والتحليلات والتحقيق فيها من جانب لجان متخصصة،وتكون النتائج مهما كانت مرة لهم هي ملزمة في العمل المستقبلي لتحقيق افضل النتائج بأقل الخسائر...في الطرف المقابل لم تخضع معظم الحروب العربية لمثل تلك التحقيقات والدراسات وبذلك تكون النتائج المستقبلية للصراع هي تكرار لما سبق من خسائر كان من الممكن تلافيها او على الاقل تقليلها الى ابعد الحدود في حالة بذل الجهد لتلافي الاخطاء ...
الكتاب الثاني:مذكرات فؤاد عارف-مرافق الملك غازي والوزير في العهد الجمهوري..
الكتاب من تأليف صاحبه وهو فؤاد عارف،ويقع في 272 ص ومطبوع في لبنان عام 2006 في طبعة انيقة . والكتاب ليس فيه من القيمة التاريخية يمكن الاشارة اليها سوى شذرات من قبيل مرافقته للملك غازي(1912-1939) وطبيعة سلوكه وافراد عائلته، كذلك بعض المقتطفات من خلال عمله الرسمي في الدولة ومشاركته بصورة غير رئيسية في الاحداث.
الغريب في سلوكه هو انه عمل في اجهزة ثلاثة انظمة مختلفة جذريا فيما بينها وقد يبرر سلوكه بكونه محايدا بالاضافة الى كونه كرديا،الا ان ذلك يبقى تبريرا غير كافيا بالنظر لسلوك الانظمة الثلاث وبشدة وقسوة مع من عملوا في اجهزة النظام السابق لها.
يذكر المؤلف كيف كان العديد من اقربائه الاكراد هم ضباط ومسؤولين في اجهزة الدولة العثمانية ثم بداية الدولة العراقية الجديدة مما يجعل التأكيد على ان سلوك الدولة العثمانية تجاه رعاياها كان يتم وفق سلوك المواطنة، وبالتأكيد كانت الافضلية للعرق التركي على من سواه،ولكن مع استثناء بعض الاقليات وعلى رأسها الشيعة ثم الارمن واقليات اخرى،التي جرى استبعادها نهائيا من اجهزة الدولة مما ادى الى ان يكون تأسيس الدولة العراقية يكون مشوها نظرا لاعتمادها على الجهاز الحكومي العثماني مما جعل اجهزة الدولة غريبة عن غالبية الشعب العراقي حتى سقوط النظام القديم عام 2003 وبناء الدولة الجديدة وفق المشاركة الجماعية لجميع مكونات المجتمع العراقي .
يشير المؤلف في الكثير من المواقف الى نزاهة الكثيرين ومن ضمنهم افراد العائلة المالكة في العراق ابان الحكم الملكي ثم الجمهوري الاول،وهي صفة اصبحت معدومة في حقبة البعث المظلمة او خلال حكم الانظمة العربية الحالية المتسم بالفساد المثير للاشمئزاز في كل مفاصل الدولة الملازم للاستبداد والارهاب الحكومي،ممايجعل الحنين لتلك الايام السابقة امنية عدد كبير من الناس هذه الايام.
الكتاب الثالث:ويبقى التاريخ مفتوحا- ابرز عشرين شخصية سياسية في القرن العشرين .
للمؤلف السعودي الليبرالي تركي الحمد،والكتاب يتألف من 157 ص ومطبوع في لبنان عام 2002 في طبعة انيقة.
يتكون الكتاب من مقدمة وقسمين...يتحدث المؤلف في المقدمة المكونة من سبع صفحات،وبطريقة بديعة عن شعوره عندما تضيق الارض به،ويأخذه الاكتئاب وألم النفس والملل في كل شيء،عندها يجد في التأريخ والاغراق النفسي فيه متنفسا له فيجد لذة واحساس لطيف يخفف آلامه. ويأخذه التاريخ بعيدا حتى يصف الحال انه كيف وعمره القصير يستطيع ان يغور في اعماق الاف السنين ويعيش حياة الناس والآمهم في تلك العصور السحيقة؟بالتأكيد لايستطيع!.
في القسم الاول يبين المؤلف لنا رؤيته حول التاريخ والحوادث الجارية فيه،وفي عرض حول التاريخ والاسطورة،ينتقد المؤلف الكثير من ابراز الصفات الاسطورية على الابطال في التاريخ او الوصف الخرافي للاحداث والتي تتعارض مع الطبيعة البشرية ونواميس الطبيعة،بل ان في ذكر الوقائع هو في حد ذاته مساعد على اعطاء صورة اكثر واقعية للاشخاص والاحداث وبالتالي يكون ابرازهم اكثر صدقية من اعطائهم اوصاف تنافي الواقع.
وفي موضوع آخر يتسائل المؤلف وآخرون ايضا...هل يمكن للتاريخ ان ينتهي؟..
وبطريقة بسيطة في الاجابة،يجيب على التساؤل لو كان ماركسيا ماذا يقول ! ،ولو كان ليبراليا ماذا يقول !ولو كان اسلاميا ماذا يقول!...ثم يتسلسل في ذكر بعض الفلسفات السائدة في عالم اليوم...وبالتأكيد تحمل التساؤلات والاجابات عنها نفي ان يكون هنالك نهاية للتاريخ.والتعددية الذهنية الانسانية هي التي تجعل الانسان صانعا للتاريخ لامجرد منفعل معه.
وفي مدخل لموضوع الكتاب الرئيسي،وتحت عنوان الابطال،يختلف الجميع حول هذه التسمية ومدلولاتها،فكارليل له كتاب بعنوان الابطال،يذكر وجهة نظره فيه عن ان التاريخ الانساني وما انجزه الانسان من حوادث تعود بالدرجة الاولى لهولاء الابطال الذين تميزوا عن الاخرين بصفات وقدرات كبيرة،ولذلك فان الفضل يعود اليهم ولولاهم لما وصلت الحضارة الى هذا التقدم!..اما عند هيغل فالبطل صانع التاريخ بينما التاريخ هو صانع البطل من خلال صيرورة الفكرة من اجل تحقيق غايتها النهائية...اما عند الماركسيين،فالبطل لاوجود له،والفرد هو جزء من البنية العامة للمجتمع وهو خاضع في اجتماعه وتاريخه لتشكيلات البنية الاجتماعية وليس العكس،وحسب مقولة ماركس الشهيرة:ليس وعي الناس هو الذي يحدد وجودهم،بل ان وجودهم الاجتماعي هو الذي يحدد وعيهم.
ولكن عند تسلم الشيوعيين الحكم ،فقد كانوا هم البادئين بتمجيد الفرد واحاطته بهاله كبيرة تصل حد العبادة السياسية!في مخالفة صريحة لمبادئ الماركسية!.
تبقى فكرة البروز خاضعة لقاعدة الفرد والظرف،بمعنى ان الانسان البارز اذا لم تخدمه الظروف فسوف تكون نهايته مأساوية او يطويه النسيان...ولكن هل يخلق الفرد الظروف الموضوعية له،بمعنى اذا لم تكن تخدمه الظروف فهل يعمل المستحيل لكي ينجح في زعامته او اعماله،الجواب ممكن في ظروف معينة وبخلو الساحة من البارزين...
وتحت عنوان البطل والتاريخ:معيير التقويم،يذكر المؤلف نماذج من القادة البارزين في مجتمعاتهم ولكن تختلف النظرة اليه من خارج المجتمع عن النظرة للقائد او الزعيم من داخل مجتمعه الذي ينظر اليه كمحقق المعجزة السياسية او الاقتصادية وغيرها من الاعمال البطولية،ولكن نظرة الافراد الاخرون اليه من خارج البلد تكون اكثر موضوعية ودقة. الناس في هذا العالم تنظر الى زعمائها برؤية ناقصة او غير كاملة في رأيي وذلك من خلال تجاهل الاعمال الوحشية او المنافية للاخلاق والمبادئ التي يقومون بها،ولذلك نجد عدد كبير من الناس يمجدون طواغيت رماهم التاريخ في مزابله القذرة!! في ظل غياب واضح للعقل والمنطق...ومن الاسباب الرئيسية هو عدم تعرض هؤلاء لكل التجاوزات التي قاموا بها هؤلاء ولذلك لايشعروا بمدى التعاسة والعذاب من خلال الخضوع لابطال هم في الحقيقة مجموعة من عتاة المجرمين الذين تخلوا قلوبهم من الرحمة والشفقة،ويكون هم البقاء في الكرسي للتسلط على الناس...
وفي القسم الثاني يذكر المؤلف عشرين شخصية في عرض موجز لايعطي للشخصية حقها في العرض والاستدلال،الذي يكون على الاكثر بصفحات ثلاث او اربع!وبالتالي فأن الكتاب ضعيف من ناحية التحليل المنهجي المركز على الشخصيات المذكورة واسباب ظهورها او انتهاء دورها.
وفي الحقيقة هنالك فروقات كبيرة في الشخصيات المذكورة،ولكن ابرازه دور وشخصية الملك المؤسس للسعودية،عبد العزيز آل سعود فيه تأمل ،وشرحه الوافي عنه رغم عدم شهرته العالمية،وكثره الكارهين له ولحكمه او الذين لا يعطون لشخصيته وزن كبير...وقد يكون ادخاله في الشخصيات قد جاء بطريقة لا يقبلها الكثيرون ولكن واقع الحال في داخل السعودية يفرض ذلك عليه نظرا للحملات الاعلامية القاسية ضده من جانب التيارات المحافظة،ولذلك الملجأ الوحيد هو اللجوء الى السلطة السياسية وطلب الحماية منها والمساعدة على اخراج الكتاب والبارزين في الثقافة الى دائرة الضوء وتقديم كل اشكال الدعم والاسناد.
في الختام يبقى كتاب:ويبقى التاريخ مفتوحا،هو جيد ومفيد وبأسلوب مبسط الى حد ما،كذلك للكاتب الكثير من الكتب والدراسات،بعضها يختلف عن الكتاب المذكور....
العرض التالي هي لكتب تمت قرائتها،ولكن هي من الكتب العادية التي تكون فائدتها ضئيلة جدا،وقد يعود السبب في ان بعضها تجميع معلوماتي مختصر والاخر بمثابة مذكرات لضابط ثم وزير لاحقا لكنها لاتضيف للتاريخ سوى القليل من الفائدة التي يمكن ذكرها في الفترات اللاحقة....او كتب نجد فائدة في قرائتها وهي اللاحقة في هذه السلسة ...
الكتاب الاول:حسن نصر الله-حرب نهاية اسرائيل...تأليف خالد ابو بكر.
الكتاب مصري التأليف والطباعة...عام2006 في 159ص..والنوعية طبع عادي...
لايتضمن الكتاب شيء جديد،بل هي تجميع لمعلومات منشورة سابقا ولكن المؤلف من باب التأييد لحزب الله اثناء حرب تموز 2006 ،ألف الكتاب بسرعة وهو تعبير عن وجهة نظره في الحزب والمقاومة والحرب التي اثارت الكثير من الجدل . لايتضمن الكتاب تحليلات او آراء او معلومات يمكن ان تثير القارئ او تجعله يتفاعل مع ما يتضمنه متن الكتاب.
حرب تموز 2006 والتي كانت لغرض اطلاق سراح بعض المعتقلين اللبنانيين من سجون اسرائيل جائت بعكس التوقعات المرجوة...فبالنسبة للجانب الاسرائيلي فالغالبية العظمى من شعبهم وقف الى جانب حكومته وجيشه في تلك الحرب...وفي المقابل انقسم اللبنانيين والعرب والمسلمين بشدة حولها!وقد يكون التأييد الشعبي كبيرا ولكن من باب معارضة اسرائيل وضرورة التصدي اليها.وكان واضحا ان الحكومة اللبنانية التي يهيمن عليها فريق 14 آذار المعارض لسوريا هي معارضة لتلك الحرب والطريقة التي بدأت بها وحتى الجيش اللبناني الذي كان واجبه الدفاع عن البلاد،كان موقفه مخزيا من حيث وقوفه على الحياد،بل كان استسلام بعض افراده لقوات الغزو مدعاة استنكار وكشف مريع لمدى الخلل الواضح في المؤسسات اللبنانية والتي تتكون من النظام برمته والقوات المسلحة وحزب الله.
كانت الحرب تدميرية بالدرجة الاولى وبغض النظر عن الصمود والتصدي الشجاعين للهجوم الاسرائيلي الا ان نتائجها كانت هزيمة بلا شك للبنان ومقاومته،فقد جرى تدمير هائل للبنية التحتية وجرى التركيز في الحرب على اماكن تواجد الطائفة الشيعية دون سواها والتي دفعت الثمن باهظا سواء من حيث التصدي او الخسائر او الوقوف ضدها وعدم تاييدها من قبل نسبة كبيرة من الشعب اللبناني والعرب،وكان لتأثير العامل المذهبي سبب واضح في صدور الكثير من المواقف المعادية للحزب ومقاومته...
دخول الجيش الاسرائيلي الى مناطق واسعة من الجنوب ثم فرض الامر الواقع بعد الانسحاب من حيث منع وصول افراد المقاومة الى الحدود ناهيك عن الفارق الكبير الكبير في الخسائر البشرية(20 الى 1) ثم محاصرة لبنان وحدوده ومنع وصول السلاح للحزب،كانت كلها ضربات قوية له لم يتم حسبانها في الهجوم على حرس الحدود الاسرائيلي،وبالتالي تلك الحرب اعادت استراتيجية الحزب وتفكيره الى ماقبل انتصار عام 2000م واصبح لاحقا صعبا عليه التفكير في الهجوم على اسرائيل والتركيز على مبدأ التصدي والدفاع فقط .
كل الحروب مع اسرائيل كانت انتصارا لها ماعدا حربين كانت انتصارا معنويا فقط للعرب وهي حربي 1973 والانسحاب من جنوب لبنان عامي 1985 و2000 ولكن ليستا هزيمة لاسرائيل،وكانت الخسائر العربية في تلك الحروب المادية والبشرية تفوق بكثير خسائر اسرائيل.
التفكير العقلاني بمقاومة اسرائيل وعدم اخضاع الصراع معها للعامل العاطفي والتفكير العشوائي هو السبيل الوحيد للتصدي لها ...كل حروب اسرائيل تخضع بعد انتهائها الى المناقشات والتحليلات والتحقيق فيها من جانب لجان متخصصة،وتكون النتائج مهما كانت مرة لهم هي ملزمة في العمل المستقبلي لتحقيق افضل النتائج بأقل الخسائر...في الطرف المقابل لم تخضع معظم الحروب العربية لمثل تلك التحقيقات والدراسات وبذلك تكون النتائج المستقبلية للصراع هي تكرار لما سبق من خسائر كان من الممكن تلافيها او على الاقل تقليلها الى ابعد الحدود في حالة بذل الجهد لتلافي الاخطاء ...
الكتاب الثاني:مذكرات فؤاد عارف-مرافق الملك غازي والوزير في العهد الجمهوري..
الكتاب من تأليف صاحبه وهو فؤاد عارف،ويقع في 272 ص ومطبوع في لبنان عام 2006 في طبعة انيقة . والكتاب ليس فيه من القيمة التاريخية يمكن الاشارة اليها سوى شذرات من قبيل مرافقته للملك غازي(1912-1939) وطبيعة سلوكه وافراد عائلته، كذلك بعض المقتطفات من خلال عمله الرسمي في الدولة ومشاركته بصورة غير رئيسية في الاحداث.
الغريب في سلوكه هو انه عمل في اجهزة ثلاثة انظمة مختلفة جذريا فيما بينها وقد يبرر سلوكه بكونه محايدا بالاضافة الى كونه كرديا،الا ان ذلك يبقى تبريرا غير كافيا بالنظر لسلوك الانظمة الثلاث وبشدة وقسوة مع من عملوا في اجهزة النظام السابق لها.
يذكر المؤلف كيف كان العديد من اقربائه الاكراد هم ضباط ومسؤولين في اجهزة الدولة العثمانية ثم بداية الدولة العراقية الجديدة مما يجعل التأكيد على ان سلوك الدولة العثمانية تجاه رعاياها كان يتم وفق سلوك المواطنة، وبالتأكيد كانت الافضلية للعرق التركي على من سواه،ولكن مع استثناء بعض الاقليات وعلى رأسها الشيعة ثم الارمن واقليات اخرى،التي جرى استبعادها نهائيا من اجهزة الدولة مما ادى الى ان يكون تأسيس الدولة العراقية يكون مشوها نظرا لاعتمادها على الجهاز الحكومي العثماني مما جعل اجهزة الدولة غريبة عن غالبية الشعب العراقي حتى سقوط النظام القديم عام 2003 وبناء الدولة الجديدة وفق المشاركة الجماعية لجميع مكونات المجتمع العراقي .
يشير المؤلف في الكثير من المواقف الى نزاهة الكثيرين ومن ضمنهم افراد العائلة المالكة في العراق ابان الحكم الملكي ثم الجمهوري الاول،وهي صفة اصبحت معدومة في حقبة البعث المظلمة او خلال حكم الانظمة العربية الحالية المتسم بالفساد المثير للاشمئزاز في كل مفاصل الدولة الملازم للاستبداد والارهاب الحكومي،ممايجعل الحنين لتلك الايام السابقة امنية عدد كبير من الناس هذه الايام.
الكتاب الثالث:ويبقى التاريخ مفتوحا- ابرز عشرين شخصية سياسية في القرن العشرين .
للمؤلف السعودي الليبرالي تركي الحمد،والكتاب يتألف من 157 ص ومطبوع في لبنان عام 2002 في طبعة انيقة.
يتكون الكتاب من مقدمة وقسمين...يتحدث المؤلف في المقدمة المكونة من سبع صفحات،وبطريقة بديعة عن شعوره عندما تضيق الارض به،ويأخذه الاكتئاب وألم النفس والملل في كل شيء،عندها يجد في التأريخ والاغراق النفسي فيه متنفسا له فيجد لذة واحساس لطيف يخفف آلامه. ويأخذه التاريخ بعيدا حتى يصف الحال انه كيف وعمره القصير يستطيع ان يغور في اعماق الاف السنين ويعيش حياة الناس والآمهم في تلك العصور السحيقة؟بالتأكيد لايستطيع!.
في القسم الاول يبين المؤلف لنا رؤيته حول التاريخ والحوادث الجارية فيه،وفي عرض حول التاريخ والاسطورة،ينتقد المؤلف الكثير من ابراز الصفات الاسطورية على الابطال في التاريخ او الوصف الخرافي للاحداث والتي تتعارض مع الطبيعة البشرية ونواميس الطبيعة،بل ان في ذكر الوقائع هو في حد ذاته مساعد على اعطاء صورة اكثر واقعية للاشخاص والاحداث وبالتالي يكون ابرازهم اكثر صدقية من اعطائهم اوصاف تنافي الواقع.
وفي موضوع آخر يتسائل المؤلف وآخرون ايضا...هل يمكن للتاريخ ان ينتهي؟..
وبطريقة بسيطة في الاجابة،يجيب على التساؤل لو كان ماركسيا ماذا يقول ! ،ولو كان ليبراليا ماذا يقول !ولو كان اسلاميا ماذا يقول!...ثم يتسلسل في ذكر بعض الفلسفات السائدة في عالم اليوم...وبالتأكيد تحمل التساؤلات والاجابات عنها نفي ان يكون هنالك نهاية للتاريخ.والتعددية الذهنية الانسانية هي التي تجعل الانسان صانعا للتاريخ لامجرد منفعل معه.
وفي مدخل لموضوع الكتاب الرئيسي،وتحت عنوان الابطال،يختلف الجميع حول هذه التسمية ومدلولاتها،فكارليل له كتاب بعنوان الابطال،يذكر وجهة نظره فيه عن ان التاريخ الانساني وما انجزه الانسان من حوادث تعود بالدرجة الاولى لهولاء الابطال الذين تميزوا عن الاخرين بصفات وقدرات كبيرة،ولذلك فان الفضل يعود اليهم ولولاهم لما وصلت الحضارة الى هذا التقدم!..اما عند هيغل فالبطل صانع التاريخ بينما التاريخ هو صانع البطل من خلال صيرورة الفكرة من اجل تحقيق غايتها النهائية...اما عند الماركسيين،فالبطل لاوجود له،والفرد هو جزء من البنية العامة للمجتمع وهو خاضع في اجتماعه وتاريخه لتشكيلات البنية الاجتماعية وليس العكس،وحسب مقولة ماركس الشهيرة:ليس وعي الناس هو الذي يحدد وجودهم،بل ان وجودهم الاجتماعي هو الذي يحدد وعيهم.
ولكن عند تسلم الشيوعيين الحكم ،فقد كانوا هم البادئين بتمجيد الفرد واحاطته بهاله كبيرة تصل حد العبادة السياسية!في مخالفة صريحة لمبادئ الماركسية!.
تبقى فكرة البروز خاضعة لقاعدة الفرد والظرف،بمعنى ان الانسان البارز اذا لم تخدمه الظروف فسوف تكون نهايته مأساوية او يطويه النسيان...ولكن هل يخلق الفرد الظروف الموضوعية له،بمعنى اذا لم تكن تخدمه الظروف فهل يعمل المستحيل لكي ينجح في زعامته او اعماله،الجواب ممكن في ظروف معينة وبخلو الساحة من البارزين...
وتحت عنوان البطل والتاريخ:معيير التقويم،يذكر المؤلف نماذج من القادة البارزين في مجتمعاتهم ولكن تختلف النظرة اليه من خارج المجتمع عن النظرة للقائد او الزعيم من داخل مجتمعه الذي ينظر اليه كمحقق المعجزة السياسية او الاقتصادية وغيرها من الاعمال البطولية،ولكن نظرة الافراد الاخرون اليه من خارج البلد تكون اكثر موضوعية ودقة. الناس في هذا العالم تنظر الى زعمائها برؤية ناقصة او غير كاملة في رأيي وذلك من خلال تجاهل الاعمال الوحشية او المنافية للاخلاق والمبادئ التي يقومون بها،ولذلك نجد عدد كبير من الناس يمجدون طواغيت رماهم التاريخ في مزابله القذرة!! في ظل غياب واضح للعقل والمنطق...ومن الاسباب الرئيسية هو عدم تعرض هؤلاء لكل التجاوزات التي قاموا بها هؤلاء ولذلك لايشعروا بمدى التعاسة والعذاب من خلال الخضوع لابطال هم في الحقيقة مجموعة من عتاة المجرمين الذين تخلوا قلوبهم من الرحمة والشفقة،ويكون هم البقاء في الكرسي للتسلط على الناس...
وفي القسم الثاني يذكر المؤلف عشرين شخصية في عرض موجز لايعطي للشخصية حقها في العرض والاستدلال،الذي يكون على الاكثر بصفحات ثلاث او اربع!وبالتالي فأن الكتاب ضعيف من ناحية التحليل المنهجي المركز على الشخصيات المذكورة واسباب ظهورها او انتهاء دورها.
وفي الحقيقة هنالك فروقات كبيرة في الشخصيات المذكورة،ولكن ابرازه دور وشخصية الملك المؤسس للسعودية،عبد العزيز آل سعود فيه تأمل ،وشرحه الوافي عنه رغم عدم شهرته العالمية،وكثره الكارهين له ولحكمه او الذين لا يعطون لشخصيته وزن كبير...وقد يكون ادخاله في الشخصيات قد جاء بطريقة لا يقبلها الكثيرون ولكن واقع الحال في داخل السعودية يفرض ذلك عليه نظرا للحملات الاعلامية القاسية ضده من جانب التيارات المحافظة،ولذلك الملجأ الوحيد هو اللجوء الى السلطة السياسية وطلب الحماية منها والمساعدة على اخراج الكتاب والبارزين في الثقافة الى دائرة الضوء وتقديم كل اشكال الدعم والاسناد.
في الختام يبقى كتاب:ويبقى التاريخ مفتوحا،هو جيد ومفيد وبأسلوب مبسط الى حد ما،كذلك للكاتب الكثير من الكتب والدراسات،بعضها يختلف عن الكتاب المذكور....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق