يذكر المؤلف في الفصل الثاني أسماء البعثيين الاوائل وأصولهم الدينية والمذهبية والمناطقية والطبقية من مختلف مناطق العراق ولكن كانت تنظيماتهم ضعيفة في الجنوب وقوية في الوسط،وكان اول امين عام للحزب في العراق فؤاد الركابي وهو شيعي من الجنوب وكانت نسبة الشيعة عالية في القيادات ومعظمهم من المهاجرين الى بغداد او طلاب فيها،ثم يذكر تشدد الحزب في قبوله الاعضاء حيث جعل خمسة مراتب طويلة الامد وبعدها تتم العضوية!وهو تقليد حتى سقوطه المدوي عام 2003م،ولان كان الحزب جديدا لذلك وصل الى اعلى المراتب فيه حتى بداية السبعينات شباب صغار السن ارتكبوا الكثير من الجرائم والحماقات نتيجة قلة الخبرة وعنفوان الشباب وطيشه،ولكن بقائهم فترة طويلة في الحكم جعل الحزب شيخا خرفا بأعضاءه تمسكه عصا الديكتاتورية.معظم قيادات الحزب واعضاءه الاوائل تمت تصفيتهم على مراحل عديدة ولكن حصة الاسد كانت من نصيب المجرم صدام.أعترف المؤلف بأن عدد اعضاء الحزب الشيوعي ومؤيديه كان كبيرا جدا يقدر بعشرات الالآف بينما حزب البعث بضع مئات!ومع هذا منح زعيمه حقيبة وزارية أسوة بغيره وبدون تناسب.تحدث المؤلف كثيرا عن علاقة عبد الناصر مع حزب البعث وتحالفه مع جناحه في العراق لاسقاط الجنرال عبد الكريم قاسم،وصراعه مع جناح الحزب في سوريا! ودعمه كذلك لكل المحاولات الانقلابية،كل ذلك في سبيل الابقاء على زعامته الديكتاتورية الزائفة وتوسيعها بعد ان نافسه قاسم بعقلانيته ووطنيته وكذلك شخصيته وثقافته القوية،ويكفي المقارنة بين اسلوبيهما في الكلام،كان عبد الناصر يستخدم العامية لعجزه وقاسم الفصحى لاتقانه لها،وقد سبب تدخل عبد الناصر المستمر حتى سقوط قاسم في 8شباط 1963م وبعد تسلم أعوانه تناسى الجميع الوحدة العربية وضاعت احلامهم الزائفة في خضم صراعاتهم الدموية،وبذلك يكون عبد الناصر وحزب البعث المسؤولين عن كل الجرائم سواء في تمرد الشمال عام 1959م والذي أدى الى أنتقام الشيوعيين والاكراد مما سبب مقتل بين 3-5 الاف،وقد أجج مشاعر الحقد والانتقام التي أنفجرت عام 1963م مما سبب سقوط أكثر من 20الف ضحية في ظرف 9 أشهر في بلد لا يتجاوز 6 ملايين،بينما كان حكم قاسم بأعتراف أعدائه رحيما مع الخصوم مما سبب ذلك سقوطه!.
تكلم المؤلف كثيرا عن مؤسس الحزب ميشيل عفلق،وفكره وشخصيته مما يجعل من كتابه أحد الوثائق الهامة لتاريخ هذا الحزب الدموي والي بني على القتل والغدر والتخريب عكس الاحزاب الوطنية الاخرى.ومن ابرز ما تميز هذا الحزب واصبح في نفس الوقت سمة له ولاتباعه فقره الفكري وتفاهة افكاره التي جمعها من الماركسية والاسلام والقوميين العرب!في تناسق غريب وساذج ويذكرني هذا بالجدل الفكري ايام الديكتاتور ستالين في الاتحاد السوفييتي عندما رفض الكثير من الماركسيين فكرة قيام الاشتراكية في بلد واحد بل يجب ان تكون على مستوى العالم!معللين ذلك بأن الرسمالية والحروب سوف تجهضها بينما اذا انتصرت في العالم لا احد حينها يستطيع القضاء عليها،الا ان ستالين باجرامه المعهود تبنى الاشتراكية في بلد واحد،وأدعى ان تلك نظريته الخاصة للتغطية على جهله الفكري المفضوح وسجله الاجرامي المكشوف،وقد تكرر ذلك عند تلميذه النجيب الذي لم يراه،صدام التكريتي وجميع مواصفات ستالين تنطبق عليه أدعى ضرورة تطبيق الاشتراكية في بلد عربي واحد وهو العراق،عام 1976م بعد ان أدعى بعض البعثيين ضرورة قيامها في جميع أقطار الوطن العربي!محاولات مكشوفة لحزب وزعيمه للتغطية على جهلهم الفكري وتأريخهم الاجرامي البشع،هذا مثال بسيط على سرقة الحزب لفكر الاخرين ونظرياتهم.ضحالة فكر البعث وجهل اتباعه وأميتهم الثقافية لم يبنى من فراغ بل كان مؤسس الحزب عفلق نموذجا مميزا له فقد كان كتابه الرئيسي في سبيل البعث مجموعة مقالات وأحاديث مجموعة في كتاب واحد ولم يكن له سفر فكري يذكر له بل ان الكثير من أفكار البعث مأخوذة من زكي الارسوزي الذي ترك البعثيين وتركوه،وتميز البعث وخاصة في جناح العراق بجهل أفراده وهذا مايؤيده المؤلف من أن الجناح في سوريا متقدم عليه في النوع من حيث كثرة المثقفين فيه،وقد أعترف عفلق حسب المؤلف انه لم يقرأ كتابا واحدا منذ عام 1956م وهذا حديثه بعد عدة أعوام وقد يكون ذلك لغاية وفاته عام 1989م والغريب في الامر أن تلميذه طارق عزيز يذكر ذلك عن نفسه في مقابلة تلفزيونية مع ال بي سي اللبنانية عام 1999م من انه لم يقرأ كتابا منذ عام 1958م وهو يعتبر عن البعض من مثقفي الحزب !!لقد اصبح الحزب وأعضاءه مثالا للسخرية والاحتقار من قبل الشعب العراقي منذ عام 1963م بعد ان اجتمعت فيهم كل الرذائل والموبقات.كان عفلق نموذجا للانتهازية والجبن أيضا ويذكر ذلك في مواقع عديدة من الكتاب وخاصة في رسالة الذلة لحسني الزعيم ديكتاتور سوريا حينها يتوسل العطف والعفو،وهذا مادرج عليه أعضاء البعث ومنهم البكر عندما أزاحه عبد السلام عارف في نوفمبر1963م.
يذكر أيضا تدخلاته في الصراع بين الحزبيين وكيف يميل للاقوى مما جعل البعثيين وخاصة السوريين يطالبون بأقصاءه من الحزب بعد أن اصبح عبئا وعارا عليهم،يالسخرية ذلك الحزب الذي يطرد مؤسسه قبل ات تطرده الجماهير.وعلى العكس منهم تميز منافسهم الرئيسي وهوالحزب الشيوعي بتراثه الفكري الغني بسبب عالميته وتأسيسه على يد كبار الفلاسفة والمفكرين مما جعل له بغض النظر عن خطأ أو صواب نظريته فكره المتميز والثري والغني عن التعريف مما يجعل مقارنة فكرالبعث معه كالقزم أمام العمالقة،ويكفي البعث عارا قتله أفراد الطبقة المثقفة لمختلف التيارات وتزعم الجهلاء والرعاع له وجعلهم مفكرين !والبكر وصدام قمة في الجهل والهمجية والوحشية خيرا مثال على ذلك.
تحدث المؤلف عن صراع عفلق وعبد الناصر مما يدل ان التنافس على الزعامة والحكم هدف هؤلاء وليس الوحدة العربية،ولاننسى ان الصراع بينهما كان دمويا أحيانا وسبب الطرفان من الكوارث على العرب ما يفوق العملاء.
يذكر المؤلف وهو معروف أيضا في مؤلفات أخرى عن البعث كيف ان هذا الحزب الصغير الذي عجز عن جمع الناس حوله أدرك ان هدفه الوحيد استلام السلطة تحت حجة الوحدة العربيةالوهمية وهو الذي مزق بلدا كالعراق فكيف لو تسلم حكم بقية الاقطار لاصبحت بالتاكيد مثل يوغسلافيا السابقة في التشرذم والحروب!،ولذلك تبين له ان الخيار الديمقراطي لن يوصله أبدا للحكم ولذلك سعى وبكل وسيلة مهما كانت قذرة المهم الهدف(الغاية تبرر الوسيلة)،تطبيق للميكيافيلية بأسوء صورها،لذلك فأن أقصر الطرق هو الانقلاب العسكري كما هو معروف،وهل يوجد غير العسكر من يقوم بتلك المهمة،وبعدها يقوم بتصفية من يرفض الخضوع للبعث،ولذلك فالاختلاف بين بعث1963 وعمره القصير وبعث1968 وعمره الطويل هو أن الثاني أستفاد من تجربة الاول فقام بعد 13 يوم فقط بأقصاء حلفاءه العسكريين ثم تصفيتهم لاحقا،بينما الاول أبقى عليهم ولما وجد ان البعثيين عاثوا في الارض فسادا وأجراما وخاصة تنظيمهم العسكري(الحرس القومي)ادى الى الانقلاب عليهم في 18\11\1963م وتخليص العراق ولو مؤقتا من شرورهم.
تحدث الفكيكي كثيرا عن الحياة السرية لحزب البعث خلال الحكمين،الملكي والقاسمي ولذلك جاءت تسمية الكتاب(أوكار الهزيمة) لتعني ان الحزب أنطلق من أوكاره السرية الى الحكم فورا بدون العيش في العلن وبدون خبرة مما جعلهم يتخبطون في أفعالهم وقراراتهم مما سبب الكوارث لهم ولبلدهم،والحياة في الاوكار السرية تعنى العيش في خوف وقلق دائم من كل شئ وعدم الثقة بالاخرين،وعدم ممارسة الحياة الطبيعية،والابتعاد عن الاهل والاصدقاء.
الجوامع المشتركة بين سكنة الاوكار السرية هي صغر السن نسبيا مما يعني ضعف التجربة الحياتية،المستوى الثقافي والدراسي الضعيف نسبيا او غير منهين لدراستهم،وكذلك ضعف الوازع الديني والاخلاقي مما يجعل تعاملهم مع الاخرين وخاصة الخصوم بدون وجود اي موانع تحد من التجاوزات،وقد ذكر المؤلف كيف بعد مرور 10 سنوات تقريبا عندما أطلع مع صديق على عدد من المنشورات التي لم ترى النور وهي تشبه أصداراتهم السابقة،وكيف ضحكوا من تفاهة وتخلف وضعف ما كتبوا سواء لغويا أو فكريا وكيف هناك عدد كبير من الناس من يصدقوا تلك التفاهات ويضحون من أجلها! فكيف الان وبعد مرور نصف قرن على تلك التفاهة الكبرى والمسماة البعث...ملايين الضحايا وعشرات الملايين من المعذبين يكفي للدلالة على حقيقة هذه المافيا السرطانية مما يجعل هناك ضرورة ملحة لتجنيب الاجيال القادمة من تلك العصابات المقنعة،وأول سلاح هو الفكر وتنظيف العقول وليس الابادة الهمجية كما فعل البعث مع الخصوم.تحدث المؤلف عن غالبية المؤتمرات التي اشترك فيها قبل تركه الحزب ومن بينها الصراعات الداخلية داخل الحزب وموقف عفلق فيها الا انه لم يتحدث فيه بعد طرده ومجموعة من البعثيين أثر أنقلاب بعض العسكريين عليه في 11\11\1963م ثم نفيهم خارج العراق،كذلك عن حياته بين عامي 1968-1979 حتى هروبه الى لندن بقيت مجهولة،وهي ضرورية وان كان هناك واجب على عائلته ذكر تفاصيل ذلك كونه متوفي الان ومفيد للحقيقة التاريخية وعدم ترك المجال للمحرفين.
في الفصل السابع كان الحديث عن سقوط الزعيم قاسم،ورغم مرور مايزيد عن ثلاثين عاما بين السقوط وتأليف الكتاب ألا انه لم يعتذر عن المشاركة وما سببته من مآسي،بل العكس تحدث عن مشاركة بعض الشيوعيين وذكر بعض أسمائهم في تعذيب المعتقلين وجرائم اخرى،الا أن ذلك لا يبرر أطلاقا أنتقام البعث الرهيب بحيث لم يعد احد يتذكر جرائم الشيوعيين لهول وضخامة جرائم البعثيين.وذكر بعض المحاولات الانقلابية الفاشلة،ثم ذكر كيف ان قاسم يعرف عدد كبير من المشاركين الا أنه كان رحيما معهم الى ابعد حد وكانت نتيجة أعماله أنه قتل رغم الوعد بعدم الانتقام ومنحه محاكمة عادلة يعرفون نتائجها مسبقا! وقد أستفاد البعثيين بعد ذلك من خطأه فلم يتركوا مخطأ ولا بريئا الا وعذبوه أو قتلوه في ظل غياب كامل لمؤسسات الدولة والضمير الانساني الحي.
تحدث المؤلف وبشئ تفصيلي عن انقلاب 8 شباط 1963م وقد ساهم في الانقلاب عدد كبير من الضباط من مختلف الاتجاهات والتي تختلف مع قاسم في كل شئ خاصة في نظرته للاغلبية الشيعية ومنحها بعض الحقوق ولذلك فأن شعبية قاسم كانت في الشارع تفوق بكثير شعبيته في الجيش رغم ان الضباط والجنود الشيوعيين كانوا منتشرين في كل مكان،وقد دعم الانقلاب عبد الناصر والغرب رغم مابينهما من خلافات،وبعد سيطرة الانقلابيون بدأت حملة شرسة ضد الشيوعيين ثم تلاها الاكراد ثم بدأ الصراع بين الانقلابيون أنفسهم ولم ينتهي ذلك الصراع الذي بدأ مع رحيل عبد الكريم قاسم في 9 شباط 1963 الا بعد سقوط صدام في 9 نيسان 2003م وبذلك مرت على العراق اربعون عاما أو بالتحديد482 شهرا من الطغيان والاستبداد وعدم الاستقرار مالم يشهده تاريخه المعاصر رغم ما مشهور عن العراق من عدم استقرار دائم وتتابع الطغاة على حكمه.اعترف الفكيكي بأشتراكه في الجرائم التي حدثت في الحكم البعثي الاول والذي استمر 9 شهور،واعترف بوحشية الوسائل المستخدمة في تعذيب المعتقلين وقتلهم وانتهاك اعراضهم وسلب ممتلكاتهم في بداية وحشية لحكم ذلك الحزب الفاشي مما يدل على ان كل من يدافع عن البعث واتباعه بعد عام 2003م يستحق اطلاق عليه كلمة بعثي ويستحق ايضا عقوبة مادية او معنوية على ذلك اذا اريد للعراق التخلص نهائيا من تلك الحقبة الاشد ظلمة من تاريخه المأساوي الطويل.
اعترف الشيوعيين نتيجة التعذيب وجرت تصفيتهم ومن اعترافاتهم ان الاتحاد السوفييتي هو الذي منع الحزب من ان يستولي على الحكم وعندما جرت تصفيته وقف متفرجا كما فعل عام 1978م عندما اباد البعثيون مرة اخرى للحزب بعد تحالفهم معه عام 1973!وبذلك نسي الحزب في غضون بضعة سنوات عشرات الالاف من ضحاياه الذين لو قدر لهم العيش مرة اخرى لرفضوا ذلك الحزب الذي فقد الكثير نتيجة تبعيته العمياء للسوفييت مما حوله الان الى قيادة بدون قاعدة بعد ان كان العكس سائدا في الخمسينات الى السبعينات.وكما هو معروف انه لولا منع قاسم للشيوعيين ومحبيه الفقراء من قتال الانقلابيون لتغير تأريخ العراق المعاصر.
لقد أسس حزب البعث لمدرسة خرجت عدد كبير من المجرمين المحترفين واجيال من المشوهين عقليا وجسديا مما جعل العراق بعد عام 2003م كمثل شعب معوق خارج من المصحة النفسية،ويحتاج رعاية وعناية من قبل الامم الحرة بعد ان رفضته الشعوب العربية المستعبدة!.
لقد اثبتت أحداث شباط 1963م بما لايقبل الشك ان المؤسسة العسكرية الطائفية العراقية التي يتباكى عليها الكثيرين سواء من السذج الشيعة أو السنة هي المسؤولة الاولى لما حصل من جرائم،ويجب على الجميع منع تكرار ذلك بأبعاد بقايا البعث وعباد الديكتاتورية الهمجية.اتهم الكثيرون بأن الذين تسببوا باسقاط الزعيم قاسم هم الشيعة سواء من البعثيين أو غيرهم،ولكن الحقيقة غير ذلك الفكيكي يذكر أنه عند اول تمثيل وزاري شكل البعثيون 60%ومذهبيا الشيعة 30%وبينما ضمت قيادة البعث خمسة من الشيعة وثلاثة من السنة في شباط1963 الا ان دورهم لم يحد من الطائفية العنيفة للحكم الذي يقوده سنة متعصبون على راسهم عبد السلام عارف والبكر ويذكر المؤلف ذلك(مازال الخالصيون اصدقاء عارف يرفضون الاتهامات الموجهة له مما يثير الشبهات حولهم بأستمرار)،وبعد ذلك اخذ العد التنازلي للتمثيل الشيعي بالهبوط حتى وصل بعد تسعة شهور فقط الى ثلاثة فقط من تسعة عشر!حتى وصلت الى الصفر في السبعينات وبعدها ارتفع قليلا لكن دون نسبة20% لطائفة تشكل بين60-65%ومهما كانت النسبة في الحكم البعثي الثاني فأنها لاتؤثر بسبب سيطرة صدام وأقربائه على الحكم مما جعل البقية مجموعة من الدمى المتحركة!.كما تحدث الفكيكي طويلا عن الانقسامات داخل البعث ودور عفلق واعوانه فيها،وكما هو معلوم سيطرة الجناح اليساري للبعث على السلطة في عام 1963م الا ان هذا الجناح انتهى بأنقلاب عارف في 18\11\1963 مما جعل السيطرة النهائية لحكم البعث الثاني للجناح اليميني.
غالبية الاسباب التي ادت بالبعث للانقلاب على قاسم،لم يغيروها بل العكس زادوها سوءا،ومن ضمنها ابتعاد قاسم عن الوحدة العربية الفورية وهو لم يقضى سوى اربعة سنوات ونصف،بينما هم اربعين سنة،وايضا حرب قاسم مع الاكراد،ازدادت سوءا باستخدامهم الاسلحة المحرمة دوليا،مسالة الكويت،اعترفوا بها ثم غزوها،شيوع الالحاد والشيوعية وهم قتلوا وعذبوا كل مؤمن برئ وليس اسلامي فقط ولم يستثنوا احدا!
الخلاصة:
شهادة المؤلف على عصر دموي تميز بالانغلاقية وعدم نشر غسيله القذر امام الجمهور،هي دليل شجاعة ولكن متأخرة كثيرا(ثلاثين عاما كاملة)وتزداد قيمة شهادته كونه من القيادات العليا لحزب فاشي تولى تدمير بلاد بأكملها،وغالبية الشهادات على حكم البعث جاءت بعد عام 1991م بعد الحصار الدولي على العراق مما حرم صدام من أنتشار مخابراته في خارج العراق عندما كانوا يمارسون الاجرام برعاية دولية لكونه المدافع عن الانظمة الفاسدة والغرب في حرب ايران.
الكثير من الافكار والاعمال مازال المؤلف مؤمنا بها رغم خطأها ولم يعتذر صراحة عن مشاركته بل عللها ان تلك الفترة كان الجميع منغمسا بالتيارات المختلفة ومؤمنا بالعنف وشرعيته،الا ان ذلك لا يبرر عدم الاعتذار.ذكر المؤلف تفاصيل احيانا غير مفيدة مثل المؤتمرات الحزبية واهمل تفاصيل حكمهم العبثي الاول وخاصة طائفيتهم،كما اهمل الفترة من1964-1979رغم اهميتها البالغة،وايضا اهمل اعطاء صورة واضحة عن كثير من الشخصيات المؤثرة بينما تحدث بالتفصيل عن البعض الاخر.اعتبر الكتاب غير مكتملا كونه مختصرا لفترة زمنية طويلة وكان من الاولى للمؤلف التوسع فيه ولا أجزم بصدقية المؤلف تماما كونه اخفى معلومات او لم يشير لبعضها الاخر،الا ان درجة الصدقية عالية .
في الختام،كتاب جدير بالقراءة وهو على شكل مذكرات شخصية لفترة زمنية محدودة ولذلك تحتاج الوقائع والشخصيات الى النقد والتحليل كما ان هنالك اهمالا واضحا لدقة التواريخ.لا يعرف للمؤلف مؤلفات اخرى ولا اعلم مالسبب رغم كون جعبته مليئة بالحوادث الهامة خاصة تلك التي اطلع عليها وتحتاج الى صفحات أضافية لنشرها.الكتاب يمثل ايضا دعوة لكل البعثيين بضرورة نشر سيرة حياتهم وان كانت خاطئة وضرورة ان تكون المادة المكتوبة صادقة ومدعومة بالاعتذار عما حصل والتعبير عن الحزن والالم لما قاموا به واستعدادهم مساعدة الضحايا او العدالة وهو الحد الادنى للتعامل مع اتباع ذلك الحزب الفاشي.
تكلم المؤلف كثيرا عن مؤسس الحزب ميشيل عفلق،وفكره وشخصيته مما يجعل من كتابه أحد الوثائق الهامة لتاريخ هذا الحزب الدموي والي بني على القتل والغدر والتخريب عكس الاحزاب الوطنية الاخرى.ومن ابرز ما تميز هذا الحزب واصبح في نفس الوقت سمة له ولاتباعه فقره الفكري وتفاهة افكاره التي جمعها من الماركسية والاسلام والقوميين العرب!في تناسق غريب وساذج ويذكرني هذا بالجدل الفكري ايام الديكتاتور ستالين في الاتحاد السوفييتي عندما رفض الكثير من الماركسيين فكرة قيام الاشتراكية في بلد واحد بل يجب ان تكون على مستوى العالم!معللين ذلك بأن الرسمالية والحروب سوف تجهضها بينما اذا انتصرت في العالم لا احد حينها يستطيع القضاء عليها،الا ان ستالين باجرامه المعهود تبنى الاشتراكية في بلد واحد،وأدعى ان تلك نظريته الخاصة للتغطية على جهله الفكري المفضوح وسجله الاجرامي المكشوف،وقد تكرر ذلك عند تلميذه النجيب الذي لم يراه،صدام التكريتي وجميع مواصفات ستالين تنطبق عليه أدعى ضرورة تطبيق الاشتراكية في بلد عربي واحد وهو العراق،عام 1976م بعد ان أدعى بعض البعثيين ضرورة قيامها في جميع أقطار الوطن العربي!محاولات مكشوفة لحزب وزعيمه للتغطية على جهلهم الفكري وتأريخهم الاجرامي البشع،هذا مثال بسيط على سرقة الحزب لفكر الاخرين ونظرياتهم.ضحالة فكر البعث وجهل اتباعه وأميتهم الثقافية لم يبنى من فراغ بل كان مؤسس الحزب عفلق نموذجا مميزا له فقد كان كتابه الرئيسي في سبيل البعث مجموعة مقالات وأحاديث مجموعة في كتاب واحد ولم يكن له سفر فكري يذكر له بل ان الكثير من أفكار البعث مأخوذة من زكي الارسوزي الذي ترك البعثيين وتركوه،وتميز البعث وخاصة في جناح العراق بجهل أفراده وهذا مايؤيده المؤلف من أن الجناح في سوريا متقدم عليه في النوع من حيث كثرة المثقفين فيه،وقد أعترف عفلق حسب المؤلف انه لم يقرأ كتابا واحدا منذ عام 1956م وهذا حديثه بعد عدة أعوام وقد يكون ذلك لغاية وفاته عام 1989م والغريب في الامر أن تلميذه طارق عزيز يذكر ذلك عن نفسه في مقابلة تلفزيونية مع ال بي سي اللبنانية عام 1999م من انه لم يقرأ كتابا منذ عام 1958م وهو يعتبر عن البعض من مثقفي الحزب !!لقد اصبح الحزب وأعضاءه مثالا للسخرية والاحتقار من قبل الشعب العراقي منذ عام 1963م بعد ان اجتمعت فيهم كل الرذائل والموبقات.كان عفلق نموذجا للانتهازية والجبن أيضا ويذكر ذلك في مواقع عديدة من الكتاب وخاصة في رسالة الذلة لحسني الزعيم ديكتاتور سوريا حينها يتوسل العطف والعفو،وهذا مادرج عليه أعضاء البعث ومنهم البكر عندما أزاحه عبد السلام عارف في نوفمبر1963م.
يذكر أيضا تدخلاته في الصراع بين الحزبيين وكيف يميل للاقوى مما جعل البعثيين وخاصة السوريين يطالبون بأقصاءه من الحزب بعد أن اصبح عبئا وعارا عليهم،يالسخرية ذلك الحزب الذي يطرد مؤسسه قبل ات تطرده الجماهير.وعلى العكس منهم تميز منافسهم الرئيسي وهوالحزب الشيوعي بتراثه الفكري الغني بسبب عالميته وتأسيسه على يد كبار الفلاسفة والمفكرين مما جعل له بغض النظر عن خطأ أو صواب نظريته فكره المتميز والثري والغني عن التعريف مما يجعل مقارنة فكرالبعث معه كالقزم أمام العمالقة،ويكفي البعث عارا قتله أفراد الطبقة المثقفة لمختلف التيارات وتزعم الجهلاء والرعاع له وجعلهم مفكرين !والبكر وصدام قمة في الجهل والهمجية والوحشية خيرا مثال على ذلك.
تحدث المؤلف عن صراع عفلق وعبد الناصر مما يدل ان التنافس على الزعامة والحكم هدف هؤلاء وليس الوحدة العربية،ولاننسى ان الصراع بينهما كان دمويا أحيانا وسبب الطرفان من الكوارث على العرب ما يفوق العملاء.
يذكر المؤلف وهو معروف أيضا في مؤلفات أخرى عن البعث كيف ان هذا الحزب الصغير الذي عجز عن جمع الناس حوله أدرك ان هدفه الوحيد استلام السلطة تحت حجة الوحدة العربيةالوهمية وهو الذي مزق بلدا كالعراق فكيف لو تسلم حكم بقية الاقطار لاصبحت بالتاكيد مثل يوغسلافيا السابقة في التشرذم والحروب!،ولذلك تبين له ان الخيار الديمقراطي لن يوصله أبدا للحكم ولذلك سعى وبكل وسيلة مهما كانت قذرة المهم الهدف(الغاية تبرر الوسيلة)،تطبيق للميكيافيلية بأسوء صورها،لذلك فأن أقصر الطرق هو الانقلاب العسكري كما هو معروف،وهل يوجد غير العسكر من يقوم بتلك المهمة،وبعدها يقوم بتصفية من يرفض الخضوع للبعث،ولذلك فالاختلاف بين بعث1963 وعمره القصير وبعث1968 وعمره الطويل هو أن الثاني أستفاد من تجربة الاول فقام بعد 13 يوم فقط بأقصاء حلفاءه العسكريين ثم تصفيتهم لاحقا،بينما الاول أبقى عليهم ولما وجد ان البعثيين عاثوا في الارض فسادا وأجراما وخاصة تنظيمهم العسكري(الحرس القومي)ادى الى الانقلاب عليهم في 18\11\1963م وتخليص العراق ولو مؤقتا من شرورهم.
تحدث الفكيكي كثيرا عن الحياة السرية لحزب البعث خلال الحكمين،الملكي والقاسمي ولذلك جاءت تسمية الكتاب(أوكار الهزيمة) لتعني ان الحزب أنطلق من أوكاره السرية الى الحكم فورا بدون العيش في العلن وبدون خبرة مما جعلهم يتخبطون في أفعالهم وقراراتهم مما سبب الكوارث لهم ولبلدهم،والحياة في الاوكار السرية تعنى العيش في خوف وقلق دائم من كل شئ وعدم الثقة بالاخرين،وعدم ممارسة الحياة الطبيعية،والابتعاد عن الاهل والاصدقاء.
الجوامع المشتركة بين سكنة الاوكار السرية هي صغر السن نسبيا مما يعني ضعف التجربة الحياتية،المستوى الثقافي والدراسي الضعيف نسبيا او غير منهين لدراستهم،وكذلك ضعف الوازع الديني والاخلاقي مما يجعل تعاملهم مع الاخرين وخاصة الخصوم بدون وجود اي موانع تحد من التجاوزات،وقد ذكر المؤلف كيف بعد مرور 10 سنوات تقريبا عندما أطلع مع صديق على عدد من المنشورات التي لم ترى النور وهي تشبه أصداراتهم السابقة،وكيف ضحكوا من تفاهة وتخلف وضعف ما كتبوا سواء لغويا أو فكريا وكيف هناك عدد كبير من الناس من يصدقوا تلك التفاهات ويضحون من أجلها! فكيف الان وبعد مرور نصف قرن على تلك التفاهة الكبرى والمسماة البعث...ملايين الضحايا وعشرات الملايين من المعذبين يكفي للدلالة على حقيقة هذه المافيا السرطانية مما يجعل هناك ضرورة ملحة لتجنيب الاجيال القادمة من تلك العصابات المقنعة،وأول سلاح هو الفكر وتنظيف العقول وليس الابادة الهمجية كما فعل البعث مع الخصوم.تحدث المؤلف عن غالبية المؤتمرات التي اشترك فيها قبل تركه الحزب ومن بينها الصراعات الداخلية داخل الحزب وموقف عفلق فيها الا انه لم يتحدث فيه بعد طرده ومجموعة من البعثيين أثر أنقلاب بعض العسكريين عليه في 11\11\1963م ثم نفيهم خارج العراق،كذلك عن حياته بين عامي 1968-1979 حتى هروبه الى لندن بقيت مجهولة،وهي ضرورية وان كان هناك واجب على عائلته ذكر تفاصيل ذلك كونه متوفي الان ومفيد للحقيقة التاريخية وعدم ترك المجال للمحرفين.
في الفصل السابع كان الحديث عن سقوط الزعيم قاسم،ورغم مرور مايزيد عن ثلاثين عاما بين السقوط وتأليف الكتاب ألا انه لم يعتذر عن المشاركة وما سببته من مآسي،بل العكس تحدث عن مشاركة بعض الشيوعيين وذكر بعض أسمائهم في تعذيب المعتقلين وجرائم اخرى،الا أن ذلك لا يبرر أطلاقا أنتقام البعث الرهيب بحيث لم يعد احد يتذكر جرائم الشيوعيين لهول وضخامة جرائم البعثيين.وذكر بعض المحاولات الانقلابية الفاشلة،ثم ذكر كيف ان قاسم يعرف عدد كبير من المشاركين الا أنه كان رحيما معهم الى ابعد حد وكانت نتيجة أعماله أنه قتل رغم الوعد بعدم الانتقام ومنحه محاكمة عادلة يعرفون نتائجها مسبقا! وقد أستفاد البعثيين بعد ذلك من خطأه فلم يتركوا مخطأ ولا بريئا الا وعذبوه أو قتلوه في ظل غياب كامل لمؤسسات الدولة والضمير الانساني الحي.
تحدث المؤلف وبشئ تفصيلي عن انقلاب 8 شباط 1963م وقد ساهم في الانقلاب عدد كبير من الضباط من مختلف الاتجاهات والتي تختلف مع قاسم في كل شئ خاصة في نظرته للاغلبية الشيعية ومنحها بعض الحقوق ولذلك فأن شعبية قاسم كانت في الشارع تفوق بكثير شعبيته في الجيش رغم ان الضباط والجنود الشيوعيين كانوا منتشرين في كل مكان،وقد دعم الانقلاب عبد الناصر والغرب رغم مابينهما من خلافات،وبعد سيطرة الانقلابيون بدأت حملة شرسة ضد الشيوعيين ثم تلاها الاكراد ثم بدأ الصراع بين الانقلابيون أنفسهم ولم ينتهي ذلك الصراع الذي بدأ مع رحيل عبد الكريم قاسم في 9 شباط 1963 الا بعد سقوط صدام في 9 نيسان 2003م وبذلك مرت على العراق اربعون عاما أو بالتحديد482 شهرا من الطغيان والاستبداد وعدم الاستقرار مالم يشهده تاريخه المعاصر رغم ما مشهور عن العراق من عدم استقرار دائم وتتابع الطغاة على حكمه.اعترف الفكيكي بأشتراكه في الجرائم التي حدثت في الحكم البعثي الاول والذي استمر 9 شهور،واعترف بوحشية الوسائل المستخدمة في تعذيب المعتقلين وقتلهم وانتهاك اعراضهم وسلب ممتلكاتهم في بداية وحشية لحكم ذلك الحزب الفاشي مما يدل على ان كل من يدافع عن البعث واتباعه بعد عام 2003م يستحق اطلاق عليه كلمة بعثي ويستحق ايضا عقوبة مادية او معنوية على ذلك اذا اريد للعراق التخلص نهائيا من تلك الحقبة الاشد ظلمة من تاريخه المأساوي الطويل.
اعترف الشيوعيين نتيجة التعذيب وجرت تصفيتهم ومن اعترافاتهم ان الاتحاد السوفييتي هو الذي منع الحزب من ان يستولي على الحكم وعندما جرت تصفيته وقف متفرجا كما فعل عام 1978م عندما اباد البعثيون مرة اخرى للحزب بعد تحالفهم معه عام 1973!وبذلك نسي الحزب في غضون بضعة سنوات عشرات الالاف من ضحاياه الذين لو قدر لهم العيش مرة اخرى لرفضوا ذلك الحزب الذي فقد الكثير نتيجة تبعيته العمياء للسوفييت مما حوله الان الى قيادة بدون قاعدة بعد ان كان العكس سائدا في الخمسينات الى السبعينات.وكما هو معروف انه لولا منع قاسم للشيوعيين ومحبيه الفقراء من قتال الانقلابيون لتغير تأريخ العراق المعاصر.
لقد أسس حزب البعث لمدرسة خرجت عدد كبير من المجرمين المحترفين واجيال من المشوهين عقليا وجسديا مما جعل العراق بعد عام 2003م كمثل شعب معوق خارج من المصحة النفسية،ويحتاج رعاية وعناية من قبل الامم الحرة بعد ان رفضته الشعوب العربية المستعبدة!.
لقد اثبتت أحداث شباط 1963م بما لايقبل الشك ان المؤسسة العسكرية الطائفية العراقية التي يتباكى عليها الكثيرين سواء من السذج الشيعة أو السنة هي المسؤولة الاولى لما حصل من جرائم،ويجب على الجميع منع تكرار ذلك بأبعاد بقايا البعث وعباد الديكتاتورية الهمجية.اتهم الكثيرون بأن الذين تسببوا باسقاط الزعيم قاسم هم الشيعة سواء من البعثيين أو غيرهم،ولكن الحقيقة غير ذلك الفكيكي يذكر أنه عند اول تمثيل وزاري شكل البعثيون 60%ومذهبيا الشيعة 30%وبينما ضمت قيادة البعث خمسة من الشيعة وثلاثة من السنة في شباط1963 الا ان دورهم لم يحد من الطائفية العنيفة للحكم الذي يقوده سنة متعصبون على راسهم عبد السلام عارف والبكر ويذكر المؤلف ذلك(مازال الخالصيون اصدقاء عارف يرفضون الاتهامات الموجهة له مما يثير الشبهات حولهم بأستمرار)،وبعد ذلك اخذ العد التنازلي للتمثيل الشيعي بالهبوط حتى وصل بعد تسعة شهور فقط الى ثلاثة فقط من تسعة عشر!حتى وصلت الى الصفر في السبعينات وبعدها ارتفع قليلا لكن دون نسبة20% لطائفة تشكل بين60-65%ومهما كانت النسبة في الحكم البعثي الثاني فأنها لاتؤثر بسبب سيطرة صدام وأقربائه على الحكم مما جعل البقية مجموعة من الدمى المتحركة!.كما تحدث الفكيكي طويلا عن الانقسامات داخل البعث ودور عفلق واعوانه فيها،وكما هو معلوم سيطرة الجناح اليساري للبعث على السلطة في عام 1963م الا ان هذا الجناح انتهى بأنقلاب عارف في 18\11\1963 مما جعل السيطرة النهائية لحكم البعث الثاني للجناح اليميني.
غالبية الاسباب التي ادت بالبعث للانقلاب على قاسم،لم يغيروها بل العكس زادوها سوءا،ومن ضمنها ابتعاد قاسم عن الوحدة العربية الفورية وهو لم يقضى سوى اربعة سنوات ونصف،بينما هم اربعين سنة،وايضا حرب قاسم مع الاكراد،ازدادت سوءا باستخدامهم الاسلحة المحرمة دوليا،مسالة الكويت،اعترفوا بها ثم غزوها،شيوع الالحاد والشيوعية وهم قتلوا وعذبوا كل مؤمن برئ وليس اسلامي فقط ولم يستثنوا احدا!
الخلاصة:
شهادة المؤلف على عصر دموي تميز بالانغلاقية وعدم نشر غسيله القذر امام الجمهور،هي دليل شجاعة ولكن متأخرة كثيرا(ثلاثين عاما كاملة)وتزداد قيمة شهادته كونه من القيادات العليا لحزب فاشي تولى تدمير بلاد بأكملها،وغالبية الشهادات على حكم البعث جاءت بعد عام 1991م بعد الحصار الدولي على العراق مما حرم صدام من أنتشار مخابراته في خارج العراق عندما كانوا يمارسون الاجرام برعاية دولية لكونه المدافع عن الانظمة الفاسدة والغرب في حرب ايران.
الكثير من الافكار والاعمال مازال المؤلف مؤمنا بها رغم خطأها ولم يعتذر صراحة عن مشاركته بل عللها ان تلك الفترة كان الجميع منغمسا بالتيارات المختلفة ومؤمنا بالعنف وشرعيته،الا ان ذلك لا يبرر عدم الاعتذار.ذكر المؤلف تفاصيل احيانا غير مفيدة مثل المؤتمرات الحزبية واهمل تفاصيل حكمهم العبثي الاول وخاصة طائفيتهم،كما اهمل الفترة من1964-1979رغم اهميتها البالغة،وايضا اهمل اعطاء صورة واضحة عن كثير من الشخصيات المؤثرة بينما تحدث بالتفصيل عن البعض الاخر.اعتبر الكتاب غير مكتملا كونه مختصرا لفترة زمنية طويلة وكان من الاولى للمؤلف التوسع فيه ولا أجزم بصدقية المؤلف تماما كونه اخفى معلومات او لم يشير لبعضها الاخر،الا ان درجة الصدقية عالية .
في الختام،كتاب جدير بالقراءة وهو على شكل مذكرات شخصية لفترة زمنية محدودة ولذلك تحتاج الوقائع والشخصيات الى النقد والتحليل كما ان هنالك اهمالا واضحا لدقة التواريخ.لا يعرف للمؤلف مؤلفات اخرى ولا اعلم مالسبب رغم كون جعبته مليئة بالحوادث الهامة خاصة تلك التي اطلع عليها وتحتاج الى صفحات أضافية لنشرها.الكتاب يمثل ايضا دعوة لكل البعثيين بضرورة نشر سيرة حياتهم وان كانت خاطئة وضرورة ان تكون المادة المكتوبة صادقة ومدعومة بالاعتذار عما حصل والتعبير عن الحزن والالم لما قاموا به واستعدادهم مساعدة الضحايا او العدالة وهو الحد الادنى للتعامل مع اتباع ذلك الحزب الفاشي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق