الأولى
بالاسقاط تمثال السعدون !
عندما سقط تمثال صدام في عام 2003 استبشر
الجميع بأن كل ما يتعلق بالنظام البعثي وممن سبقه من الانظمة الطائفية التي حكمت
العراق منذ عام 1920 بدءا من الأسماء والتماثيل لغاية اجتثاث الأفكار الشوفينية،
سوف تزول من صدر العراق الحبيب...ولكن ظهر أن تلك الامنيات قد تبخرت بفعل تجذر بقايا
تلك الانظمة في الجسد العراقي اضافة الى شيوع حالة الجهل واللامبالاة لدى الغالبية
الساحقة!.
عندما ازيل تمثال الغريري وهو احد
البعثيين المغدورين في محاولة اغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم عام 1959 من احد
ساحات بغداد ووضع بدلا عنه تمثال للزعيم الشهيد من قبل محبيه وهم كثر رغم الفترة
الزمنية البعيدة، كان ذلك بلا شك علامة مضيئة في التغيير،ولكن تلك الحالة النادرة
لم تستمر تجاه الموجود من رموز كثيرة ساهمت في تأسيس الطغيان والطائفية خلال قرن
من الزمان ومن ابرزهم عبد المحسن السعدون(ت1929) والموجود تمثاله في الشارع الشهير
المسمى بأسمه،وهو رئيس وزراء سابق وضابط عثماني، انتحر تحت ادعاء وجود ضغط من
الشارع والانكليز لأنه كان تابعا لهم،وكانت حتى وصيته هي باللغة التركية الى زوجته
وابنه!.
هذا الرجل المجهول لدى الغالبية الان هو
أحد أبرز من أسس للطغيان الطائفي في العراق،فهو من بقايا الجيش العثماني الذي حكم
العراق لاحقا(هذا تنبيه لمن يتباكى على جيش صدام السابق!)وأصبح ثاني رئيس وزراء
بعد الطائفي العجوز عبد الرحمن الكيلاني! وهو كان صاحب المعاهدة المشؤومة مع
الانكليز، وعندما عارض مراجع الدين الكبار الانتخابات للمجلس التأسيسي لأنه مزور
وسوف لا يمثل العراقيين،لم يتعرض الحكم البريطاني بسوء الى تلك الرموز الدينية
كعادتهم في حكم أقاليم امبراطوريتهم الواسعة بحكمة، ولأن المعارضة أصبحت شديدة
لهم،لم يجدوا سوى هذا المرتزق الرخيص كي ينفذ مخططهم الرامي الى ابعاد رجال الدين
وحلفائهم من الحكم، ولان السعدون كان طائفيا متعصبا لا يحترم رموز الغالبية
وعثمانيا سابقا غير بسهولة ولائه مثل غالبية ضباط الجيش العثماني (العراقي
لاحقا!)فقد قام بمهمة اعتقال ونفي مراجع الدين ورؤساء العشائر (قادة ثورة
العشرين)من المدن الجنوبية خصوصا الى خارج البلاد دون ادنى خوف وكان مستعدا لقمع
أي تحرك شعبي حتى ان الملك قد ترك العاصمة خوفا من ردة الفعل وكذلك حال الانكليز
من تلك الجرأة الوقحة التي وصلت اقصى مدى لها في زمن الديكتاتور صدام!.
هذا الذي كان أحد مؤسسي الظلم والطغيان
والعمالة في العراق،كان الأولى للمتظاهرين العراقيين في ساحة التحرير وهم يتمركزون
بالقرب من هذا الشارع والتمثال ان يقوموا بإزالته ووضع تمثال احد ضحاياه العمالقة
في الدين والوطنية مع تغيير هذا الاسم الأسود بدلا من التوجه برعونة وغباء وهمجية
في مناطق اخرى الى ازالة وتدمير اسماء وعلامات وآثار الرموز الدينية المختلفة تحت
ادعاء أنها تابعة لبعض الفاسدين في الحكومة!.
الأولى بالاسقاط هو هذا المسخ وكل عناوين
الحقب السوداء من معاوية ولغاية صدام!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق