هوامش نقدية على المظاهرات العراقية ! (2)
لا يؤدي العنف إلى الإصلاح والبناء بل على
العكس سوف يعيق ويؤخر تلبية المطالب،وما حدث في المظاهرات العراقية هو نتيجة
طبيعية ليس فقط لغياب ثقافة التظاهر السلمي عن المجتمع لمدة تزيد عن نصف قرن بل هو
تسييسها ودفعها باتجاه مخططات خارجية لا يدعو إليها غالبية الناقمين على السلطات
الثلاث!.
فزج اسماء دول الجوار في المطالب الملحة
واعتبارها هي المتسبب الحقيقي في الازمة الاقتصادية هو امر غير واقعي لان للعراق
علاقات ايجابية مع الجميع وتعود عليه وعليهم بالفوائد المرجوة كما أن حرق الإعلام
هو أمر مرفوض ولا يعود بالفائدة...نعم ان هنالك سلبيات اقتصادية ولكن يمكن تلافيها
أو التقليل من حجمها،وعليه فإن بناء علاقات طبية هو أمر مفيد لكل بلد في العالم.
الامر الاخر هو طرح مطالب لإلغاء رواتب
ضحايا النظام البائد وهم فئة محدودة العدد ومثلما هو حاصل في اغلب الدول التي تخرج
من الحروب والسلطة الدكتاتورية، وتجاهل أن هنالك رواتب تقاعدية لأكثر من 600 ألف
بعثي سابق وعامل في الاجهزة الامنية والعسكرية للنظام البعثي البائد وغالبيتهم
متورطين في الاجرام والارهاب وهو أمر يخالف ما تقوم به أغلب الدول بعد سقوط
أنظمتها القمعية هذا بالاضافة الى ان الكثيرين من هؤلاء مازالوا يمارسون دورا
سلبيا في الداخل والخارج ضد البلد ككل وتشويه سمعته فضلا عن انغماس البعض في اعمال
ارهابية واجرامية بعد عام 2003!...هذه الفئة وبخاصة الهاربين في خارج البلاد،تشكل
عبئا كبيرا على الميزانية والتقليل من حجم المدفوعات بكافة الوسائل سوف يعوض
الفئات المحرومة ولو بمستوى معقول ويحد من الأضرار التي يخلقها هؤلاء!.
قد تكون هنالك إجراءات مفيدة على المدى
البعيد للميزانية العراقية،ومن أبرزها الغاء مجالس المحافظات وحصر السلطة المحلية
بمحافظ ونائب،وتخفيض عدد أفراد مجلس النواب الى النصف،أي بين 150-200 عضو مع بقية
المناصب الاخرى وتخفيض حجم الرواتب والمزايا والمنح لهم وجعلها بمستوى الدول
المتقدمة وحسب حجم متوسط دخل الفرد العراقي !...هذه الإجراءات سوف تفيد في منح
الميزانية مبالغ كبيرة ولكنها ليست بالحجم الذي يتصوره البعض ويعتبروه حلا سحريا
للجميع!.
بعد الاشارة الى ان حجم انتاج النفط
الحالي لا يكفي الاحتياجات الملحة للشعب العراقي،وان مضاعفة الإنتاج لمرات عدة حسب
حجم الاحتياطي الضخم لا تسمح به دول الخليج الأخرى التي تنتج فوق طاقتها الطبيعية
ولا حتى حجم السوق الدولية المحدودة وعليه فأن تصنيع النفط والغاز الى منتجات اخرى
هي تعطي عوائد أخرى جديدة!.
غابت عن المشاركين في المظاهرات
العراقية،مسألة إقليم شمال العراق المتمرد والذي يسبب مشاكل اقتصادية وسياسية لا
حصر لها تفوق ما يتوقعه الجميع، والخسائر الناجمة من انشاء هذا الكيان الصغير
المتمرد تفوق حجم الفوائد الناتجة عنه وعليه الحاجة ماسة الى ارادة سياسية قوية
اما بإزالته أو بتقليل حجم الصلاحيات الممنوحة اليه بكافة الوسائل المتاحة،وسوف
يحدث تحسن كبير لدى الشعب بكافة طوائفه بما في ذلك الساكنين في هذا الإقليم!.
وجود أكثر من 8 ملايين موظف في القطاع
الحكومي العراقي هو مشكلة بحد ذاتها بينما المتظاهرين يطالبون بوظائف اخرى ضمن
قطاعاته!...فهذا القطاع الكبير المليء بالمشاكل البيروقراطية، يستطيع العمل
بفعالية بنصف هذا العدد كما أن هناك فروع كثيرة تحتاج إلى عناصر أخرى مثل قطاع التعليم
والصحة وهي فرصة للمتظاهرين الباحثين عن عمل ولديهم شهادات خاصة به،كما ان
المؤسسات العسكرية بحاجة الى اعداد اكبر سواء ضمن الوحدات العاملة او ضمن ورش
التصنيع العسكري .
توجد للعراق فرص كثيرة ضمن القطاع الصناعي
والزراعي لتوظيف العاطلين للعمل فيه وهو سوف يخرج العراق من ازمته الاقتصادية
الراهنة.
اعتماد العراق على النفط كمورد وحيد هو
خطأ فادح والبقاء عليه سوف يكون كارثيا،والحلول المطروحة هي عديدة ولكنها تحتاج
الى زمن طويل للتطبيق المبرمج والحصول على النتائج الايجابية كما حصل لدى النمور
الاسيوية او دول اخرى خرجت من ازماتها بعد الحروب وسقوط الديكتاتوريات!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق