هوامش نقدية على المظاهرات العراقية !
في الغالب تسود المناقشات حول التظاهرات
في العراق بين الرفض والقبول المطلق دون البحث في نقاش جدي حول أسبابها ونتائجها!.
أغلب المشاركين في المظاهرات العراقية
خلال السنوات الماضية وبخاصة بعد عام 2011 هم شباب هائج على سوء أوضاعهم
الاقتصادية والشؤون السياسية بصورة أقل نسبيا،ولا يعرفون انها يجب ان تكون سلمية
مادامت المطالب ملحة لهم وان تكون رافضة للتحريض الخارجي وبخاصة من اذناب البعث
البائد والتكفيريون والطائفيون في الدول العربية!...لذلك بسهولة يجنحون نحو العنف
المرفوض!.
اغلب المتظاهرين في العراق خلال السنوات
الماضية هم من فئة الشباب الصغار الذين لم يعيشوا فترة الحكم البعثي البائد في
العراق بوعي تام والذي كان يحكم بالإعدام على حلم بائس لطفل صغير! أما المشاركة في
مظاهرة تمتاز بالعنف والشتائم كما هو الحال الآن فذلك يعتبر أمرا مستحيلا !...وهذا
ما نراه من امنيات بتفضيل الحكم البائد وتهوين من حجم جرائمه المرعبة!.
في الغالب أن الناقمون وفي الغالب هم شباب
مندفع وبعضه غير متعلم ولا يتقبل الأمور بعقلانية وهدوء ويرفضون النقد العلمي
المجرد المستند الى أسس واضحة لا تقبل المبالغات في قبول الارقام الفلكية الحافزة
لهم هي من أبرز أسباب العنف والتورط في جرائم والتحول الى لعبة خارجية واضحة!.
هؤلاء لم يعيشوا مرحلة القمع الوحشي لاقسى
نظام على وجه الأرض بل ترعرعوا في بيئة تسودها الحرية الفوضوية والارهاب المركب وهي
لا تمنح من شاب عليها مستوى مقبول من النمو العقلي الطبيعي بل السير في موجات
هامشية غير واعية !.
عدد سكان العراق حاليا وصل إلى 40 مليون
نسمة العوائد النفطية تصل على أكثر تقدير 80 مليار دولار مما يعني 2000 دولار
سنويا للفرد الواحد وهو نفس القيمة للفرد عامي 1979 و 1980 ولكن الفارق يكمن في
تدهور قيمة الدولار خلال 40 عاما والتي تصل حاليا الى ربع قيمتها الشرائية السابقة
!.
هذا يعني ان القيمة الحالية لعوائد النفط
العراقية والبالغة 80 مليار دولار تعادل 20 مليار دولار للقيمة الشرائية لعام 1979
وهي لا تكفي حاجات العراق الحالية رغم أن الإنتاج وصل إلى أرقام قياسية بلغت 4.5
مليون برميل يوميا وتصدير 3.5 مليون منها!.
الأرقام المتداولة للفساد في العراق والتي
تسود في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي سنويا على الأقل 25 مليار دولار فما
فوق!.
هذه الأرقام الفلكية لا صحة لها والتي
يتبناها الاغلبية الناقمة بسهولة بل اقل بكثير وهي تشبه حالة ذكر وجود 5 ملايين
ارملة في العراق وهو رقم فلكي آخر!.
أسعار النفط عام 1980 وصلت إلى 40$ وهي
تعادل 160 دولار بأسعار اليوم بينما عدد سكان العراق تضاعف ثلاثة مرات خلال تلك
الفترة وهي خافية على الغالبية الساحقة التي لا تلجأ للبحث العلمي في بحث الأسباب
والنتائج وطلب التوصيات! بل تلجأ الى حديث الشارع والذي يصل الى وسائل التواصل
بسهولة!.
بحث سوء الأوضاع الاقتصادية في العراق
وغيره من البلاد الاخرى لا يستدعي قبول المبالغة في الحديث بل الاستناد الى الواقع
والتعايش معه والبحث في وسائل أخرى لتطوير البلاد بعيدا عن العنف وقبول التدخل
الخارجي الهادف للتدمير بدلا من التعمير!.
إذا كانت العوائد النفطية السنوية للعراق
على أكثر تقدير 80 مليار دولار،فأن حوالي 55-60 مليار دولار هي تذهب للميزانية
التشغيلية وبالتالي فأن رقم 20 مليار دولار ليست كافية للاستثمار والادخار للسنوات
القادمة لشعب تعداده 40 مليون !.
إذا قدر للحكومة العراقية القضاء على
الفساد وبخاصة من جانب إقليم كردستان العراق الذي يمثل تمرده مشكلة خطيرة للبلد
ككل فإن توفير مبالغ بين 10-15 مليار دولار يكون أمرا واقعيا وسوف يساعد قليلا على
حل المشكلة الاقتصادية وبخاصة إعادة تعمير المناطق الفقيرة والمدمرة !.
منذ تبني العراق للاشتراكية بصورتها
المشوهة بعد عام 1964 والقضاء على الرأسمالية الوطنية وبخاصة لأسباب طائفية
والرغبة في توسيع هيمنة النظام الطائفي على البلد وليس وفق أسس علمية فإن ضعف
المبادرات الفردية قد سادت الغالبية الساحقة والاعتماد على التوظيف الحكومي حتى في
ظل ضعف حجم وقيمة ذلك التوظيف!.
منذ سقوط النظام البعثي عام 2003 والعنف
والفوضى هما سمات المظاهرات العراقية وهو لا يساعد على حل المشكلة بل يفاقمها،
والحاجة الملحة تفرض على الدولة وضع حد لهذا الاستهتار الأرعن في تدمير مؤسسات
الدولة والمجتمع من خلال فرض القوة الصارمة وبخاصة من خلال سن قوانين العقوبات
الناعمة!.
نعم لقبول المظاهرات والاحتجاجات السلمية
في أماكن مخصصة لذلك والعمل على تنمية تلك الثقافة السلمية لدى الجميع مع العمل
لحل المشاكل الاقتصادية وبخاصة الفساد وتمرد الإقليم والأحزاب والأفراد في
السلطة،وبنفس الوقت منع العنف والفوضى والتدخل الخارجي في تدمير العراق ونهضته
القادمة !.