تجارب بلا عبر:
دونت الذاكرة التاريخية،عددا
كبيرا من التجارب العامة والتي كانت نتائجها مأساوية الى درجة مرعبة تجعل الانسان
السوي والذي لديه ولو مقدار بسيط من الوعي النقدي والمبادئ الانسانية المتعارف
عليها،ان يقف أمامها حائرا حول الدرجة المتدنية من المستوى البهيمي التي وصل اليها
التطبيق دون ادنى مراعاة لابسط مقررات العقل والمنطق والانسانية بل وحتى احترام
للمبادئ التي يدعون الانتساب اليها!.
لقد كان النتاج الانساني من
النظريات والافكار هائلا والبعض منها وصل الى مرحلة التطبيق وظهرت النتائج المروعة
له بينما اندثر الاخر دون ان يحضى بالتجربة للبرهان على دقته،ولكن الكارثة انه بقي
عددا كبيرا متمسكا بالتي ثبت خطأها وبخاصة الذين لم تصل اليهم المرحلة التجريبية
كي يعوا حقيقتها عن قرب ويكفوا عن الهراء المتواصل في اظهار التأييد العفوي او
المرسوم!.
اذا كان الشيوعية بمختلف مدارسها
قد تركت لنا تراثا ضخما من المآسي الانسانية لشعوب لا يجمع بينها رابط سوى
الانسانية واصبحت كارهة لها بالرغم من سوء الادارة بعد سقوطها،فأن ذلك دلالة بسيطةعلى ان
النظرية وتطبيقاتها المتعددة قد ثبت فشلها وبالتالي فأن التمسك بها سوف يكون عبثا
الا في حالات استثنائية من قبيل الاستفادة العلمية من بعض استدلالاتها والتي لن
يكون لها تأثيرا ايجابيا على البناء الفكري الجديد،ولكن الواقع يثبت ان مسألة
الرفض المطلق وفق النقد العلمي الموضوعي هو امر مستبعد من خلال رؤية البقايا
يناضلون في سبيل احياء ذلك التراث الاسود الذي لم ينتهي بفعل خارجي وانما بفعل
النتائج المأساوية للتطبيقات المتعددة...نعم قد يكون النضال لاجل المبادئ الثابتة
هو امرا مرغوبا على الدوام ولكن بفصلها عن الطرق التجريبية المدمرة.
هذا الامر لا ينطبق على الشيوعية
كمذهب سياسي واقتصادي...الخ فقط بل ايضا على اغلب التجارب الاخرى،من قبيل الفاشية
وبعض المدارس القومية وبخاصة في العالم العربي مثل البعثية والناصرية وايضا
الممالك التي عمرت قرونا ومازالت تساير العصر بثوب جديد وبروح وأساليب قديمة
بالية! وكذلك الفكر الديني المتطرف الذي يفسر الدين وفق مناهج اجتماعية او فكرية
موروثة او حتى تأويلات ناتجة منها لاتراعي اتساع الدائرة الدينية للجميع.
الملاحظ ان اغلب المؤيدين والانصار
هم من خارج دائرة التطبيق لان اثر الدعايات باق دون تغيير بالرغم من وضوح الصورة
وبخاصة في العصر الحديث الذي كسر الحواجز والقيود بطرق تكنولوجية اكثر من رغبة
فلسفية!...وكان من المؤمل ان الانفتاح سوف يؤدي الى تغيير القناعات الفردية
والجماعية بسهولة اكبر،ولكن الواقع اظهر لنا استبيانات مروعة ناتجة من اسباب عديدة
متباينة قد يكون من بينها الجهل والتخلف او الميول الذاتية والرغبات والنزعات التي
لا تحصى ولا تعد والتي من الصعب كبح جماحها في ظل الظروف التي تناسبها.
الاعتقاد الذاتي اذا لم يكن مبنيا
على اسس عقلانية واضحة فأن اسسه سوف تتهاوى وتسقط في ظل المنافسات الفكرية الشديدة
التي لا تدع مجالا للتصحيح او اخذ الانفاس،والقوة المادية مهما كبرت وتجبرت فأن
اسسها الفكرية تبقى واهنة وسوف تؤدي بها الى كوارث مؤجلة كما حدث في التاريخ
المعاصر.
لقد ثبت من خلال التجارب الماضية
ان سقوط النظم او تهاوي القوة المادية لن يؤدي الى انهيار البناء الفكري بشكل
نهائي ولكن على المدى البعيد سوف يحولها الى نظريات وتجارب تاريخية تأخذ مكانها في
المتحف للرؤية والعبرة!.
ان رؤية ملايين الضحايا والمعذبين
وأثار الدمار المادي والمعنوي هو كاف للتطهر من الآثام التنظيرية التي لا تراعي كرامة الانسان وعقله
وبخاصة ممن تعرضوا الى العذاب في المحافل التجريبية،كما ان التجارب الناجحة يجب ان
تكون منارا لانتهاج وسائلها واحداث تغييرات طفيفة عليها،لان هامش الاختلاف يفرض
ذلك حتى لا يتكرر الخطأ ويتم نسبه الى التجارب الناجحة.
ليس الخطأ في التغيير والانفتاح
ولكنه في الاصرار عليه!.
هناك تعليق واحد:
مقال جميل ورائع ..
ولكن كل هذه النظريات زائلة..
حتى حكومات المماليك المستبدة
والاستعبادية..
لانها لاتسمع إلا صوت نفسها الآن كما هو
حاصل في منطقة الخليج العربي .الرأي
مفقود لدي المواطن والشعب ..
ولكن إذا أردنا أن نطبق النظريات لا
يوجد إلا نظرية واحده ..
وهي الأقتداء بالرسول صل الله عليةوسلم
وأتباع النهج السلف الصالح الصحيح
دون تميز . كما هو حاصل الآن ..
من الألقاب والمسميات البراقة. وهي
بالأصل كلها عناوين كذابه وأيضا
بهرجات خداعه ..
إرسال تعليق