الطائفية المعاصرة في مصر!
بعد وفاة الرئيس المصري السابق محمد مرسي في سجنه،انقسم الناس بين معزي باك
وضاحك شامت به،وبالنسبة للفئة الثانية بعضهم من مؤيدي الديكتاتورية العسكرية
والبعض الآخر من أعداء الطائفية الذين يتهمون الرئيس المعزول بأشاعتها في بلاده
وكأنها نشأت من العدم وهو مؤسسها!.
الطائفية في مصر قديمة جدا ولم تنشأ من الرئيس مرسي ولا تنتهي بوفاته،وقد
شاعت بعد استيلاء صلاح الدين الأيوبي على الحكم بعد غدره بالفاطميين مثل حال
السيسي وغدره بالرئيس المنتخب سواء شئنا ام ابينا،والفارق بينهما ان صلاح الدين
حارب لاجل القدس ولكن السيسي ممن باعها ضمن القطيع!.
كان الحكم الفاطمي الإسماعيلي المذهب نموذجا للتسامح والتعايش السلمي
بشهادة اعدائهم ولكن ابادة الشيعة وتراثهم في مصر بقسوة نادرة جعل البلاد تنحدر
نحو الطائفية المذهبية المتوارثة،دون نسيان حالة الصراع الطائفي المستمرة ايضا مع
الاقباط، ورغم ان نيران الطائفية خفت في عهد عبد الناصر بسبب التوجه القومي إلا
أنها عادت بقوة زمن الديكتاتور المقبور انور السادات حتى ان دار التقريب بين
المذاهب أغلقت في عهده عام 1977 واستقبل بوقاحة لا نظير لها شاه ايران الهارب
بينما رفضت أمريكا استقباله ولم تضيفه السعودية وهي رأس حربة الطائفية التكفيرية
في العالم والتي استقبلت عددا من الطغاة الهاربين من العدالة!.
في عام 1979 قطع النظام العسكري المصري علاقته بإيران لاسباب مختلفة ومن
ضمنها العامل الطائفي بالطبع واستبدلها بعلاقة خاصة مع الكيان الصهيوني بينما
استمرت أكثر البلاد طائفية في العالم العربي في علاقتها مع إيران! وشاعت الطائفية
ايضا في عهد الديكتاتور المخلوع حسني مبارك وعند تسلم الرئيس المنتخب محمد مرسي
وخلال حكمه القصير لم يعمل على منعها ورغم اتهامه بقتل الشهيد حسن شحاته من قبل
الكثيرين وهي لا اساس لها إلا أنه لم يصدر الأمر مثل حال المجرم صدام الذي قتل
الاف رجال الدين وطلبة العلم علانية،ولا حتى الاخوان من قام بذلك،والسلفيون الذين
غدروا به وتحالفوا مع انقلاب السيسي هم من قام بذلك العمل ناهيك عن استعداد
الكثيرين من كافة التيارات الدينية والعلمانية المصرية للقيام بذات العمل الشنيع
أو التشجيع عليه ولا يمكن نسيان فرح الكثيرين وشماتتهم بمقتل الاف الضحايا الشيعة
الأبرياء في مجزرتي سبايكر وبادوش وغيرها بعد خلع مرسي بعام،واستمرت علاقة البلاد
مقطوعة مع إيران وزادت تبعية البلاد لدول الخليج الصغيرة وامريكا واسرائيل !.
والبعض يربط الحالة السورية بطائفية الاخوان ومرسي رئيسهم ولكن الحالة في
عام 2013 عندما كانت الحرب الاهلية السورية على اشدها والنظام السوري يتحمل
مسؤولية كبيرة في تدمير البلاد وقتل العباد حتى وصلت التيارات التكفيرية إليها
لتنتقل الى العراق لاحقا،وحينها كانت الغالبية الساحقة في العالم تدين النظام
السوري ليس لأسباب مذهبية بل سياسية وانسانية ومازال البعض مستمرا لحد الان في
العداء له رغم حربه مع التكفيريين!.
نعم هنالك الكثيرين من رؤوس تنظيم الإخوان طائفيون ولكن ذلك جزءا من الحالة
العامة في مصر سواء في الماضي أو الحاضر او حتى المستقبل إذا استمر الحكم الطائفي
سواء اكان عسكريا او مدنيا!...ومن ينظر إلى الإعلام المصري الرسمي والشعبي وحالة
الشارع أيضا لأصابه الرعب والاستهجان من شيوع الطائفية المذهبية بدون وجود ادنى
تهديد للبلاد وشعبها بل حتى أن مؤسسة دينية رسمية مثل الأزهر وهي معروفة بتبعيتها
المذلة للنظام التي تنازلت عن العداء التاريخي لاسرائيل او التصدي للطغيان الذي
تمارسه المؤسسة العسكرية ولكنها استمرت في شدة عدائها للشيعة بكافة تياراتهم بدون
أدنى ورع أو خجل او حتى مراعاة للرسالة الاسلامية التي تدعي حمل رايتها!.
إذا كان الرئيس مرسي متهم بالطائفية لفترة عام واحد بالسادات متهم بفترة
عقد من الزمن ومبارك بثلاثة عقود والسيسي لفترة غير معلومة ومن قبل المماليك لقرون
طويلة خلت!.