تهافت فكرة حزب اسلامي في الغرب!
نشوء فكرة حزب اسلامي في الدول الغربية او السعي
لتطبيقها،ليست جديدة كما يظن البعض،بل هي قديمة ومن ابرز الامثلة على عدم نجاحها
هي الحزب الاسلامي البريطاني الذي تأسس عام 1989 على يد مجموعة من المفكرين والمثقفين
المسلمين،ولكنه لم ينجح في جميع الانتخابات النيابية او حتى المحلية، رغم وجود اكثر
من 3 ملايين مسلم، وليس كما هو الحال في
استراليا حيث العدد اقل من مليون مع زيادة حجم التشتت وضعف الانتماء!...وفي
النهاية انتهت تلك التجربة النادرة عام 2006 بعد ان حل الحزب نفسه!.
ما العمل أذا؟!
الحل المثالي بأختصارهو اتباع الطريق اليهودي للهيمنة
والتأثير في امريكا كحالة مثالية تستدعي الدراسة والتحليل،او نسختها المصغرة والمأساوية
في العراق اي الطريقة التكريتية المتخلفة والمدمرة ولكن ليس بحالة الاستبداد المروع
والتدمير الشامل بل بطريقة حضارية مختلفة!.
الطريق اليهودي في امريكا:
في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ظهرت
مجموعات وعصب ثقافية من المثقفين اليهود والعرب في امريكا وتركز الاثنان في مدينة
نيويورك تحديدا!...ولكن الاختلاف بينهما هو ان اليهود كان انتاجهم الثقافي الادبي والعلمي
باللغة الانكليزية والتي هي اللغة السائدة في امريكا والعالم ولم يكن باللغة
العبرية الخاصة بهم! واندمجوا في المجتمع وفي النظام السياسي واشتركوا بكثافة في
الانتخابات،ودخلوا الحزبين الحاكمين معا وأنشاوا مجموعات ضغط متعددة استطاعت التحكم
بفروع النظام السياسي والاقتصادي والثقافي الامريكي،حتى اصبحت البلاد كاللعبة يتم
تداولها بين ايديهم الان!...في المقابل كانت العصبة الثقافية الادبية والعلمية العربية
التي ظهرت في نفس الوقت،ومن ابرز وجوهها جبران ونعيمة وابو ماضي وكامل الصباح وغيرهم،تمارس
نشاطاتها منعزلة عن المجتمع ومرتبطة بالمشرق ونتاجها منحصر باللغة العربية فقط!
مما انعدم تأثيرها بمرور الزمن في المهجر والمشرق ايضا!.
الطريق التكريتي للهيمنة على العراق!
كان مولود مخلص التكريتي احد ابرز وجوه النظام الملكي في
العراق وبدل ولائه السياسي عدة مرات من اجل غاية واحدة!...يعتبر مولود مخلص المؤسس
الاول لهذا الاتجاه من خلال عمله الدؤوب على انتشال تكريت والمناطق المجاورة من
الفقر والتخلف والهمجية المتحكمة بسلوكهم البدائي! وادخالهم في العمل الحكومي السياسي
والعسكري بشكل خاص ومكثف منذ بداية تأسيس الدولة ولغاية نهاية الاربعينيات! بدون
الاهتمام بنشر التعليم والوعي الثقافي بينهم لذلك استمرت حالة التخلف بينهم حتى
بعد سيطرتهم على مفاصل الدولة!...وللتذكير فقد شاعت اغلب وصاياه ونصائحه للتكارتة
الملخصة بضرورة الانتماء لجميع الاحزاب السياسية في العراق حتى تكون لهم الهيمنة والنفوذ
في حالة سيطرة اي حزب على الحكم في المستقبل بالاضافة الى الكليات العسكرية! ...ولذلك
رأينا ظهور عدد كبير من الضباط التكارتة بعد انقلاب 1963 في المشهد السياسي ثم
اكثر تأثيرا بعد انقلاب 1968 من نتاج الانتماء قبل بضعة عقود مضت!وكان ابناء مولود
مخلص مشاركون بفعالية ولكن احدهم وابناء عمومتهم اعدموا عام 1993 في قضية راجي
التكريتي على يد صدام التكريتي الذي وصل للحكم بفضل الوصايا الشيطانية لمولود مخلص
نفسه!.
الخلاصة!
لا يمكن العمل الشامل بمعزل عن المجتمعات الغربية خاصة
في ظل الحجم الضئيل للاقليات المسلمة،بل الحل هو تشجيع الجميع للمشاركة في العمل
السياسي المفتوح وبخاصة في الاحزاب الرئيسية ودخول جميع المجالات بلا قيود او حدود
حتى يصبح للجميع نفوذ مؤثر في جميع القضايا ويمكن رؤية نجاح وصول الافغانية فاطمة
بيمان عام 2022 عن حزب العمال لمجلس الشيوخ وهي التي جاءت لاستراليا عام 2003! ملتحقة
بأبيها الذي جاء عن طريق البحر بصورة غير قانونية قبلها!...وعليه وصول اكبر عدد من
ابناء الجاليات العربية او المسلمة الى المراكز القيادية او المؤثرة والتحالف مع
الجاليات الاخرى هو السبيل الوحيد للنجاة والاستمرار في العيش المشترك بدلا من تأسيس
تجمعات صغيرة معزولة عن غالبية المجتمع كحالة غيتوات اليهود في اوروبا قبل الحرب
العالمية الثانية! ولنا في التاريخ أسوة حسنة لاتباعها وأيضا سيئة لتجنبها!.